رأي: فرنسا تستطيع التوسط بين إيران والسعودية خلال زيارة ولي العهد السعودي لباريس
هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى باريس، الأحد في آخر محطة له في جولته الغربية، حيث من المتوقع أن تستمر زيارته للعاصمة الفرنسية يومين. باريس معروفة بأنها مدينة الحب، وقد يغلب الطابع الثقافي على زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، بعد أن غلب الطابع السياسي على زيارته إلى بريطانيا والطابع الاقتصادي على زيارته إلى الولايات المتحدة.
وفي رأيي فإن جولة الأمير محمد بن سلمان التي بدأت في مصر تؤكد على احترامه لهذا البلد العربي والإسلامي الهام، والتي انطلق منها لزيارة دول غربية هامة لجمع التأييد الذي يحتاج إليه باعتباره سيكون الملك القادم للسعودية وليؤكد لقادة العالم على قدرته على متابعة حملة الإصلاحات الواسعة التي تسير بسرعة وعلى تحقيق التغييرات التي خطط لها في المملكة.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتعرض لضغوط داخلية بسبب صفقات الأسلحة مع السعودية بسبب حرب اليمن وهو متردد أيضاً بخصوص الموقف الأمريكي من الاتفاقية النووية مع إيران، والتي تبدو معرضة للخطر. فجميع الدلائل تشير إلى أن التغييرات التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إدارته بإقالة ماكماستر وتعيين جون بولتون عوضاً عنه كمستشار للأمن القومي، وكذلك استبدال وزير الخارجية ريكس تيلرسون بمدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق مايك بومبيو، يريد أن يبث الرعب في النظام الإيراني.
وقد بدأت بعض آثار تلك المؤشرات تظهر في السوق الإيرانية بالفعل، حيث انخفض سعر التومان (العملة الإيرانية) أمام الدولار مؤخراً إلى درجة كبيرة، دون أن يقدم المسؤولون تفسيرات لذلك. لكن من الواضح أن السبب يعود إلى تخوف السوق والناس في إيران من قرار الرئيس ترامب المتعلق بالاتفاقية النووية مع إيران، وعدم معرفة ما إذا كان سيبقى ملتزماً بها أم أنه سيقرر إلغاءها في 12 مايو، مع أن كثير من الإيرانيين يعتقدون أن ترامب سيعلن على الأرجح عن انسحاب بلاده من الاتفاقية.
وبالتأكيد فإن الأمير محمد بن سلمان لن يتردد في التعبير عن رأيه علناً حول الاتفاقية النووية مع إيران، حيث أنه انتقد الاتفاقية عدة مرات خلال جولته الدولية وشجع دول العالم على إلغاء الاتفاقية بسبب السياسية الإقليمية الإيرانية.
ويقول ولي العهد السعودي إن الاتفاقية لم تساعد على تغيير سلوك إيران، كما أن طهران استغلت الاتفاقية لتوسيع تدخلاتها ونفوذها الإقليمي، وأنفقت الأموال التي عادت إليها بسبب الاتفاقية لتسليح الميليشيات الإقليمية الموالية لها وفي زعزعة استقرار المنطقة بدلاً من إنفاقها على تحسين أوضاع الإيرانيين واقتصاد البلد.
ومن هذه الناحية، يمكن القول إن الشعب الإيراني نفسه يتفق مع ولي العهد السعودي، وكانوا قد عبروا عن إحباطهم في الاحتجاجات العفوية التي انطلقت ضد النظام في شتى أنحاء إيران في شهر يناير. تلك المظاهرات أظهرت أن أبناء الشعب الإيراني ليسوا معجبين كثيراً بالاتفاقية النووية لأنهم لم يلاحظوا أي تغييرات حقيقية في حياتهم، وما يجعلهم أكثر قلقاً هو عدم وضوح مستقبل إيران ما بعد الاتفاقية النووية.
ولكن بالعودة إلى موضوع زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باريس كآخر محطة غربية له قبل العودة إلى بلاده، فإن الرئيس الفرنسي معروف بتأييده للاتفاقية النووية الإيرانية ويمثل وجهة النظر الأوروبية التي ترى أن الاتفاقية هامة وتختلف عن وجهة النظر الأمريكية في هذا المجال. ومن المتوقع أن يحاول الرئيس الفرنسي إقناع ولي العهد السعودي بتغيير وجهة نظره حول الاتفاقية النووية مع إيران والتحدث مع إدارة ترامب حول الأمر قبل 12 مايو. ومن المهم أن نرى ما إذا كان الرئيس الفرنسي سيتمكن من إقناع ولي العهد السعودي بقبول وساطة فرنسية مع إيران، تماماً مثل ما قبل بوساطة الرئيس ماكرون خلال أزمة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.