بشار جرار يكتب لـCNN عن ريما بنت بندر بن سلطان: السفيرة الأميرة في مهمة مصيرية

نشر
4 دقائق قراءة
تقرير بشار جرار
Credit: FAYEZ NURELDINE/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

بعيداً عن دلالات رتب السلك الدبلوماسي من سفير مقيم وغير مقيم ومفوض وفوق العادة، وبالنأي عن حرب داحس والغبراء الإعلامية في المنطقة بين المطالبين بدم الصحافي المغدور جمال خاشقجي، أرفع القبعة لصانعي قرار تكليف الأميرة ريما ابنة السفير السعودي المخضرم بندر بمهام سفارة "فوق العادة" في هذه الظروف الاستثنائية المفصلية الحرجة في تاريخ العلاقات بين مملكة آل سعود وبلاد العم سام.

محتوى إعلاني

لعل من أبرز مزايا ودلالات هذا الاختيار أنها اسم نظيف وبعيد عن شبهات كل ما طال تلك العلاقات من شوائب سواء أكان ذلك في زمن الشدة أم الرخاء. الأميرة السفيرة ربيبة واشنطن تعرفها وتعرفها. تتحدث الإنجليزية الأميركية بطلاقة والأهم تعي تماما ثقافة مجتمع واشنطن العاصمة التي لا يعلمها حقا إلا من عرك الحياة فيها على نحو يومي لا على شاشات الإعلام ومناسبات المجاملات الاجتماعية ولكن داخل الصفوف والأسواق والقاعات ودهاليز المنتديات الخاصة جدا وبخاصة المغلقة منها.

ريما -مع حفظ الألقاب- شخصية تبدو محترمة مقنعة في الداخل والخارج وتلك ميزة نادرة في الأوساط شرق الأوسطية عموما. فمن النادر أن يجد صانعو القرار -لو افترضنا حسن الظن والنية- من يملك القدرة على أن يفكر بلغتين لا أن يتقن فقط لسانين. المطلوب حقا هو من يتحدث بوجه واحد وإن تعددت اللغات واللهجات التي يتقنها. ومن هذا المنطلق أرى فرصا واعدة في تحقيق السفيرة الأولى من نوعها سعوديا فرص النجاح في السبق والتميز.

سر القوة الكامن في الاختيار أيضا يتمثل في كونها نتاج الدولة العميقة السعودية المرتبطة بالدولة العميقة الأميركية أيضا. فالعلاقات بين المملكة وقائدة العالم الحر مرت بتحالفات في غاية الخطورة والأهمية منذ البدايات الأولى لتلك العلاقة "الاستراتيجية" منذ زهاء قرن. 90 عاما لم تضطر الرياض وواشنطن إلى تغيير السفير السعودي سوى 10 مرات.

كما ويأتي تعيين الأميرة السفيرة قبل تولي السفير الأميركي الجديد إلى السعودية مهامه وهو الجنرال المخضرم الأميركي من أصل لبناني جون أبي زيد الذي ذاع صيته في حرب الخليج الثانية وإسقاط نظام صدام حسين في العراق. شخصية استثنائية في الانضباط والنزاهة، لن يمر تقييمه مرور الكرام لا في واشنطن ولا في الرياض ولا المنطقة بأسرها فيما لو أبدى عدم رضاه عن تطور العلاقات بين البلدين على نحو يخدم مصالح أميركا في إطار سيادة القانون وبعيدا عن لوثة المصالح الشخصية والاحتراب الحزبي العقيم بين الجمهوريين والديمقراطيين.

الاعتبار الأخير الذي يعزز فرص نجاح الأميرة والجنرال في كلا البلدين هو شخصيتهما. العارف بهتين الشخصيتين يرى اعتدادا بالنفس غير قابل للتطويع أو الابتزاز. الأميرة والجنرال على بعد حركة واحدة من الاستقالة فيما لو تم العبث بمكانتهما الأخلاقية المهنية. بطبيعة الحال، تشكل هذه النوعيات من القادة الواعدين أو المخضرمين، تحديا مزدوجا على صاحب التكليف والمكلف. ولحسن الحظ لا يملك أي منهما لا في واشنطن ولا في الرياض ترف المقامرة بالمس بهذين الاختيارين.

نتمنى النجاح للأميرة ريما والجنرال جون لما فيه استقرار المنطقة بأسرها.

نشر
محتوى إعلاني