تحليل: حماس عنوان الأزمة مع قطر.. وقطع العلاقة بالحركة قد يرتد على الجميع
لندن، بريطانيا (CNN) -- عندما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس قبل أشهر عن وثيقتها الجديدة اختارت العاصمة القطرية، الدوحة، لتخرج منها إلى العالم. الأمر لم يكن مفاجئا لمن يعرف مدى ارتباط حماس بقطر، فقد كانت البلاد مركزا للقيادي البارز فيها، خالد مشعل، وعدد أخر من كبار شخصيات الحركة.
ويقول اتش أي هيللير، الباحث غير المقيم لدى "أتلانتيك كاونسل" حول العلاقة بين الجانبين: "قطر مهمة جدا لحركة حماس فهي تؤمن لها وللأراضي الفلسطينية دعما ماليا مهما وهي أيضا توفر الملجأ للعديد من قادة الحركة."
ولكن الإشكال الأخير بين الدوحة وعواصم مجاورة على رأسها الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة، والذي وصل حد قطع العلاقات بسبب اتهامات لقطر بدعم جماعات متشددة بينها حماس وتنظيم الإخوان المسلمين وضع العلاقة تحت المجهر وجعلها في مهب الريح.
فبخلاف معظم الدول الغربية التي تضع حركة حماس على قوائم الإرهاب، فإن الدول العربية لا تعتبر الحركة تنظيما إرهابيا، وقد أوضح وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وجهة النظر هذه بقوله لقناة "روسيا اليوم" إن بلاده والدول العربية تنظر إلى حماس على أنها "حركة مقاومة مشروعة" مضيفا أن وجودها في الدوحة منسّق مع واشنطن والعديد من دول المنطقة ضمن جهود للوساطة بين القوى الفلسطينية.
حماس تحت الضغط
بالنسبة لحركة حماس، فإنها تعتبر نفسها اليوم تحت ضغط غير مبرر، وقد أوضح الناطق باسمها، فوزي برهوم، وجهة نظر الحركة في بيان أرسله لـCNN قال فيه: "دول الخليج تضغط على قطر لقطع العلاقات مع حركة مقاومة وهذا أمر غير مقبول ونحن نرفض هذا الضغط. نحن حركة مقاومة والعالم بأسره يشهد لنا بذلك."
وترى الحركة أنها تتعرض لما تعتبرها ضغوطات غير قابلة للتفسير خاصة مع وصول قيادة جديدة تتمثل في إسماعيل هنية، إضافة إلى تبني الميثاق الجديد. ورغم الاعتراضات الإسرائيلية التي رأت أن الميثاق يخلو من معطيات جديدة ولا يبدل موقف الحركة من "رفض قيام إسرائيل"، إلا أن الكثير من المراقبين رأوا فيه موقفا متقدما عبر الاعتراف بإمكانية قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
ويرى هيللير أن الدول التي تضغط على قطر بسبب ملف حماس حاليا تركز على أمرين اثنين، الأول أن حماس على صلة بجماعة الإخوان المسلمين التي باتت هدفا للسعودية والإمارات. أما الثاني فيرتبط بالرغبة في مخاطبة الجمهور الغربي والاستفادة من الاندفاعة التي وفرتها زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الرياض.
الرحيل من دمشق
قبل عام 2012، كانت حركة حماس تتخذ من العاصمة السورية دمشق مقرا لها، ولكن العلاقات بين الحركة والنظام السوري توترت مع انطلاق الثورة السورية لتقرر الحركة بعد ذلك الوقوف إلى جانب المعارضة السورية وقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد.
وقد ترتب على هذا القرار أثمان كبيرة بالنسبة للحركة كما يقول هيللير، ما دفع قطر إلى التدخل بنفسها وتوفير مقر لها. وفي خريف عام 2012 زار الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر السابق، قطاع غزة ليكون أول زعيم عربي أو دولي يزوره منذ سيطرة حركة حماس عليه، وشهدت تلك الفترة تزايدا كبيرا في نفوذ قطر بالمنطقة.
ولكن الدور القطري تعرض لضربة شديدة في الثالث من يوليو/تموز 2013، بعد عزل الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، وفقدان جماعة الإخوان المسلمين لمقاليد السلطة في القاهرة، ليتسلم الحكم بعد ذلك الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، الذي كانت له منذ البداية مواقف حادة تجاه حماس وقطر، وتلقت الحركة اتهامات بدعم النشاطات المسلحة في مصر من خلال الأنفاق، ووصلت العلاقات إلى درجة من السوء سمحت لبعض المحللين المصريين بالإشادة بالعملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014.
مستقبل العلاقة مع حماس
يرى هيللير أن قطر باتت تحت ضغط شديد قد يدفعها لإعادة النظر في العلاقة مع حماس، مضيفا: "يصعب تخيّل أن تتمكن قطر من الوقوف ضد هذا التحالف الصلب حولها وأتوقع أن يحاول البعض في قطر البحث عن تسوية." ويستطرد بالقول: "المشكلة أن حرارة المواجهة ارتفعت بسرعة شديدة بحيث لم يعد هناك فرصة لإجراءات تحفظ ماء الوجه وإذا قررت الدوحة الالتزام بالمطالب الموجهة إليها فستظهر بمظهر سيء دوليا."
ويقول محللون إن الإشارة الأولى للتهدئة بين قطر وجيرانها يجب أن تأتي عن طريق طرد قادة الحركة من الدوحة، وقد يبرز هنا دور تركيا أو السودان كدول مرشحة لاستضافة تلك القيادة على أراضيها.
ويؤكد برهوم أن قطر لم تطلب من قيادة حماس "حتى هذه اللحظة" المغادرة، ولكنه ألمح إلى أن الحركة موضع ترحيب "في الكثير من الدول" مضيفا: "لقد قمنا مؤخرا بانتخابات ونفكر في اتخاذ إجراءات جديدة. مقر قيادة حركة حماس قد يتغير بناء على قرار تتخذه القيادة نفسها."
ورغم أن أي قرار بقطع العلاقات بين الدوحة وحماس أو وقف الدعم المالي من قطر للحركة قد لا يعني أن الأخيرة ستتفكك أو تضمحل، خاصة وأنه قد سبق لها أن عاشت ظروفا صعبة في السابق، إلا أن الأمر سيضر بالوضع الإنساني في قطاع غزة الخاضع لسيطرة الحركة.
ويحذر السياسي الفلسطيني المستقل، مصطفى البرغوثي، من مخاطر قد تترتب على إجراء كهذا، بينها تراجع الوضع الإنساني في قطاع غزة وحصول تصدعات اجتماعية داخلية في القطاع تتيح ظهور تيارات متشددة في داخله، علاوة على قلقه من إمكانية أن تؤدي الخلافات العربية في نهاية المطاف إلى الإضرار بحلم الفلسطينيين بالحصول على دولتهم المستقلة.
- الإمارات
- السعودية
- قطر
- إسماعيل هنية
- الأزمة القطرية الخليجية
- الإخوان المسلمين
- الحكومة القطرية
- الشيخ تميم بن حمد
- حركة حماس
- خالد مشعل
- محاكمة الإخوان في الإمارات