بشار جرار يكتب عن دخول تركيا "حلبة الخصوم": هل تطيح S400 إردوغان؟

نشر
4 دقائق قراءة
تقرير بشار جرار

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

تحمل الاثنتا عشرية -التي ستنهال على تركيا إردوغان خمسا منها- اسم "كاتس" اختصارا وتعني قانون محاربة الخصوم عبر العقوبات والذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل عامين. إلى هذه الحال أوصلت سياسات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العلاقات مع أميركا قائدة حلف يقترب من يوبيله الماسي بعد خمس سنوات، حلف هو الأقوى والأكبر والأقدم في العالم، يحتل فيه الجيش التركي منزلة الوصيف من حيث تعداده.

محتوى إعلاني

رغم نزعات الانفراد بالحكم التي عززها إردوغان بزهو انتصاراته وانتصارات حزبه الانتخابية قبل أن يمنى بخسارة مذلة في إسطنبول مرتين، راهنت ومازلت على الدولة العميقة في تركيا وحسبت أن ناصحا أمينا سيتولى ولو بالخفاء الهمس في أذن إردوغان اليمنى بعدم الرهان على ما يظنه تناقضات أو صراعات الكبار، لأن للدول الكبرى حسابات مختلفة تماما عما يراه حتى الحلفاء.

أما وإن الأمور قد وصلت إلى حد "الخصومة" فإن إردوغان أمام مفترق طرق: إما أن يكون أوّابا فيعود لحظيرته الأطلسية وإما أن يواصل التغريد خارج السرب في أحضان الدب الروسي تارة والتنين الصيني تارة أخرى.

ولأن بعض الظن إثم، أسارع في استبعاد تهم الفساد التي ساقها بعض كارهي إردوغان ومعارضيه، يزعم أولئك أن إصرار إردوغان ودائرته الصغرى التي باتت عائلية أكثر فأكثر، تفضل صفقات السلاح مع دول تضعف فيها أو تغيب كليا قوانين محاربة الفساد مما يسهل اقتناص العمولات على صفقات الأسلحة.

ما أميل إلى ترجيحه هو شخصي بحت، بمعنى الاستناد إلى العامل الشخصي فالأيدولوجي لإردوغان منذ نعومة أظافره في عالم الأضواء. تصفح سريع لأرشيفه يعود للأذهان صورا وتصريحات ومشاهد ثبت في جميعها الميل للاستعراض الذي تجاوز حد العنتريات الصوتية إلى الحركات المسرحية كانسحابه قبل عشر سنوات من جلسة حوارية في المنتدى الاقتصادي الدولي بمقره التاريخي في منتجع دافوس. وقتها انسحب حاملا وريقاته دائرا ظهره للرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز أمام ذهول الحضور، فالقادة لا يأتون بهذه "الحركات"!

الآن وقد ولّت الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب الفاشلة على حكمه، أتساءل إن كانت متلازمة الفشل المتدحرج إن جاز التعبير قد تدفع إردوغان إلى انسحاب مسرحي من المشهد قبل أن يتولى آخرون مهمة إسدال الستار؟!

في عالم المسرح هناك ما يعرف بالمسرح التفاعلي حيث تتيح عبقرية المؤلف والمخرج مساحة للجمهور بالتفاعل والدخول على الخط الدرامي للأحداث دونما التأثير على الحبكة فتلك أسبق وأبقى من الطرفين معا: الممثلون والجمهور.

فماذا لو تساءل أحد المتفرجين: لمن سيوجه إردوغان صواريخه؟ سؤال طرح مع تزايد التقارير التي تفيد باستخدامه صواريخ بالستية ضد الثوار الكرد. سؤال طرح أيضا بالتزامن مع العقوبات الأوروبية على تطاول تركيا في التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية.

من مفارقات الجوار الأطلسي، أن الناتو اتهم بالمسؤولية عن إطاحة ومقتل القذافي، فهل يسمح بنموذج مماثل شرقا وعلى تواصل بري وليس مائيا فقط مع أوروبا؟!

ومن المفارقات الجوار القيصري الروسي، أن الحالم بالصلاة في المسجد الأموي في دمشق لن يملك تحريك صواريخه ضد الطيران الروسي والسوري عند دك وحرث أوكار الإرهابيين بمن فيهم وكلاء تركيا في محافظة إدلب.

لعل ناصحا أمينا يهمس بأذن إردوغان بالكف عن أوهام إحياء الخلافة أو الإمبراطورية العثمانية لأنه لن يجد أرثوذكسيا واحدا في العالم لا تدمع عيناه عند ذكر القسطنطينية وأنطاكيا، فما بالك بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

نشر
محتوى إعلاني