رأي: "قلبي اطمأن"... جهد جبار في فعل الخير ولكن...

نشر
4 دقائق قراءة
تقرير سامية عايش

مقال رأي للزميلة سامية عايش، المتخصصة في التغطية السينمائية والفنية على موقع CNNArabic. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

محتوى إعلاني

ليس من السهل أن تتحدث عن برنامج يحظى باهتمام الكثير من المشاهدين، فبرنامج "قلبي اطمأن"، الذي يقدم يوميا حالات إنسانية مختلفة من كل الدول العربية، حاز على إعجاب الناس في رمضان، لقدرته على زرع الخير في قلوب متابعيه وأذهانهم.

محتوى إعلاني

البرنامج يقدمه شاب إماراتي يعرف باسم "غيث"، يزور مدنا عربية مختلفة بحثا عن حالات إنسانية بحاجة للمساعدة، يقدم لها مساعدات مالية وعينية، لتعينهم على حياتهم الصعبة.

غيث لا يكشف عن هويته أو عن وجهه، فالكاميرا تصوره من الخلف، وأسلوب البرنامج بشكل عام يشبه "الكاميرا الخفية"، أي أن الضيوف لا يرون الكاميرا، ولا نعلم إن كانوا يدرون بوجودها من الأساس.

مرعبة تلك القصص التي يرويها البرنامج، عن أطفال حرموا من التعليم، وآخرون حرموا من الصحة، وغيرهم محروم من الوظائف. كل ما هم بحاجة له هو فسحة الأمل وفرصة.

أجمل ما في هذا البرنامج أن هدفه واضح: المساعدة وتقديم العون، وإرسال رسالة إلى المشاهدين بوجود حالات إنسانية كثيرة من ذوي الحاجة لزرع الخير في النفوس وتقديم المساعدة لمن هم من حولهم.

ولكن، مشكلتي مع هذا البرنامج هو في طريقة الطرح، وبالتحديد في إخفاء شخصية غيث، وإظهار شخصيات أبطال الحلقات اليومية.

إخفاء شخصية غيث يبعث في نفس المشاهد الرغبة في التعرف إلى هويته، وهذا قد يأخذ التركيز بعيدا في بعض الأحيان عن القصة المطروحة. في الوقت ذاته، أتساءل لماذا يترك أبطال الحلقات بهويات معروفة؟ وهل أصبحت مشاهدة تعابير الوجوه مصدرا للإثارة وجذب الانتباه لهذه البرامج؟ والسؤال الآخر يتعلق بمدى صعوبة وضع الحالة الإنسانية التي يعيشها بطل الحلقة.. فكلما زادت حالته سوءا، كلما زاد التعاطف، وزاد الاهتمام بالحلقة.

كنت أتمنى لو يتم التقديم بطريقة مختلفة، طريقة لا يقف فيها الضيف أمام غيث يحكي له قصته، ومن ثم يحصل على مساعدة مالية أو راتب لخمس سنوات، بل كنت أتمنى أن يكون تركيز البرنامج على حكايات بحاجة إلى تعلم مهارة معينة أو تقديم فرصة تدريب أو غيرها، ولا يكون للمال أي دور فيها.

القصص التي يحتاج أصحابها إلى مساعدات مالية أو علاجية من الممكن أن تتم بشكل سري من دون الحاجة إلى أن تكون لها أي حلقة مخصصة.

قد لا يعجب هذا الرأي الكثيرين، ولا تفهموني خطأ، فهذا البرنامج أفضل عندي بألف مرة من برامج تستخف بعقل المشاهد، وتقدم مقالب سخيفة لا تمتع المشاهدين حتى، فعلى الأقل هناك هدف نبيل يحمله هذا البرنامج، والجهد المبذول فيه كبير ويستحق الاحترام والتقدير.

كل ما في الأمر هو الرغبة في ألا تستهين هذه البرامج بعفة الإنسان، وعدم الانجرار خلف الإثارة الإعلامية، التي قد تستغل حاجة الناس ومعاناتهم، وربما من دون قصد، لجذب المشاهدات سواء على التلفاز أو على وسائل التواصل الاجتماعي.

جهود غيث والقائمين على البرنامج تحترم وتقدر، فهي تثبت أن في هذا العالم فسحة من الأمل لا تزال موجودة.

نشر
محتوى إعلاني