نص خطاب بومبيو في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: مصر أرض الكفاح
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعادت السفارة الأمريكية في القاهرة عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، الجمعة، نشر نص خطاب وزير الخارجية مايك بومبيو الذي ألقاه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة خلال زيارته إلى مصر.
وخلال زيارته إلى القاهرة، الخميس، التقى بومبيو مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره المصري سامح شكري وعدد من المسؤولين.
وفيما يلي نص الكلمة:
"وزارة الخارجية الأمريكية
مكتب المتحدث الرسمي
للنشر الفوري
كلمة
10 يناير/ كانون الثاني 2019
الجامعة الأمريكية في القاهرة
القاهرة، مصر
الوزير بومبيو: شكرا لك، فرانك. شكرا لفرانك ريكياردون، وشكرا مرّة أخرى للخدمة التي تقدّمها لأمريكا، بالإضافة إلى الواجبات التي تؤديها هنا.
لقد كان من حسن حظي أن أزور مصر والشرق الأوسط أكثر من مرّة كوزير للخارجية. وقد سبق أن كنت هنا مرارا أيضا خلال عملي السابق كمدير لوكالة المخابرات المركزية، وقبلها كعضو في الكونغرس. في كل مرة آتي إلى هنا، أرى شيئًا جديدًا، شيئًا رائعًا.
ولكن هذه الرحلة بالذات لها مغزى خاص بالنسبة لي كمسيحي من الكنيسة الإنجيلية، فهي تأتي بعد وقت قصير من احتفالات عيد الميلاد في الكنيسة القبطية. هذا هو الوقت المهم. نحن جميعاً أبناء إبراهيم: مسيحيون، مسلمون، ويهود. في مكتبي، أحتفظ بالكتاب المقدس على مكتبي مفتوحا ليذكرني بالله وكلمته، وبالحقيقة.
والحقيقة هي ما أنا بصدد الحديث عنه هنا اليوم. إنها حقيقة لا يتمّ الحديث عنها كثيرا في هذا الجزء من العالم، ولكن لأني رجل ذو خلفية عسكرية، سأكون صريحًا ومباشرًا اليوم: إن أمريكا هو قوة للخير في الشرق الأوسط.
ونحن بحاجة إلى الاعتراف بهذه الحقيقة، لأنه إذا لم نفعل، فإننا نتخذ خيارات سيئة – الآن وفي المستقبل. وخياراتنا، الخيارات التي نتخذها اليوم لها نتائج بالنسبة للدول، وللملايين والملايين من البشر، من أجل سلامتنا، من أجل رخائنا الاقتصادي، ومن أجل حرياتنا الشخصية وحريات أطفالنا.
وليس ثمّة مكان أفضل من المكان الذي أقف فيه اليوم لإجراء هذه المناقشة في الجامعة الأمريكية، هنا، في القاهرة الجميلة. وكما قال فرانك، يصادف هذا العام مرور 100 عام على تأسيس هذه المؤسسة التعليمية. ولكن الجامعة الأمريكية بالقاهرة أكثر من مجرد جامعة. إنها رمز مهمّ لصداقة أمريكا مع مصر وما يجمع شعبينا معا. لقد أنشأنا معًا مكانًا حديثًا للتعلم في وسط حضارة قديمة لها تاريخها الغني بالفنانين والشعراء والمفكرين.
لقد كانت مصر دائما أرض الكفاح. ومع ذلك، في بعض الأحيان، كانت تطلعاتكم وآمالكم وآمال إخوانكم في الشرق الأوسط تبدو وكأنها مستحيلة التحقق. وشهدت هذه الأراضي هزّات قوية من تونس العاصمة إلى طهران، حيث انهارت الأنظمة القديمة وناضلت أنظمة جديدة للظهور. وهذا ما حدث هنا أيضًا.
في تلك اللحظة الحرجة، كانت أمريكا، صديقكم القديم، غائبة أكثر من اللازم. لماذا ا؟ لأن قادتنا أخطأوا في تفسير تاريخنا وفي قراءة لحظتكم التاريخية تلك. وقد أثّر سوء التفاهم الأساسي هذا، الذي بدأ في هذه المدينة عام 2009، تأثيراً سلبياً على حياة مئات الملايين من الناس في مصر وفي جميع أنحاء المنطقة.
تذكروا: لقد وقف أمامكم في هذه المدينة بالذات قبلي أمريكي آخر، وأخبركم أن الإرهاب الإسلامي المتطرف لا ينبع من أيديولوجية.
وأخبركم أن 11 أيلول/سبتمبر قد قاد بلدي للتخلي عن مثلها العليا، ولا سيما في الشرق الأوسط.
وقال لكم إن الولايات المتحدة والعالم الإسلامي احتاجوا إلى – وأقتبس هنا –”بداية جديدة”، انتهى الاقتباس.
ولكن نتائج هذه التقديرات الخاطئة كانت سيئة للغاية.
حين رأينا في أنفسنا زوراً سببا لما يعانيه الشرق الأوسط، بتنا مترددين في تأكيد أنفسنا عندما حان الوقت وطلب منا شركاؤنا ذلك.
لقد قللنا إلى حدّ كبير من خطورة الإسلام المتطرف ووحشيته، وهو انحراف فاسد من الإيمان يسعى إلى اقتلاع كل شكل آخر من أشكال العبادة أو الحكم. وبينما كان داعش يقترب من ضواحي بغداد، كانت أمريكا متردّدة. لقد اغتصبوا ونهبوا وقتلوا عشرات الآلاف من الأبرياء. واقاموا خلافة في كل من سوريا والعراق وشنّوا هجمات إرهابية أدت إلى القتل في جميع القارات.
إن تردّد الولايات المتحدة، ترددنا، في ممارسة نفوذنا جعلنا نلتزم الصمت بينما كان شعب إيران ينهض ضدّ الملالي في طهران في الثورة الخضراء. لقد قتل آيات الله وأتباعهم وسجنوا وروّعوا الإيرانيين التائقين للحرية، ووضعوا اللوم خطأ على أمريكا بسب تلك القلاقل، بينما طغيانهم هو الذي كان يغذّي ذلك. وقد جعل ذلك النظام يتشجّع ويمدّ نفوذه السرطاني إلى اليمن والعراق وسوريا، ويعزّز ذلك النفوذ في لبنان.
لقد دفعنا ميلنا، ميل أمريكا، نحو التفكير بالأمنيات إلى إدارة وجهنا حين كان حزب الله، وهو وكيل مطلق الولاء للنظام الإيراني، يراكم ترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف، بلغت قرابة 130 ألف صاروخ. لقد قاموا بتخزين هذه الأسلحة ووضعها في بلدات وقرى لبنانية في انتهاك صارخ للقانون الدولي. هذه الترسانة موجهة بشكل مباشر إلى حليفتنا إسرائيل.
وعندما أطلق بشار الأسد العنان للإرهاب على المواطنين السوريين العاديين والمدنيين الذين قصفهم البراميل المتفجرة وبغاز السارين، وهو صدى حقيقي لقصف صدام حسين الشعب الكردي بالغاز، اكتفينا بإدانة تصرفاته. ولكن ترددنا في ممارسة القوّة جعلنا لا نفعل شيئًا.
إن حرصنا على التعامل مع المسلمين فقط وليس مع الأمم بأكملها، تجاهل التنوع الثري في الشرق الأوسط وأضعف الروابط القديمة. وقد قوض ذلك التعامل مفهوم الدولة القومية، حجر الأساس للاستقرار الدولي. وأدت رغبتنا في السلام بأي ثمن إلى عقد صفقة مع إيران، عدونا المشترك.
وها نحن هنا اليوم، فما الذي تعلمناه من كل هذا؟ تعلمنا أنه عندما تتراجع أمريكا غالباً ما تتقدّم الفوضى؛ عندما نهمل أصدقاءنا، ينمو الاستياء؛ وعندما نعقد شراكات مع الأعداء، يتقدمون.
ولكن ثمّة أخبار جيدة. الخبر السار هو التالي: لقد انتهى عمر الخزي الأمريكي الذاتي، وكذلك انتهى عهد السياسات التي أنتجت الكثير من المعاناة التي لم يكن لها من مبرر. والآن تأتي البداية الجديدة الحقيقية.
في غضون 24 شهرًا فقط، أي أقل من عامين، أكّدت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب دورها التقليدي كقوة للخير في هذه المنطقة. لقد تعلمنا من أخطائنا، واكتشفنا صوتنا. لقد أعدنا بناء علاقاتنا ورفضنا العروض الكاذبة من أعدائنا.
وانظروا إلى ما أنجزناه. انظروا إلى ما أنجزناه معًا. تحت القيادة الجديدة، واجهت أمريكا الواقع القبيح للإسلام المتطرف. في أول رحلة قام بها الرئيس ترامب في الخارج إلى هذه المنطقة، دعا الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى “مواجهة اختبار التاريخ العظيم – للتغلب على التطرف وقهر قوى الإرهاب”.
وقد انضم الرئيس السيسي لنا. انضم إلينا في إدانة الأيديولوجية الملتوية التي جلبت الموت والمعاناة إلى هذا العدد الكبير. وإنني لأشكر الرئيس السيسي على شجاعته. (تصفيق.)
وكما قلت في خطاب أخير ألقيته في بروكسل، فإننا أصبحنا من جديد نعني ما نقول، وهو ما ينبغي في الحقيقة. لقد تعلّمت في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت رمزًا أساسيًا للنزاهة. إذا التزمنا بالقيام بأمر ما فإن حلفاءنا يعتمدون علينا لكي يسيرون معنا.
لم تقف إدارة ترامب مكتوفة الأيدي عندما استخدم بشار الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. في الواقع، أطلق الرئيس ترامب قوّة الجيش الأمريكي ليس مرة واحدة، بل مرتين، بدعم من الحلفاء. وهو على استعداد للقيام بذلك مرة أخرى، على الرغم من أننا نأمل ألا يكون مضطرًا لذلك.
بالنسبة لأولئك الذين يزعجهم استخدام القوة الأمريكية، تذكروا ذلك: لقد كانت أميركا دائماً، وستبقى دائماً، قوة محرِّرة، وليست قوة احتلال. إننا لم نحلم أبدًا بالهيمنة على الشرق الأوسط، فهل يمكنكم قول الشيء نفسه عن إيران؟
في الحرب العالمية الثانية، ساعد الجنود الأمريكيون في تحرير أمريكا الشمالية[i] من الاحتلال النازي. وبعد خمسين عاما، جمعنا تحالفا دوليا لتحرير الكويت من صدام حسين. هل سيأتي الروس أو الصينيون لإنقاذكم بالطريقة نفسها، بالطريقة التي قمنا بها نحن؟
وعندما تنتهي المهمة، عندما تنتهي المهمة، فإن أميركا تغادر. اليوم في العراق، بناء على دعوة من الحكومة، لدينا حوالي 5000 جندي، مقابل 166 ألف جندي في السابق. كان لدينا في يوم من الأيام عشرات الآلاف من العسكريين الأمريكيين المتمركزين – الأفراد المتمركزين في المملكة العربية السعودية. الآن هذا الرقم هو تضاءل إلى جزء صغير (من الرقم السابق). وحين نضع قواعد رئيسية، كما فعلنا في البحرين وفي الكويت وفي قطر وفي تركيا والإمارات، فإن ذلك يأتي بناء على دعوة من البلد المضيف.
وبهذه الروح نفسها، في العام الماضي فقط، عززت أميركا تحالفا من الحلفاء والشركاء لتفكيك دولة الخلافة الإسلامية وتحرير العراقيين والسوريين، عربا وكردا، مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء وأطفالا. وقام الرئيس ترامب بتمكين قادتنا في الميدان لضرب داعش بشكل أسرع وأصعب من أي وقت مضى. والآن تمّ تحرير 99٪ من الأراضي التي كانت داعش قد احتلتها من قبل. وها هي الحياة تعود إلى طبيعتها لملايين العراقيين والسوريين. يجب أن تفخر الدول في التحالف العالمي بهذا الإنجاز. لقد أنقذنا معا الآلاف من الأرواح.
لقد ساعد حلفاؤنا وشركاؤنا بشكل كبير في جهود مكافحة داعش. وانضمت فرنسا وبريطانيا إلى ضرباتنا على سوريا ودعمتا جهودنا لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم. واستضاف الأردن وتركيا ملايين السوريين الفارين من العنف، وساهمت السعودية ودول الخليج بسخاء في جهود تحقيق الاستقرار. نشكرهم جميعًا على مساعدتهم، ونحثّهم على الاستمرار في ذلك.
كما ساعدت الولايات المتحدة المناطق المحرّرة كوسيلة مهمة لمنع الخلافة من الظهور من جديد. لقد قدمنا 2.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للعراق منذ عام 2014، وتقوم كنائسنا والمؤسسات غير الربحية بعمل جيد هناك كل يوم أيضًا. لقد قمنا نحن وحلفاؤنا بتوليد ما يقرب من 30 مليار دولار من المنح والدعم المالي لمساعدة العراق في إعادة الإعمار خلال مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد في الكويت في العام الماضي.
فكّروا في الأشخاص الذين نساعدهم. في العام الماضي، استضفت أول اجتماع وزاري لتعزيز الحرية الدينية في واشنطن. في هذا المؤتمر، سرد سفيرنا المتجوّل تفاصيل رحلته إلى العراق، حيث التقى بالنساء الإزيديات اللواتي تمّ بيعهن من قبل داعش كإماء، ونُزِع أطفالهن من بين أيديهن. كانت الحياة في ظل داعش جحيماً لا يطاق، جحيماً حياً على الأرض. واليوم، يتمّ تحرير هذه المناطق، وذلك بفضل عزم تحالفنا وقوته والتزامه.
ويحضرني الآن قول لابن بلدكم الروائي الراحل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل. اقتباس: “الخير ينتصر في كلّ يوم، ولعلّ الشرّ أضعف مما نظنّ”.
والآن، لنتحوّل إلى إيران.
لقد قلب الرئيس ترامب العمى الاختياري لدينا لخطر النظام الإيراني وانسحب من الصفقة النووية الفاشلة، بوعودها الكاذبة. وأعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات التي لم يكن ينبغي رفعها اساسا. وشرعنا في حملة ضغط جديدة لقطع الإيرادات التي يستخدمها النظام لنشر الرعب والدمار في جميع أنحاء العالم. انضممنا إلى الشعب الإيراني في الدعوة إلى الحرية والمساءلة.
والأهم من ذلك أننا دعمنا تفاهما مشتركا مع حلفائنا حول ضرورة التصدي لأجندة النظام الثوري الإيراني. ويزداد تفّهم الدول لحقيقة أننا يجب أن نواجه آيات الله، لا أن ندلّلهم. وتناضل الأمم إلى جانبنا لمواجهة النظام كما لم يحدث من قبل. لقد لعبت مصر وعمان والكويت والأردن دوراً أساسياً في إحباط جهود إيران للتهرّب من العقوبات.
وألغت الإمارات وارداتها من المكثفات الإيرانية في أعقاب إعادة فرض العقوبات الأمريكية. وكشفت البحرين النقاب عن وكلاء الحرس الثوري النشطين في بلدهم، وهي تعمل على وقف الأنشطة البحرية الإيرانية غير المشروعة في منطقتها. كما عملت المملكة العربية السعودية معنا لمواجهة التوسع الإيراني والنفوذ الإقليمي. ونحن في الولايات المتحدة نثني على كل من هذه الجهود، ونسعى إلى أن تواصل جميع الدول العمل على تقييد المجموعة الكاملة من النشاط الخبيث للنظام.
ولا يقتصر العمل على الحدّ من طموحات النظام القاتلة في الشرق الأوسط. لقد انضمّ أصدقاء أمريكا وشركاؤها من كوريا الجنوبية إلى بولندا إلى جهودنا لوقف الموجة الإيرانية للدمار الإقليمي وحملات الإرهاب العالمية.
لقد خفضت البلدان في جميع أنحاء العالم واردات النفط الإيراني إلى الصفر وتعمل على تحقيق هذا الهدف. وقد حسبت الشركات الخاصة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأماكن أخرى أن إثراء أنفسهم من خلال العمل مع النظام أمر سيء لأعمالها التجارية وسيئ أيضا لشعوب بلدانهم.
وفي اليمن، نقدم المساعدة لشركائنا لأخذ زمام المبادرة في منع التوسع الإيراني الذي سيكون كارثيا للتجارة العالمية والأمن الإقليمي. وكما هو الحال دائمًا مع أمريكا، فقد اقترنت مشاركتنا أيضًا بمساعدات إنسانية قوية. وأيدنا في الوقت نفسه محادثات الأمم المتحدة لوضع اليمن على طريق السلام.
وفي لبنان، لا يزال حزب الله موجودا بقوّة، ولكننا لن نقبل بهذا الوضع الراهن. إن حملة العقوبات العدائية ضد إيران موجهة أيضا إلى الجماعة الإرهابية وقادتها، بمن فيهم ابن حسن نصر الله، رئيس حزب الله.
الآن دعونا نتحدث عن جهود أمريكا لبناء التحالف.
لقد تحركت إدارة ترامب بسرعة لإعادة بناء الروابط بين أصدقائنا القدامى ورعاية شراكات جديدة. وشملت رحلتي الأولى كوزير للخارجية وقفة في إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية.
في الواقع، بعد أن أقسمت اليمين كوزير للخارجية، قمت بزيارة تلك البلدان قبل أن أذهب إلى مكتبي في واشنطن العاصمة، كما أنني أستقبل زعماءكم في مكتبي في كثير من الأحيان، كما فعلت مع وزير الخارجية شكري في آب/أغسطس من العام الماضي.
إن بناء التحالفات أمر طبيعي بالنسبة لأمريكا، لكننا أهملناه في السنوات الماضية. لقد تمتعت هذه الإدارة بعلاقات مثمرة في الشرق الأوسط منذ مئات السنين، ولكننا يجب أن نحافظ عليها ونعمل للحفاظ عليها. إن روابطنا مع المغرب وعُمان تعود قرونا إلى الوراء، إلى عامي 1777 و1833 على التوالي. أما صداقتنا مع البلد الذي نحن فيه اليوم، مصر، فتعود أجيالا وأجيالا إلى الوراء. ويصادف هذا العام، في الواقع، الذكرى السنوية السبعين لعلاقاتنا الدبلوماسية مع الأردن. نحن نبني حوارًا صحيًا مع حكومة العراق، وهو ديمقراطية فتية ومزدهرة. ونحن نبني أيضًا علاقات من أجل ازدهارنا المشترك. لقد حان الوقت لتنتهي المنافسات القديمة لمصلحة الخير الأكبر للمنطقة.
تعمل إدارة ترامب أيضاً على تأسيس التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الأكثر خطورة في المنطقة وتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة. يجمع هذا الجهد بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن. واليوم، نطلب من كل من تلك الدول أن تتخذ الخطوة التالية وأن تساعدنا في ترسيخ الـ MESA.
نحن نشهد أيضًا تغيرًا ملحوظًا، فقد بدأت الروابط الجديدة تتجذر بشكل لم يكن مجرّد تخيله ممكنا حتى يومنا هذا. من كان يمكن أن يصدق قبل بضع سنوات أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيزور مسقط؟ أو أن روابط جديدة ستنشأ بين المملكة العربية السعودية والعراق؟ أو أن بابا روما الكاثوليكي سيزور هذه المدينة للقاء الأئمة المسلمين ورئيس الكنيسة القبطية؟
في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، عُزف النشيد الوطني الإسرائيلي، بينما كان لاعب جودو إسرائيلي يٌتوّج لفوزه بلقب البطولة في دورة رياضية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت تلك هي المرة الأولى – المرّة الأولى – التي يُسمح فيها لوفد إسرائيلي بالمشاركة تحت علمه الوطني. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية حدثًا رياضيًا في الخليج. وقد قالت الوزيرة، وأنا أقتبس، “إنه حلم يتحوّل إلى حقيقة. لقد أجرينا محادثات لمدة عامين من أجل الوصول إلى هذه اللحظة.” كان من الصعب عليها أن توقف انهمار الدموع. “أود أن أشكر السلطات في أبو ظبي ومضيفينا هنا الذين استقبلونا بطريقة مثالية”. ولم يكن بإمكانها تكون أكثر سعادة.
هذه الخطوات نحو التقارب ضرورية من أجل تحقيق أمن أكبر في مواجهة تهديداتنا المشتركة، كما أنها تشير إلى مستقبل أكثر إشراقا للمنطقة.
بالطبع لم ينته عملنا معًا، فهو لم يكن أبدا عمل أمريكا وحده. تعلم الولايات المتحدة أنه لا يمكننا، ولا ينبغي لنا، خوض كلّ معركة أو دعم كلّ اقتصاد. لا توجد أمة تريد أن تعتمد على أخرى. هدفنا هو المشاركة مع أصدقائنا ومعارضة أعدائنا، لأن وجود شرق أوسط قوي وآمن وحيوي اقتصاديا إنما يصبّ في مصلحتنا الوطنية كما هو في صالحكم أيضًا.
دعوني أكن واضحا: لن تتراجع أمريكا حتى ينتهي القتال الإرهابي. سنعمل بلا كلل إلى جانبكم لهزيمة داعش والقاعدة والجهاديين الآخرين الذين يهددون أمننا وأمنكم. لقد اتخذ الرئيس ترامب قرارًا بإعادة قواتنا إلى الوطن من سوريا. إننا نفعل ذلك دائمًا وقد آن الأوان لهذه الخطوة الآن، ولكن هذا ليس تغييرًا في المهمة، فنحن لا نزال ملتزمين بالتفكيك الكامل لداعش – تهديد داعش – والقتال المستمر ضد الإسلام الراديكالي بكافة أشكاله. ولكن كما قال الرئيس ترامب، نحن نتطلع إلى قيام شركائنا بعمل المزيد، وهو جهد سنقوم به سوية.
من جانبنا، ستستمر الضربات الجوية في المنطقة مع ظهور الأهداف. سوف نستمر في العمل مع شركائنا في التحالف من أجل هزيمة داعش. سنواصل تعقّب الإرهابيين الذين يبحثون عن ملاذات آمنة في ليبيا واليمن. ونحن ندعم بقوة جهود مصر لتدمير داعش في سيناء. إننا ندعم بقوة جهود إسرائيل لمنع طهران من تحويل سوريا إلى لبنان ثانٍ.
ومع استمرار القتال، سنواصل مساعدة شركائنا في الجهود المبذولة لحماية الحدود وملاحقة الإرهابيين وسوف ندقّق في هويات المسافرين ومساعدة اللاجئين وغير ذلك. لكن “المساعدة” هي العبارة الرئيسية، ونحن نطلب من كل دولة محبة للسلام في الشرق الأوسط تحمل مسؤوليات جديدة لهزيمة التطرف الإسلامي أينما وجدناه.
من المهم أن نعرف أيضاً أننا لن نخفف حملتنا للوقوف في وجه النفوذ والإجراءات الإيرانية السيئة ضدّ هذه المنطقة والعالم. فلن تتمتع دول الشرق الأوسط بالأمن أو تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو تحقيق أحلام شعبها إذا استمر النظام الثوري الإيراني في مساره الحالي.
سيوافق 11 شباط/فبراير مرور 40 سنة على وصول النظام القمعي إلى السلطة في طهران. إن العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد النظام هي الأقوى في التاريخ، ولسوف تتصاعد وتكون أقسى إلى أن تبدأ إيران في التصرف كدولة عادية. إن المطالب الـ 12 التي ذكرناها في أيار/مايو لا تزال سارية، لأن تهديد النظام للمنطقة لا يزال قائما.
في سوريا، ستستخدم الولايات المتحدة الدبلوماسية والعمل مع شركائنا لطرد آخر جندي إيراني منها، والعمل من خلال المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة لإحلال السلام والاستقرار للشعب السوري الذي طالت معاناته. لن تكون هناك مساعدات من الولايات المتحدة لإعادة إعمار المناطق السورية التي يسيطر عليها الأسد حتى تنسحب إيران وقواتها بالوكالة وحتى نرى تقدما لا رجعة فيه باتجاه حلّ سياسي.
في لبنان، ستعمل الولايات المتحدة على الحد من تهديد ترسانة حزب الله الصاروخية التي تستهدف إسرائيل ويمكن أن تصل إلى جميع النقاط داخل ذلك البلد. العديد من هذه الصواريخ مجهزة بأنظمة توجيه مسبقة، هدية من إيران، وهذا غير مقبول. وربما تعتقد إيران أنها تملك لبنان، ولكنها مخطئة في ذلك.
في العراق، ستساعد الولايات المتحدة شركاءنا في بناء دولة خالية من النفوذ الإيراني. في شهر أيار/ مايو الماضي، رفض العراقيون الطائفية في الانتخابات الوطنية، وسندعم ذلك بكل إخلاص. ورفض الناس هناك أن يتم ترويعهم من قبل البلطجية والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران. وعزّز العراقيون العلاقات مع جيرانهم العرب، واستأنفوا التعاون السلمي بين الإقليم الكردي وبغداد، وجددوا تركيزهم على محاربة الفساد.
وفي اليمن، سنواصل العمل من أجل سلام دائم.
وأعتقد أن هذا واضح، ولكن الأمر يستحق التأكيد: إن الولايات المتحدة تؤيد بالكامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضدّ المغامرة العدوانية للنظام الإيراني. وسنواصل ضمان امتلاك إسرائيل القدرة العسكرية للقيام بذلك بشكل حاسم.
وستواصل إدارة ترامب الضغط من أجل التوصل إلى سلام حقيقي ودائم بين إسرائيل والفلسطينيين. مرة أخرى، لقد التزمنا بكلمتنا. قام الرئيس ترامب بحملة على الوعد بالاعتراف بالقدس كمقرّ للحكومة الإسرائيلية – كعاصمة للبلاد. وفي شهر أيار/مايو، قمنا بنقل سفارتنا هناك. وهذه الخطوة تلبي قرارًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تمّ منذ أكثر من عقدين من الزمان. وقد جاء تصرّف الرئيس ترامب على هذا الالتزام.
تعمل الولايات المتحدة أيضًا على الحفاظ على علاقاتنا الثنائية قوية. خلال الأيام القليلة القادمة، سأجري مناقشات متعمقة مع قادة البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والكويت. سنتحدث عن أهدافنا المشتركة، مثلما فعلت في الأردن والعراق هذا الأسبوع، وكما فعلت اليوم مع الرئيس السيسي ووزير الخارجية شكري.
وبينما نسعى إلى شراكة أقوى مع مصر، فإننا نشجع الرئيس السيسي على إطلاق العنان للطاقة الإبداعية لشعب مصر، وعدم الاكتفاء بالاقتصاد، وتشجيع تبادل الأفكار بحرية وانفتاح. ويمكن للتقدّم الذي تمّ إحرازه إلى اليوم أن يستمرّ.
وأشيد أيضا بالجهود التي يبذلها الرئيس السيسي لتعزيز الحرية الدينية التي تعطي مثالا لجميع قادة وشعوب الشرق الأوسط. كنت سعيداً برؤية مواطنينا الذين أدينوا خطأً بتهمة إدارة غير حكومية تعمل بشكل غير مشروع هنا، وقد تمّت تبرئتهم في النهاية. ونحن نؤيد بقوة مبادرة الرئيس السيسي لتعديل القانون المصري بحيث لا يحدث هذا مرة أخرى. لا بد من القيام بمزيد من العمل لتحقيق أقصى إمكانيات الأمة المصرية وشعبها. أنا سعيد لأن أمريكا سوف تكون شريكًا في هذه الجهود.
اسمحوا لي أن أنهي كلمتي هنا ببضع أفكار ختامية.
أولاً، ليس من السهل التعرف على الحقيقة. لكن عندما نراها، يجب أن نتحدث عنها. لقد تعرضت أمريكا لانتقادات لأنها قامت بأكثر مما ينبغي في الشرق الأوسط، تماما كما تعرّضنا لانتقادات بسبب قيامنا بأقل مما ينبغي. ولكنّ ثمّة شيئا لم تكنه أبدا وهو أنها لم تكن تبني إمبراطورية ولم تضهد أحدا.
انظروا إلى تاريخنا معا، التاريخ الذي رويت عنه اليوم. انظروا إلى معاركنا ضدّ الأعداء المشتركين. انظروا إلى بناء التحالف. وأخيرا، انظروا حولكم في هذه الجامعة، التي وجدت الآن منذ قرن. ليس من قبيل المصادفة أن العديد من الجامعات الأمريكية الأخرى مثل هذه تزدهر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من بيروت إلى السليمانية. هذه هي رموز الخير الأميركي الفطري، ورموز أمنياتنا لكم، ورموز مستقبل أفضل نرغب فيه لجميع دول الشرق الأوسط.
أود أن أشكركم جميعا على حضوركم اليوم، وعسى الإله الكريم أن يبارك كل واحد منكم. شكرا لكم. (تصفيق)".