رأي: السعودية تراهن على محمد بن سلمان لتعزيز مكانة المملكة على جميع الأصعدة

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: FAYEZ NURELDINE/AFP/Getty Images

مقال لديفيد أندلمان، عضو بمجلس المساهمين في صحيفة "USA Today"، هو مؤلف كتاب "السلام المحطم: فرساي 1919 والسعر الذي ندفعه اليوم." شغل سابقاً منصب مراسل أجنبي لصحيفة "نيويورك تايمز" وشبكة "CBS" الإخبارية. المقال يعبر عن رأيه كاتبه ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

محتوى إعلاني

(CNN)-- كان التوقيت مصادفة سعيدة. إذ بعد ثلاثة أسابيع من ترحيب العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، البالغ من العمر 81 عاماً، بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، البالغ من العمر 71 عاماً، بمراسم استقبالية كبيرة، ثم شاهد الأخير يتعثر عبر أوروبا - ولا سيما المصافحة التي كانت أقرب لمصارعة باليد مع رئيس فرنسا البالغ من العمر 39 عاماً - عيّن الملك السعودي ابنه البالغ من العمر 31 عاماً، الأمير محمد بن سلمان آل سعود إلى منصب ولي العهد وريث العرش.

محتوى إعلاني

الأمير محمد بن سلمان لن يكون أصغر وريث للعرش السعودي على الإطلاق فحسب، ولكنه سيكون أيضاً الحاكم الأول من الجيل الثالث بعد مؤسس المملكة الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود.

إن هذا التحول بين الأجيال كان مرغوباً فيه منذ فترة طويلة من قبل السكان الشباب في الدولة الذين شاهدوا بقلق متزايد انتقال السلطة من عاهل مسن إلى آخر.

لذلك فإن هذا الإجراء غير المسبوق - رغم أن المراقبين السعوديين لم يُفاجأوا بالكامل - له آثار حاسمة داخلياً وإقليمياً وعالمياً.

إن ما يحدث ليس فقط تحول في السلسلة الحاكمة، وإنما تعيين جيل جديد من القادة، ويأتي في الوقت الذي تتم فيه إعادة رسم خطوط القوة في جميع أنحاء المنطقة بسرعة وخطورة. إن ولي العهد الجديد مستعد بشكل فريد للحفاظ على قيادة السعودية في مواجهة جميع تحديات المملكة في الداخل والخارج.

ومعظم التحديات الوجودية الحقيقية للمملكة تأتي من بلدان أخرى - وخاصة من المنطقة المحيطة وعلى وجه التحديد من إيران، حيث صعّدت سلسلة القادة المسنين الشيعيين بشكل متزايد من مواجهاتها ضد العالم السني، بقيادة السعودية وشركائها العرب.

وحدد ولي العهد السعودي الجديد مهمة له بتعزيز العلاقات مع الزعماء السنيين في المنطقة، وخاصة زعماء الإمارات العربية المتحدة المجاورة، حيث الخلفاء المحتملين لرئاسة الدولة في الخمسينيات من عمرهم، ولكن أبدوا احتراماً كبيراً لولي العهد الجديد.

وقاد الأمير محمد بن سلمان الدعم السعودي للقوى المعادية للشيعة في الحرب الأهلية في اليمن المجاورة. إذ قد ترى المملكة العربية السعودية دولة يمنية شيعية يقودها الحوثيون - وتشاركها حدودها الصحراوية التي تمتد على 1.1 ألف ميل - باعتبارها تحدياً وجودياً آخر.

وكان اتفاق ترامب خلال زيارته الأخيرة لبيع أسلحة للسعودية بأكثر من 110 مليار دولار الآن، وقرابة 350 مليار دولار على مدى العقد المقبل، تحية ثناء إلى حد كبير لولي العهد وزيارته التي لم يسبق لها مثيل لواشنطن.

وهناك (في واشنطن)، أنشأ محمد بن سلمان علاقة مع صهر ترامب البالغ من العمر 36 عاماً، جاريد كوشنر، والذي يبدو أنه مقرب من السلطة في أمريكا.

قرار تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد لم يكن حركة "عباءة وخنجر" من قبل مجلس البيعة، والمكون من 34 عضواً من أفراد العائلة المالكة السعودية --أبناء أو أحفاد الملك – الذي يُصادق على اختيار حاكم الدولة.

قال لي أحد أعضاء هذه الهيئة منذ وقت ليس ببعيد إنه نادرا ما يكون هناك أي معارضة رئيسية – وإنه تُجرى مناقشات مكثفة تجرى انعقاد المجموعة الكاملة ما يؤدي حتماً إلى توافق في الآراء، والذي سعى إليه العاهل الحاكم طوال الوقت.

ومما لا شك فيه أن تعيين محمد بن سلمان سيكون موضع ترحيب من قبل العديد من الشباب السعوديين، ولا سيما النساء، اللاتي طالما رأين أنهن أقلية محرومة ومهملة.

وبينما يُقال إن ولي العهد الجديد يفهم الحاجة إلى التحرك ببطء فيما يتعلق بالمبادرات الثورية الحقيقية مثل السماح للمرأة بالقيادة، فقد أعرب عن رغبته في مشاركة المزيد من النساء في القوى العاملة، وحتى في المناصب القيادية. وقال في أبريل/ نيسان 2016: "إن المجتمع ما زال غير مقتنع بقيادة المرأة، ويعتقد أن هناك عواقب سلبية للغاية إذا سُمح للنساء بالقيادة،" مضيفاً: "هذا أمر متروك للمجتمع السعودي، ولا يمكننا فرض شيء لا يريده."

ويدرك ولي العهد تماماً التحديات المالية والاجتماعية التي تواجهه ومملكته. فهو الذي دفع خطة طرح جزء من شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، لتأكيد وجود قاعدة رأسمالية مع استمرار انخفاض أسعار النفط.

ما يبدو أن السعودية والمنطقة تريدانه هو شخص يستطيع أن يكفل مستقبل هذه الأمة الرئيسية في منطقة متقلبة باستمرار - ويعزز العلاقات مع السلطات الغربية التي تحتاجها في ركنها، ولا سيما الولايات المتحدة، وخاصة نظراً لعرض كبير من الأسلحة.

الآن يبدو أن السعودية لديها كلا الأمرين، بوريث عرشها الجديد. والأمر متروك الآن للولايات المتحدة وترامب لفهم أفضل طريقة للتعامل مع حاكم يبلغ نصف عمره تقريباً.

نشر
محتوى إعلاني