بوستر.. شارك في "الفيل الأزرق" و "كوكو شانيل" و "أميرة" … أحمد حافظ يتحدث عن "سحر المونتاج"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لاحظوا معي التالي: معظم المقالات الصحفية، والتقارير التلفزيونية التي تتحدث عن فيلم أو مسلسل جديد، يستضيف فيها الصحفي/ة أو الإعلامي/ة البطل أو البطلة، أو إما الكاتب/ة أو المخرج/ة. أمر اعتدنا عليها ربما لأن هذه الأسماء هي عادة ما تكون الأكثر شهرة، وبالتالي فهي تجتذب الزيارات والمشاهدات، ما يعني نجاحا كبيرا للمقال الصحفي، وأكاد أجزم أننا لو دققنا في المحتوى، سنجد فيه الكثير من السطحية وحب الأضواء، بعيدا عن المحتوى القيم والغني الذي يتناول أبعادا مهمة من العمل الفني.
في حلقة هذا الأسبوع من بوستر، أخذنا قرارا أن نبتعد عن هذا "الترند" قليلا، ولا نتبع أو نقلد محاولات الآخرين في جذب القراء من خلال أسماء المشاهير، فهدفنا في البرنامج أولا وأخيرا هو تسليط الضوء على التجارب السينمائية العربية بكل ما فيها، وأجد شخصيا أنه من المهم الحديث عن فرسان وفارسات يعملون خلف الكاميرا، حتى يخرج العمل بأبهى صورة.
وبعد لقاء ضيفي، المونتير المصري أحمد حافظ، تأكدنا أن هذا القرار كان سديدا، إذ أن الحوار تركز على الخبرة، والنظرة نحو الأفلام، والموقف من كل ما يجري حولنا والذي ينعكس على القصة والتقديم في الفيلم السينمائي أو المسلسل التلفزيوني.
في هذه السطور التالي، لن أعيد كتابة مقابلة أحمد حافظ، فأنا أشجعكم على مشاهدتها، لأن لديه شغفا بكل ما يقوم به، حتى أننا لو حاولنا نقل كلماته كما هي، فلن يكون الشغف بداخله واضحا في هذه الكلمات. سأنقل تجربة أحمد، وسأكتب ملاحظاتي عليها، علّ مهمة المونتير في الفيلم السينمائي أو المسلسل تصبح واحدة من الأحلام التي يرددها الشباب عندما يسألون: ماذا تحلم أن تكون في المستقبل!
بداية، دعونا نعرّف من هو المونتير… هو الشخص المسؤول عن تقطيع الفيلم بعد التصوير وفقا لنظرة المخرج، مع إجراء عمليات تعديل الألوان، وإضافة المؤثرات الصوتية والبصرية، وغيرها، وهي، كما يقول أحمد لنا، المهمة التي تقدم النسخة النهائية من الفيلم قبل العرض.
بالنسبة لي، لطالما كان المونتاج هو العملية التي يتم من خلالها صناعة الفيلم بشكل حقيقي. فيمكن لأي شخص أن يقوم بتصوير مقاطع طويلة، ولا يمكن أن نسميها فيلما إلا بعد تقطيعها وترتيبها وفقا لوجهة نظر القصة المكتوبة. فلا تستهينوا أبدا بهذه المهمة!
دخول أحمد حافظ عالم المونتاج كان بالصدفة. يقول لي إنه تعرف على هذا العالم خلال إحدى العطلات الصيفية، واكتشف هذا الشغف بداخله في تقطيع الفيديو، وحظي بتجربة للقيام بذلك مصادفة، ونجح فيها وأبهر كل من حوله، ومن هناك كانت البداية، ليبدأ بعده المشوار، ويقدم أعمالا مهمة مثل "الفيل الأزرق" و "اشتباك" و "في كل أسبوع يوم جمعة" ومؤخرا فيلم "أميرة" الذي عرض خلال فعاليات مهرجان البندقية السينمائي في عرضه العالمي الأول.
المتابع لهذه الأعمال يلمس فهما لطبيعة المكان والقصة في المونتاج، فالأمر هنا ليس فقط تقطيعا منظما فحسب، بل هو تقطيع وتوزيع فيما يخدم شكل القصة وهويتها. أعجبني المثل الذي قدمه حافظ خلال المقابلة بالقول: "في فيلم أميرة، كنا نحاول قدر المستطاع أن لا نقطع اللقطات، ونحافظ في نفس الوقت على الإيقاع، أما في فيلم اشتباك، حيث التصوير كله تم في مكان واحد، فكنا نحاول التحايل على فكرة الإيقاع وعدم الملل من خلال التقطيع المستمر في اللقطات".
ولم يتوقف أحمد حافظ عند التلفزيون والسينما، بل امتدت تجربته مؤخرا إلى المسرح، إذ قام بمونتاج مسرحية " كوكو شانيل" للنجمة شريهان. التجربة فيها الكثير من التحديات، خصوصا وأنه مهما حاول طاقم العمل إضفاء الإبهار عليها، ستبقى مسرحية في النهاية.
"كانت تجربة مخيفة"، هذا ما قاله حافظ. "مع كل الإبهار البصري، وحركة الكاميرات، والإضاءة وغيرها، حاولنا أن نحافظ على فكرة أنها مسرحية، كما أنها تحتوي على دراما، وتحتوي أيضا على موسيقى واستعراض، فهي تختلف عن كل المسرحيات التي اعتدنا على مشاهدتها."
أحمد حافظ أنهى اللقاء بالقول إن حلمه الوصول إلى العالمية، والمنافسة على مستوى أكبر، وأن يكون واحدا من صناع السينما الذي يمثلون العرب على المحافل الدولية. قد أختلف مع أحمد فيما يتعلق بالعالمية، فهي أصبحت مفهوما فضفاضا، يتناسى فيه كثيرون قيمة المحتوى الفني، وأرى أن الهدف الأسمى هو أن يخاطب العمل السينمائي أو التلفزيوني الشعوب الأقرب إليه والتي يتحدث باسمها ويحكي قصتها، لأن هذا العمل إن وصل إليهم، سيكون قد حقق الأثر المرجو. برأيي المتواضع، أحمد حافظ من خلال كل الأعمال التي شارك فيها حقق ذلك بالفعل.