الفيلم الفلسطيني "اصطياد أشباح".. أن تشعر بدور المرأة الحقيقي في فيلم ذكوري
مقال رأي للزميلة سامية عايش، المتخصصة في التغطية السينمائية على موقع CNNArabic. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.
* تنويه: يحتوي هذا المقال على بعض المعلومات التي قد تكشف عن نهاية الفيلم.
مر عامان على إطلاق فيلم "اصطياد أشباح"، ولم تسنح لي أي فرصة بمشاهدته. عادة ما أهتم بأفلام السجون والاعتقال والأسر، لإحساسي الدائم أن بها بعدا عميقا لا نراه أو نفهمه نحن من نحظى بحريتنا. والسبب الآخر بالطبع هو أن هذا الفيلم وكما سمعت، يقدم السينما الوثائقية بشكل مختلف.
وأخيرا، وبعد مرور هاتين السنتين، أصبحت الفرصة متاحة لحضور هذا الفيلم. فضمن فعاليات مهرجان الأفلام الفرانكفونية في دبي، تم عرض الفيلم في سينما عقيل (لا يمكنني عند ذكر سينما عقيل والمبدعة خلفه بثينة كاظم إلا أن أشكر ربي على وجود مثل هذه العقول والأفكار الخلاقة المبدعة).
وكما قرأت وسمعت وشاهدت، كان الفيلم على مستوى آخر من الإبداع والروعة. فيلم يقدم لك معنى السجن والأسر والاحتلال والظلم، على لسان من عاشوه، ولكن بقالب تمثيلي كان مضحكا في آن، ومبكيا في آن آخر.. كثيرا.
رغم ضيق المكان، وسينما الموقع الواحد، حاز الفيلم بنجومه جميعا على انتباهي الكامل، ولكن ولأنني دائما أبحث عن ذلك المضمون المتعلق بالمرأة في أي فيلم أشاهده، خصوصا في السينما العربية، فقد كانت علامات الاستفهام تدور في رأسي..
أين المرأة الفلسطينية الأسيرة من كل ما أراه؟!
انتهى الفيلم ولم أر ذلك الضوء الذي كانت أبحث عنه: الفيلم كان ذكوريا بحتا! حاولت تقديم الأعذار لكونه فيلما مختلفا، ولكنني لم أفلح. قررت لوهلة أن أوقف ذلك الصراع في رأسي، وأعيد شريط الفيلم لأن عملا كهذا لا يمكن أن يكون فارغا من المرأة حتى ولو بإشارة صغيرة.
ولحسن الحظ أنني قمت بذلك...
ليس بالضرورة أن تظهر المرأة جسدا أو صوتا أو حضورا حقيقيا لتكون موجودة في هذه الأفلام، فرائد أنضوني، مخرج الفيلم، قدمها بشكل أفضل من ذلك.. قدمها بصورة عززت أهميتها كسيدة فلسطينية كانت دائما مع الرجل في الأسر وخارجه، وكانت أيضا، ولا زالت، مصدر الأمل بالنسبة له.
المرأة لرجال فيلم "اصطياد أشباح" ظهرت في أماكن ثلاث:
- رسمة جدارية المرأة الأم "الختيارة" التي ترتدي ثوبها الفلسطيني، وتغطي رأسها بمنديل أبيض، وتبتسم ابتسامة قد لا أنساها أنا شخصيا. إشارة من الفيلم أن ما رسمه الأسرى على جدران الحبس كان بالنسبة لهم دافعا وأملا كبيرا.
- الخطيبة التي إذا أشار أحد ما إليها، هب الشاب (خطيبها) الذي كان أسيرا، وغضب لخوفه عليها من أن يزج اسمها في حوارات حمقاء. الخطيبة التي لم نر صورتها، كانت حاضرة في رسائل الهاتف، وخيال الشاب. كانت الدافع له للأمل.
- الأسيرة الفلسطينية لينا خطاب، ابنة الأسير أبو عطا خطاب، التي تظهر في آخر الفيلم لتستكشف هذا السجن الذي بناه فريق العمل، وما إذا كان مشابها للسجن الذي قضت فيه بعض الوقت. لم تتحدث لينا كثيرا، ولكن نرى في عينيها أن كل ما مر به الشباب الأسرى خلال الفيلم، هو مشابه لما مرت به. فالفيلم لم ينتقص من المرأة الفلسطينية ومعاناتها في ظل الأسر، بل ترك للمشاهد أن يتخيل حجم الظلم الذي يمر به هؤلاء الأسرى بمن فيهم النساء، وكانت لينا خطاب مثالا.
هذا لا ينفي حقيقة أن هناك الكثير من الأفلام التي ظلمت النساء، ولم تكن عادلة باتجاههن من حيث الأدوار والظهور والمعالجة والصورة العامة، وبالتأكيد "اصطياد أشباح" ليس من بينها.