رأي.. سناء أبوشقرا يكتب لـCNN عن: الانسحاب المرتبك وأهداف ترامب

نشر
3 min قراءة
Credit: Doug Mills-Pool/Getty Images

هذا المقال بقلم الأستاذ الجامعي والكاتب اللبناني الدكتور سناء أبو شقرا، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

أعلن الرئيس ترامب أنه سيسحب قواته من سوريا بالبساطة التي يعلن فيها ذهابه لعشاء تقيمه جمعية خيرية أو حفل تخرج من كلية عسكرية. في العادة، لا يعلن عن مثل هذه القرارات إلا بعد أن تكون قد أشبعت درسا وتمحيصا في مراكز القرار المعنية بها.

محتوى إعلاني

لكن ردود الفعل، على الأقل من جانب القيادات العسكرية، جاءت لتؤكد الصفة المرتجلة والمتسرعة لهذا القرار، وآخرها تصريح قائد القوات المركزية الأمريكية، بالأمس القريب. كما أن ردود فعل القوى المنخرطة في الصراع على الساحة السورية كشفت حالة الارتباك الأمريكي، وربما اللامبالاة تجاه مصير بعض الحلفاء، وحتى تجاه مصداقية الاستراتيجية الأمريكية ذاتها.

الإيرانيون اكتفوا بتعليق مريح من دون بذل أي جهد في التأمل والقراءة: "إنه فشل جديد للسياسة الأمريكية في المنطقة ". الأتراك عبروا عن ارتياحهم للخطوة التي قد تحررهم من احتمال إغضاب الحليف الأمريكي في صراعهم مع قوى ومشاريع كردية معينة، الأكراد، من جانبهم، رأوا في الانسحاب "طعنة في الظهر"، أما الروس فلن يصدقوا الوعد الأمريكي حتى يروا بأم العين أنه قد تحقق فعلا".

أراد ترامب أن يحقق هدفين: الأول، الخروج من النفق الذي حفره بنفسه في مسألة الصراع الكردي- التركي. فالدعم الذي قدمته الإدارة للأكراد على مدى السنوات الماضية، فتح شهيتهم، ووسع طموحاتهم إلى حد جعل المترصد التركي يندفع في مواقفه المضادة إلى حد التهديد المباشر، والانجرار أكثر فأكثر في استراتيجية الانفتاح على "الصديق الروسي اللدود". ترامب لا يريد خسارة أي من الطرفين، ولكنه عاجز عن التوفيق بين مشاريع كل منهما، بخاصة وأن الإدارة الأمريكية كانت تشجع كلا منهما، على حدة، بالمضي قدما في مشاريعه.

الهدف الثاني، وضع روسيا في مواجهة مباشرة مع كافة أطراف الصراع في سوريا، حلفاء كانوا أم خصوما". بعد "اتفاق ادلب" أصبح الثنائي الروسي - التركي أمام 3 تحديات: حل مشكلات الشمال-الغربي السوري، وهي متنوعة ومتشابكة، محلياً وإقليمياً، المسؤولية المباشرة عن التأزم القديم-الجديد في العلاقات التركية الكردية، بخاصة مسألة المنطقة الآمنة، التي تريدها تركيا ويرفضها النظام السوري والأكراد في آن، وأخيراً مشكلات ما بعد الحرب، من قضية النازحين واللاجئين إلى الإعمار. فوق ذلك، سيكون على روسيا التعامل مع "العقدة الإيرانية" في امتداداتها السورية والإسرائيلية وجها لوجه، من دون أي وجود "للفزاعة الأمريكية" التي تتذرع إيران كي تحافظ على وجودها العسكري في سوريا.

بالنسبة للهدف الأول يمكن القول إن ترامب خسر المصداقية تجاه الأكراد ولم يربح من الأتراك شيئا. أما الثاني، فإن إعلان الروس عن تشكيكهم بالقرار الأمريكي هو مرادف ضمني للقول: "لن ندخل في لعبتكم، جربوا سواها".

نشر
محتوى إعلاني