رأي.. كامليا انتخابي فرد تكتب لـCNN: مقامرة النظام الإيراني في مواجهة كورونا
هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر صحفي إنه يتمنى أن تغلق الحكومة المواقع الدينية مثل ضريح الإمام رضا في مشهد وحرم فاطمة المعصومة (العتبة الفاطمية) في مدينة قم لمدة شهر آخر، ولكن في واقع الأمر لا يمكن تحقيق ذلك وسوف يتم إعادة فتح هذه الأماكن الدينية في غضون أسبوعين.
يقول روحاني إن حكومته تواجه ضغوطات كبيرة من الحوزة العلمية في مدينة قم لإعادة فتح المواقع الدينية المقدسة على الرغم من المخاوف من ارتفاع آخر لوباء كورونا في البلاد.
تم تحديد البؤرة الرئيسية لتفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) في مدينة قم حيث يدرس مئات الطلاب الصينيين المذهب الشيعي في حوزة قم العلمية. ولكونها بؤرة انتشار الفيروس التاجي، لا تزال المدينة تكافح من أجل السيطرة على الوباء على الرغم من التدابير الوقائية المتخذة.
بشكل عام، تحتل إيران حتى اليوم المرتبة الثامنة بين الدول التي أصابتها جائحة الفيروس التاجي، وهي تجد صعوبة في السيطرة على الوباء لعدة أسباب، منها عدم الشفافية لدى النظام والعقوبات الأمريكية التي تجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
وبسبب عدم امتلاك الحكومة الإيرانية لموارد مالية كافية لتوفير الطعام والدواء للشعب، فقد قررت تقييد حركة الناس بشكل عام، بما في ذلك تقييد الاحتفالات بعيد رأس السنة الفارسية الذي تم اعتباره عطلة رسمية به فقط دون أي مظهر احتفالي.
إن فرض الحجر الصحي يتطلب وجود أموال وتسهيلات لا يملكها النظام في إيران، حيث أن الاقتصاد مشلول العقوبات الأمريكية تسببت في الكثير من الضغوط على النظام.
مطالبة الناس بالبقاء في بيوتهم تحتاج إلى موارد وأموال لتغطية احتياجاتهم الأساسية، لكن الحكومة الإيرانية تفتقر إلى مثل تلك الموارد والأموال. هذه الحقيقة ربما أجبرت النظام للجوء إلى خيار آخر وهو إعادة فتح البلد لمنع تدفق موجة أخرى من المتظاهرين الجائعين ضد النظام.
ولذلك، ورغم مخاطر هذه الخطوة على السلامة العامة، قررت الحكومة، اعتبارًا من يوم الاثنين 20 أبريل، افتتاح مراكز الأعمال والتسوق، على أن تبقى المدارس والجامعات مغلقة في الوقت الحالي.
مع هذا القرار، قرر السياسيون على الأقل إيجاد فرصة لإشغال الناس في بعض الأعمال وكسب المال بدلاً من مواجهة أنفسهم بتحدي كبير يتمثل في سوء الإدارة والنقص.
قد يقامر النظام الإيراني بفتح مواقع الأعمال في وقت مبكر جدًا حرصا على مصالحه ومنعا لمواجهة الجياع والغاضبين. بين إنقاذ الحياة أو إطعام المعدة الفارغة، قرر النظام الذهاب إلى المعدة بغض النظر عن مخاطر تفشي الفيروس التاجي مرة أخرى بسبب الاختلاط والتفاعل بين الناس.
ولكن ماذا عن المواقع الدينية التي يمكن أن تجذب الكثير من الزوار رغم أنها غير ضرورية ولا تعتبر واجباً شرعياً؟
في الوقت الذي تم فيه إغلاق المسجد الحرام في مكة المكرمة، أهم موقع إسلامي في العالم، وكذلك إغلاق جميع المساجد في جميع أنحاء المنطقة، وفي الوقت الذي دعا فيه العلماء في الأزهر الشريف في مصر ودور الإفتاء في شتى أنحاء العالم الإسلامي إلى إغلاق المساجد خلال شهر رمضان، لماذا يصر رجال الدين الإيرانيون على المخاطرة بحياة الشعب الإيراني من خلال السماح لهم بزيارة المزارات الشيعية؟
قد يكون السبب هو الدخل الاقتصادي الكبير الذي يمكن أن تدره مثل هذه المواقع المقدسة في قم ومشهد بشكل خاص خلال شهر رمضان لأنها تجذب الكثير من الزوار الشيعة من جميع أنحاء البلاد. لتبرعات العامة والمحلات التجارية القريبة والمحيطة بهذه الأماكن المقدسة تحقق الكثير من الإيرادات التي يحتاج إليها رجال الدين بشكل كبير في هذه المرحلة.
وهكذا، لا يكفي أن الإيرانيين يعانون من الاقتصاد القاسي الذي يكاد يدمر حياتهم، فإن القادة الدينيين أيضا يسعون لتحقيق مكاسب من فتح الأبواب التي تدر عليهم الأرباح مرة أخرى بغض النظر عن المخاطر التي قد تشكلها مثل هذه الخطوة على سلامتهم وعلى الحياة العامة.
إن جائحة كورونا تعطي النظام الإيراني القليل من الأمل بأن تداعيات الجائحة قد تؤثر على الناخبين الأمريكيين وأن تقلل فرص ترامب في الفوز في الانتخابات المقبلة في نوفمبر.
لهذا يلجأ المسؤولون الإيرانيون إلى محاولة إرضاء الناس وعدم إثارة أي غضب قد يسبب التظاهر إلى حين يتلاشى خطر تفشي الوباء ويخسر ترامب الانتخابات ويخرج من ساحة صنع القرار الأمريكي والعالمي. لكن كلا الأمرين يحمل معه مقامرة خطيرة: قرار عودة الناس إلى الحياة الطبيعية بهذه السرعة من جهة، والحكم على نتائج الانتخابات الأمريكية في هذا الوقت المبكر من جهة أخرى.