رأي.. سناء أبو شقرا يكتب لـ CNN عن حرائق لبنان: رماد الخضرة
هذا المقال بقلم الأستاذ الجامعي والكاتب اللبناني الدكتور سناء أبو شقرا، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
كأن لبنان لا تكفيه أزماته، وفساد أولي السلطة فيه، ومصائب محيطه التي ترتد عليه في الاقتصاد والسياسة والأمن، حتى تسقط عليه لعنة التنين النارية فتلتهم أجمل ما بقي فيه: الخضرة.
أكثر من 100 حريق كبير، بمقاييس لبنان الصغير، اجتاحت وديانا وسفوحا، فحاصرت منازل وقرى، ودمرت مئات الهكتارات من الغابات والأراضي الزراعية. وتوفي أحد المتطوعين في المعركة مع النار بالإضافة الى عشرات من الجرحى ومئات الأسر المهجرة.
قبل يومين من الحريق توقعت الأرصاد الجوية ووسائل الإعلام حدوثه. استعد الشباب للتطوع لكن السلطة لم تكن مستعدة. طائرات مخصصة للحريق معطلة على أرض المطار بينما الجبال أمامها تضيء الليل كمشعل كبير. معطلة لأن كلفة صيانتها أقل من نصف مليون دولار، في حين تتكلف الدولة ضعف هذا المبلغ في سفرة واحدة للرئيس.
كل سنة، وفي الموعد نفسه تقريبا، تفاجأ السلطة بالحرائق، لكنها لا تتعلم، بل ترفض، مثلا، تعيين أفراد الدفاع المدني في ملاك وظيفي، وكلهم متطوعون حتى الآن، ولا تعين مأموري أحراج، حتى ولا تكلف شرطيا بلديا للقيام بالمهمة.
أوفر على السلطة، وأكثر كرامة لها وللبنان، أن تستجدي طائرات الإنقاذ بدل أن تعبئ جهودها للعمل المخطط والمفيد. يتحدثون عن شبهات افتعال، وهذا وارد طبعا. لكنه يزيد المسؤولية بدل أن يبرر اللامبالاة.
بعض المسؤولين من أصحاب الضمير والعزيمة تطوع للعمل لكنهم أفراد. أما جسم السلطة فمهترئ حتى العظم. ولولا اندفاع الشباب ورأفة المطر لكان لبنان اليوم في قلب كارثة بيئية وإنسانية مرعبة.