هل تجنبت إيران الخسائر البشرية في هجماتها ضد الأمريكيين بالعراق؟
بيروت، لبنان (CNN)-- يبدو أن الضربات الصاروخية الإيرانية ضد القواعد التي تضم قوات أمريكية في العراق، لم تهدف إلى إلحاق خسائر بشرية في صفوف القوات الأمريكية، فإيران تعلم أنه في الساعات الأولى من الصباح، عادة ما تكون القوات الأمريكية نائمة، فيما تنخفض فرص إلحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية.
وتتعزز تلك الرؤية، خاصة وأن إيران على دراية كافية بنظام الدفاع الجوي الأمريكي، والذي قد يكون في حالة تأهب قصوى. يجب أن يكون لدى طهران فهم لمدى جودة صواريخها ضد هذه التكنولوجيا.
الهجمات الصاروخية لا معنى لها إذا كان هدف طهران هو إيذاء القوات الأمريكية بأعداد كبيرة - مثلما تعهد عدد من المسؤولين الإيرانيين. ومع ذلك، فإن الأمر يبدو منطقيًا فيما يتعلق بتنفيذ أمر المرشد الأعلى خامنئي بالرد صراحة على الأهداف العسكرية الأمريكية رداً على مقتل الجنرال اقاسم سليماني.
كانت تعليمات خامنئي مربكة عندما تم الإعلان عنها لأول مرة، حيث من المحتم أن تنتصر الولايات المتحدة في أي صراع عسكري مباشر. هل كان المرشد الأعلى يأمر بعرض فارغ للقوة؟
لا يزال الغبار مستقرًا، وحتى في أفضل الأوقات، يمكن أن تكون دوافع إيران غامضة، ولكن هناك ثلاثة تفسيرات محتملة لما يحدث.
أولاً، أن يكون خامنئي ليس على دراية بما يمكن أن يحققه جيشه ويبالغ في فعالية الضربات، التي فشلت بعد ذلك. وربما سيكون ذلك مفاجئًا خاصة في ظل ما يثار عن معرفته العسكرية.
ثانياً، ربما تعبر تلك الهجمات عن انتصار تيار الاعتدال في إيران، فضرب أهداف عسكرية في الليل بعدد صغير من الصواريخ – قد يسهل ما يريده الطرفان في النهاية. سيكون هذا منطقيًا، نظرًا لعدم امتلاك طهران ولا واشنطن الرغبة في قتال طويل.
ثالثًا، قد يكون هذا محاولة من جانب إيران لوضع الولايات المتحدة في إحساس زائف بالأمن - بأن إيران ضعيفة عسكريًا وفعلت ما هو أسوأ - في حين يتم العمل على استجابة غير متكافئة وأكثر صرامة. لكن ذلك سيتطلب الكثير من الفطنة الاستراتيجية من حكومة تعاني انقسامًا بين الأجنحة المتشددة والأجنحة المعتدلة، ويعني أن طهران كانت مطمئنة نسبياً إلى أنه لن يتم إصابة أي أمريكي في هذا الهجوم الصاروخي.
إذا كانت الهجمات في العراق هي في الواقع في نطاق الرد الإيراني، إلا أنها قد تحمل معها خطرًا آخر، وهو أن تعتقد إدارة ترامب أن أداءها المتهور خلال الأسبوع الماضي قد أتى ثماره، وأن إيران قد هُزمت. هذا من شأنه أن يخاطر بمزيد من العمل غير العقلاني من واشنطن، ربما ليس فقط تجاه إيران ولكن أيضًا ضد أعداء آخرين. كما أنه يجعل إيران تبدو ضعيفة، مما قد يشجع خصوم طهران الإقليميين الآخرين.