عهد التميمي.. "بطلة" عند البعض و"مثيرة للمتاعب" بالنسبة لآخرين

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: afp/getty images

القدس (CNN) -- يصعب ألا تتمكن من التعرف بسرعة على الفتاة الفلسطينية، عهد التميمي، يمكن مشاهدة شعرها الناري في العديد من مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية التي تُظهرها وهي تواجه الجنود الإسرائيليين بالقرب من منزلها في قرية النبي صالح بالضفة الغربية.

محتوى إعلاني

التسجيل الأخير للفتاة البالغة من العمر 16 عاماً، يظهرها وهي تلكم جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح خلال وجوده على  ممتلكات أسرتها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وصرخت التميمي في وجه الجندي قائلة "أخرج، وإلا لكمتك!"، في حين يدفعها الجندي بعيدا عنه.

محتوى إعلاني

انتشر مقطع الفيديو في جميع أرجاء المنطقة وخارجها، وقامت "محكمة الرأي العام" الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت بمراجعتها كما تفعل عادة مع أمور مشابهة.

وأظهر الفيديو عهد "بطلة ملهمة ورمزا دوليا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي،" بالنسبة لمؤيدي. وعلى النقيض تماما، ركز العديد من الإسرائيليين على سلوك الجنود، وأشاد البعض منهم بضبطه لنفسه؛ وقال آخرون بأنه "أظهر ضعفها،" بينما انتقد البعض نشر الفيديو برمته.

ويطلق البعض على عهد اسم "شيرلي تيمبر"، تيمنا باسم الممثلة الأمريكية التي كانت تمتلك بدورها شعرا طويلا ومجعدا، ويتهمها خصومها بأنها أعدت بعناية لظهورها الإعلامي المتكرر في المواجهات لاستخدام الأمر كمادة ترويجية لصالح الفلسطينيين.

وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نافتالى بينيت، قال إن على السلطات "حبس عهد ورمي المفتاح". بينما أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بضبط الجندي لنفسه، مضيفاً تحذيراً لكل من يهاجم الجيش.

وأضاف ليبرمان للصحافيين "كل من يتجاوز في ممارساته نهارا سيُقبض عليه ليلاً، ليس فقط الفتيات والأهل، وإنما من يحيط بهم أيضا ولن يفلت أحد من العقاب."

وداهمت القوات الإسرائيلية بعد ذلك بأيام منزل التميمي، خلال ساعات الصباح الأولى، وأوقفت الفتاة الفلسطينية. وقام الجيش بتصوير الاعتقال ونشر الفيديو على الإنترنت. وأوقفت والدة عهد وابنة عمها في وقت لاحق. وسرعان ما نمت الاحتجاجات ضد احتجازها.

وظهرت صور جدارية للمراهقة في غزة، وكذلك على الساحل في مدينة تل أبيب، وكتب على الجدران باللغة العبرية "عهد التميمي بطلة، و" عهد التميمي، نحن نحبك". وعلى بعد ألفي ميل، في لندن، بدأت محطات الحافلات تظهر الملصقات مع صورة منمقة من الفيديو، جنباً إلى جنب مع رسالة "الحرية لعهد التميمي."

الصورة كانت بسيطة وصادمة في آن. فتاة بسن المراهقة تقف بمواجهة جندي يفوقها حجما بكثير. وحاء في إحدى منشورات الإعلام الإلكتروني الإسرائيلي "لوكيل كول" عبر موقع +972 شبّه المواجهة بما دار بين النبي داود والعملاق جالوت. لكن بعض النقّاد رأى أن هذا هو بالضبط ما يريد البعض لك أن تراه.

النقاد لفتوا إلى أن عائلة التميمي معروفة بنشاطها، وتشارك بانتظام بمظاهرات يوم الجمعة ضد الجنود الإسرائيليين في قريتها. وغالبا ما تتحول المظاهرات إلى اشتباكات مع القوات الإسرائيلية. ويتم تصوير الأحداث ومن ثم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أكسب عهد وعائلتها شهرة على الإنترنت.

ومن المؤكد أن عهد قد عُرفت عالميا منذ عدة سنوات، وجاء ظهورها الأول أمام الإعلام في عام 2012، عندما صورت لها صورة مع قبضة مشدودة وهي وتحدق بجندي إسرائيلي، وانتشرت بشكل واسع. واستضافها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيا، حيث حصلت على جائزة للشجاعة. واستمر نجمها في الارتفاع في عام 2015 عندما ظهر شريط فيديو لها وهي تعض وتضرب جنودا إسرائيليين ملثمين كانوا قد أمسكوا بشقيقها البالغ من العمر 12 عاما.

ولكن نشاط عهد قد كلفها، حيث وجهت المحكمة الإسرائيلية لها 12 تهمة - بما في ذلك الاعتداء المشدد على جندي، والتحريض، وعرقلة جندي في أداء واجبه، وتهديد جندي، ورمي الحجارة على القوات.

ناريمان التميمي – والدة عهد- تواجه تهمة التحريض أيضاً.

Credit: afp/getty images

وقال محامي عهد، غابي لاسكي لشبكة CNN، إن "القضية أخذت أكبر بكثير من حجمها"، مضيفاً "أن المحكمة العسكرية بالغت في لائحة الاتهام من خلال النظر في الحوادث التي وقعت في السنوات الماضية والحكم عليها"، مضيفا: "هذا لا يظهر الجانب الآخر، كما لو كان سلوكها قد حدث في بيئة معقّمة دون الأخذ بعين الاعتبار وجود احتلال".

وعلق مروان البرغوثي، وهو سجين رفيع المستوى يتمتع بدعم كبير بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، على وضع عهد التميمي في رسالة نشرتها زوجته على "فيسبوك".

وقالت رسالة البرغوثي: "لم تقتصر آلامي على الطفلة التميمي المحتجزة في السجون الإسرائيلية، بل على كل جيلها، الذي يعتبر أكثر الأجيال الفلسطينية شجاعة، وهو يقدم نموذجا للتضحية والفداء".

وقال السياسي الفلسطيني البارز مصطفى البرغوثي "إذا أدينت عهد فقد تسجن لسنوات" ولكنه شدد على أن سجنها سيكون له تداعيات، مضيفا لشبكة CNN: "عهد التميمي تجسد روح المقاومة السلمية والتي تتزايد في الأراضي الفلسطينية بسبب الاحتلال".

وتابع البرغوثي بالقول: "إذا وضعوا عهد في السجن لفترة طويلة، فسوف يدمروا طفولتها، ولكن ذلك سيبعث برسالة قوية جدا للفلسطينيين وسيضر بصورة إسرائيل دولياً".

نشر
محتوى إعلاني