حكومة الرزاز تنال الثقة.. لماذا قفز مواطن من شرفة البرلمان؟
عمان، الأردن (CNN)-- حازت حكومة رئيس الوزراء الأردني الجديد عمر الرزاز، الخميس، على تصويت الثقة من البرلمان، بعد أسبوع من مناقشات البيان الوزاري شارك فيها على مدار 5 أيام 120 نائبا من أصل 130 يشكلون العدد الكلي لأعضاء المجلس.
وحصل الرزاز الذي كلّف بتشكيل الحكومة على وقع احتجاجات شعبية ضد قرارات اقتصادية في يونيو/ حزيران الماضي، على 79 صوتا بالثقة، مقابل حجب 42 نائبا، فيما أعلن نائبان اثنان امتناعهما عن التصويت وغاب 6 نواب عن الجلسة، بحسب ما أعلن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة رسميا.
وغاب الرزاز شخصيا عن لحظة إعلان نتيجة التصويت رسميا، رغم إلقائه بيان للرد على مداخلات النواب على البيان الوزاري الذي طرحه لنيل الثقة قبل أسبوع، لنحو ساعة من الزمن تعهد فيه بـ"التأسيس لعقد اجتماعي جديد قائم على ترجمة مبادئ الدستور في ظل البيعة الهاشمية"، كما تعهد بمحاربة الفساد قائلا: "لا حماية لفاسد ولا أحد فوق القانون".
وتغيب الرزاز عن لحظة إعلان التصويت، بسبب دخول أحد المواطنين الأردنيين شرفات البرلمان ومحاولة القفز عنها إلى أرضية مقاعد النواب وسط محاولات الأمن الأردني ثنيه عن ذلك، فيما اعتبر البعض أنها "محاولة انتحار"، لكنه قال بصوت مرتفع إنه يطلب لقاء رئيس الوزراء فما كان منه إلا ترك منصة الحديث والتوجه نحوه للحديث معه والخروج به خارج القبة.
وأكدت مصادر مطلعة في البرلمان لـCNN بالعربية، أن المواطن الأردني، جاء طلبا للحصول على "تعيين في وظيفة" بسبب تعطله عن العمل.
وشهدت عملية التصويت مفارقات عديدة على مستوى حاجبي ومانحي الثقة بصورة غير تقليدية بحسب مراقبين، اعتبروا أن عودة الجزء الأكبر من الفريق الحكومي السابق انعكس على مؤشرات التصويت، إلى جانب تمسك البرلمان بموقف موارب تجاه الحكومة ورئيسها الذي نال "شعبية جماهيرية" في الشارع.
وقال عمرو النوايسة مدير برنامج راصد لمراقبة الانتخابات في مركز راصد الأردني، في تصريح لـCNN بالعربية، إن ما حصل عليه الرزاز يندرج ضمن التوقعات، وأضاف: "لقد شكل البيان الوزاري الأول سببا لكثير من النواب لحجب الثقة لما اعتبروه بيانا غير شمولي للقضايا الداخلية والخارجية، النتيجة ضمن المعقول فهو أيضا لا يرغب بثقة عالية حتى لا يتحمل العبء الأكبر من المسؤولية المترتبة على المرحلة المقبلة."
ولفت النوايسة إلى أن النائب الأردني محمد الرياطي الذي لم يمنح الثقة لحكومة سابقة قط، قد منح الثقة هذه المرة لحكومة الرزاز، استجابة لمزاج شعبي لدى ناخبيه، بحسب ما أعلن مسبقا.
وكان الرزاز قد أشار في حديثه الأخير في الجلسة، إلى أن المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة لوحدها في قيادة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن هناك تشاركية بين المجلس والحكومة والإعلام والسلطة القضائية والأجهزة الأمنية والعسكرية.
ولفت الرزاز مسامع الأردنيين، في مداخلته التي تطرق فيها إلى رؤساء حكومات سابقين من أمثال وصفي التل وهزاع المجالي، مقتبسا عبارات من رسالة سابقة لوالده منيف الرزاز الذي كان أحد رموز القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، قد وجهها إلى شقيقه الروائي مؤنس عندما كان في حالة "يأس"، على حد وصفه.
ومن بين الطرائف التي وردت على لسان الرزاز، دعوته لشاب أردني عرف بـ"قتيبة" إلى البقاء في البلاد والتراجع عن الهجرة للمشاركة في مسيرة الإصلاح، حيث كان رد عليه في تغريدة سابقة عبر حسابه الرسمي على تويتر، عندما سأله قتيبة يوم تكليفه بتشكيل الحكومة إن كان عليه البقاء أم الهجرة بعد موجة الاحتجاجات الشعبية ضد قرارات متعلقة بزيادات ضريبية.
وخالف بعض النواب توقعات المراقبين بالتصويت، من بينهم نواب ما يعرف بأنصار تيار الدولة المدنية من بينهم خالد رمضان وقيس زيادين، فيما صوتت كتلة الاصلاح النيابية المعارضة المحسوبة على حزب جبهة العمل الإسلامي في البلاد بالحجب، رغم عدم توجيهها خطابات مناهضة لحكومة الرزاز، بخلاف حكومات سابقة.
وقالت النائب ديمة طهبوب عن كتلة الاصلاح لـCNN بالعربية، إن حجب الثقة من الكتلة (14 نائبا) جاء لعدم رد الرزاز على 20 مطلبا سابقا قدمت له بعد تكليفه، من بينها مطالب متعلقة بالإصلاح السياسي كقانون الانتخاب الذي لم يأت على ذكره.
إلا أن طهبوب أكدت أيضا، أن العلاقة مع هذه الحكومة "تتسم بالإيجابية" بخلاف الحكومة والحكومات السابقة، حيث وعدت الكتلة في لقاء الرزاز الاستباقي معها قبل أيام، بالوقوف إلى جانبه "ومساندته" في حال محاربته للفساد وتحقيق إصلاحات جدية، معتبرة أن العلاقة في التصويت هي واحدة من المفاصل مع الحكومة وليست "المفصل النهائي".
وكان مهندس التيار المدني في البرلمان النائب رمضان، قد أصدر بيانات سابقة ليوم التصويت وصف فيها الحديث عن "عقد اجتماعي جديد" بأنه "تزييف للوعي ووعي زائف"، متسائلا عن الجهة المخولة في البلاد "بإنجاز أطروحة العقد الاجتماعي الأردني الجديد، وهل ستكون النخب السياسية التي ساهمت في تخريب العقد الاجتماعي السابق، أم النخب الصحفية المتخبطة أم حركات الاسلام السياسي المتهمة بتغليب الشأن الاسلامي على الشأن المحلي؟".
وقال الرزاز في رده على النواب، إن العقد الاجتماعي ليس مخالفا للدستور وقد ورد في كتاب التكليف الملكي له، وأن المفهوم الذي يعنيه هو مفهوم "وطني" والمواطن شريك أساسي فيه، وقائم على مواءمة التشريعات الأردنية النافذة مع روح الدستور الأردني.
وتطرق الرزاز إلى قضايا جدلية أثيرت خلال المناقشات، من بينها موقف الحكومة مما بات يسمى "بصفقة القرن". وقال إن "كل ما يقال حول صفقة القرن أو الوطن البديل وما يخرج علينا من مفاهيم، يتبخر أمام الثوابت الأردنية والأردن هو الأقرب لفلسطين."