رأي: بعد 16 عاما على هجمات سبتمبر.. خطر تفريخ الإرهاب مجددا قائم
مقال بقلم بيتر بيرغن، محلل شؤون الأمن القومي لدى CNN ونائب رئيس مركز "أمريكا الجديدة" للأبحاث ومؤلف كتاب "الولايات المتحدة الجهادية: من هم الإرهابيون المحليون بأمريكا وكيف نوقفهم؟".
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- بعد ستة عشر عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر بات لدينا الكثير من الأخبار الجيدة حول الحرب على الجهاديين الإرهابيين. الولايات المتحدة لم تشهد أي هجوم ناجح من قبل إرهابيين منظمة إرهابية أجنبية منذ الضربة التي نفذها تنظيم القاعدة آنذاك ضد البنتاغون ومركز التجارة العالمي.
الخلية المركزية للقاعدة في أفغانستان وباكستان لم تتمكن من تنفيذ أي هجوم ناجح في الغرب منذ التفجيرات الانتحارية التي استهدفت خطوط المواصلات بالعاصمة البريطانية لندن عام 2005، والتي أدت آنذاك إلى مقتل 52 شخصا.
التنظيمات الإرهابية التي قفزت إلى الساحة بعد التراجعات التي شهدها تنظيم القاعدة ليست بحال أفضل. تنظيم داعش مثلا بات بحكم المنهزم إلى حد كبير بعدما خسر مدينة الموصل، معقله في العراق، وجزء كبير من مدينة الرقة، معقله في سوريا. قوات التحالف الدولي قتلت ما بين 60 إلى 70 ألفا من عناصر داعش، وفقا لتقديرات قائد العمليات الخاصة الأمريكية، الجنرال ريموند توماس.
وفي الإطار عينه، قال بريت ماكغيرك، مبعوث واشنطن إلى التحالف الدولي المناهض لداعش، إن التنظيم الإرهابي خسر سيطرته على أكثر من ثلاثة أرباع المناطق التي كانت تخضع له في العراق، إلى جانب أكثر من نصف مناطقه في سوريا.
خطر الإرهابيين العائدين إلى أمريكا بعد القتال في صفوف داعش يبقى منخفضا مقارنة بأوروبا، فوفقا للإحصائيات الرسمية الأمريكية لم يزد عدد الأمريكيين العائدين من مناطق القتال في العراق وسوريا عن السبعة، ولم ينخرط أحد منهم في أعمال إرهابية.
هذه هي الأخبار الجيدة. ولكن هناك أيضا العديد من المسارات المقلقة، فمنذ عام 2014 شهدت أمريكا ست هجمات إرهابية قاتلة أدت لمصرع 74 شخصا. هذه الهجمات كانت من تنفيذ مواطنين أمريكيين أو أشخاص يحملون وثائق إقامة دائمة في أمريكا ولم تكن على يد جهاديين أجانب كما في هجمات سبتمبر. المهاجمون تعرضوا لتأثيرات دعاية داعش عبر الانترنت ولم يكونوا أبدا على اتصال مباشر مع التنظيم.
معظم الإرهابيين في أمريكا اليوم تعرضوا للأفكار المتشددة عبر الانترنت، فمن بين 129 أمريكا انضموا أو حاولوا الانضمام لتنظيمات متشددة في سوريا والعراق أو ساعدوا من حاولوا الانضمام إليها اتضح أن عدد الذين حمّلوا فيديوهات ومواد دعائية متشددة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصل إلى 101، وفقا لبحث أجراه مركز "أمريكا الجديدة" للأبحاث.
أشكال أخرى من العنف السياسي بأمريكا
الإرهاب في الولايات المتحدة لا يقتصر على الجهاديين فحسب، فمنذ هجمات 11 سبتمبر قتل عناصر تحركهم الأفكار اليمينية المتشددة 68 شخصا في أمريكا، في حين قتل متأثرون بالأفكار الخاصة بالمتشددين السود ثمانية أشخاص، وفقا لمركز "أمريكا الجديدة."
دوافع الإرهاب
رغم أن داعش بات تنظيما مهزوما إلى حد كبير غير أن الظروف التي سمحت بظهوره مازالت قائمة بشكل واضح، بما في ذلك الحرب الأهلية الإقليمية في الشرق الأوسط بين السنة والشيعة التي استنفدت مقدرات العراق وسوريا واليمن، إلى جانب الضعف الهائل الذي أصاب حكومات المنطقة والتزايد السكاني الكبير على امتداد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كل العوامل السابقة أدت إلى موجات كبيرة من الهجرات لمسلمين باتجاه أوروبا. المهاجرون يصلون حاليا إلى دول يعاني المسلمون فيها من التهميش، كما أن حجم موجة الهجرة أدى إلى الصعود الأخير الملحوظ لليمين المتطرف الأوروبي. هذا التطور قد يكون له تداعيات خطيرة إذ قد يدفع بعض المسلمين نحو تبني الأفكار المتشددة.
هذه العوامل المعززة للتوجهات الجهادية قد تؤشر إلى إمكانية أن يشهد العالم ولادة إطار جديد يخلف داعش خلال الأعوام المقبلة.
ورغم الضربات التي تلقاها تنظيم داعش في المنطقة، إلا أن الفرع السوري من تنظيم القاعدة يُظهر حتى الآن مقدارا كبيرا من الصلابة، ولا يُستبعد أن يندمج جزء من داعش مع تنظيم القاعدة في سوريا خلال الفترة المقبلة، إذ أن التنظيمين انفصلا عمليا عام 2014.
تنظيم القاعدة الأم حاليا يبدو وكأنه يحاول تحضير حمزة بن لادن، نجل مؤسسه أسامة بن لادن، لتولي مهام قيادية. حمزة مازال في نهاية العقد الثاني من عمره، ومع ذلك فقد ظهر في عدة تسجيلات فيديو دعائية للتنظيم خلال السنوات الماضية.
الصلابة التي يُظهرها تنظيم القاعدة في سوريا من جهة، واستمرار الظروف الكفيلة بتوليد الإرهاب العالمي من جهة أخرى يوحيان بأن الحرب العالمية ضد الإرهاب، والتي بدأت قبل قرابة عقد ونصف من الزمن، ستستمر لسنوات عديدة مقبلة قبل أن تخمد.
- أمريكا
- العراق
- سوريا
- أسامة بن لادن
- الجيش الأمريكي
- الجيش العراقي
- القاعدة بالعراق
- تنظيم القاعدة
- تنظيم القاعدة في اليمن
- جهاديون أجانب في سوريا
- داعش