رسائل كلينتون.. كيف رأت أمريكا وضع عمر سليمان وموقف الجيش المصري من الإخوان ومبارك قبل رحيله؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أظهرت إحدى رسائل البريد الإلكتروني التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية على موقعها للوزيرة السابقة، هيلاري كلينتون، كيف حللت أمريكا الوضع في مصر، إبان الأيام الأولى لانتفاضة 2011، المعروفة باسم ثورة 25 يناير كانون الثاني.
الرسالة كانت مُرسلة إلى كلينتون، في يوم 31 يناير كانون الثاني 2011، أي قبل رحيل مبارك بـ11 يومًا، وبعد بضعة أيام قليلة من "جمعة الغضب"، التي شهدت خروج المصريين في مظاهرات حاشدة بالمدن الرئيسية في البلاد، عندما تصدت لها الشرطة بالقوة، قبل انسحابها ونزول الجيش إلى الشوارع.
في الرسالة، قال شخص ما (اُخفي اسمه)، إنه أجرى محادثات آنذاك مع تايلر دراميلر (ضابط بالاستخبارات المركزية الأمريكية، ومدير الشعبة الأوروبية للعمليات السرية) وباتريك لانغ (ضابط أمريكي متقاعد ومحلل استخباراتي للأوضاع في الشرق الأوسط)، حول الأزمة المصرية.
وأشارت الرسالة إلى أن دراميلر كان على اتصال وثيق مع مسؤولين استخبارات أوروبيين رفيعي المستوى ومع مصادر مباشرة على الأرض في مصر. أما لانغ فـ"هو صديق قديم لعمر سليمان".
ووضع دراميلر ولانغ 8 نقاط، تضمنت ملاحظات وسيناريوهات لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في مصر.
وقال الاثنان في الرسالة، إن "الأوضاع في الإسكندرية والسويس أسوأ بكثير مما كانت عليه في القاهرة - لا شرطة، لا حكومة، لا قضاة، مزيد من العنف، ومزيد من القتلى. الجيش يريد أن يحافظ على نفسه، مما يعني أن مبارك سيذهب. يريد (مبارك) الاستمرار لأسبوعين حتى لا يضطر إلى الفرار".
وأضافت الرسالة أن عمر سليمان، مدير الاستخبارات العامة المصرية السابق، سقط من حسابات مبارك في خريف 2010 "لسبب غير معروف، ربما بسبب طموح (ابنه) جمال، مُشيرة إلى أن سليمان تعرض لسوء المعاملة من قبل مبارك، "لقد وُعد (بمنصب) نائب الرئيس لمدة 15 عامًا، لكنها لم تحصل أبدًا لأن مبارك كان يخشى أن يخلفه بدلاً من جمال"، بحسب الرسالة.
ورأى تحليل رجلي الاستخبارات الأمريكية أن "سليمان لا يحظى بشعبية لدى بقية العسكريين. كونه من المخابرات وليس من الجيش. وإنه ليس محبوبًا، لكن الجيش يعرف أيضًا أنه غير مقبول للناس الآن".
وقال التحليل الاستخباراتي المُرسل إلى هيلاري كلينتون، إن "الجيش يدرك أنه يجب أن يتوصل إلى تسوية مع الإخوان المسلمين"، في وقت "تم سجن معظم قادة الإخوان المسلمين المتطرفين. الجيش يتحدث مع المعتدلين. لا يوجد الخميني أو نصرالله هناك. المشكلة ليست الإخوان المسلمين. المشكلة هي المستوى العام للتدين بين الطبقات الدنيا التي تفتقر إلى الوظائف".
كما أن "الجيش يريد جنرالاً كرئيس ومدني، مثل البرادعي، كرئيس للوزراء، لكن على الأرجح البرادعي ليس له قاعدة سياسية، رغم أن مكانته آخذة في الازدياد"، بحسب ما ورد في الرسالة.
في حين اعتبر التحليل الاستخباراتي أن ما يحدث في مصر ليس مجرد "مجموعة من الشباب يلعبون بوسائل التواصل الاجتماعي كما صوَرت الصحافة الأمريكية".
بينما اعتبر التحليل أن "الوضع يمكن أن يذهب في أي اتجاه. لكن قمع الحشود يعني حمام دم غير مقبول للجيش. الجيش يكره الشرطة"، ضاربًا المثل بما حدث في 1985 (يقصد ما عُرف وقتها بانتفاضة الأمن المركزي)، "عندما تقاتل الجيش مع الشرطة" قبل أن "تختفي من بعض المناطق"، ويضطر عناصرها "إلى حرق ملابسهم" الرسمية، بحسب الرسالة.
وقال التحليل الاستخباراتي إن "الجيش يعلم أن مبارك يجب أن يذهب، لكن متى؟ إذا ظل لمدة أطول فإن الوضع يمكن أن يخرج عن السيطرة.. هيئة الأركان يجب أن تقول له في عينه أن عليه أن يذهب. هل فعلوا ذلك بالفعل؟ هل يمكنهم؟ هم يعلمون أنه لا يمكنه البقاء، لكن هل سيجبرونه على الرحيل؟
وآنذاك، رأى التحليل أن أفضل سيناريو لانتقال السلطة هو أن يصبح عمر سليمان رئيسًا مؤقتا للبلاد، لكن ذلك يمكن أن يكون خطرًا، حسب ما ورد في الرسالة المُوجهة لكلينتون.
ورُغم ذلك، أكد التحليل أن "كل يوم يبقى فيه مبارك تصبح احتمالات الكارثة أكبر". وقال إن فكرة دعم الإدارة الأمريكية مبارك أصبحت من الماضي، كما انه ليس مقبولا " أن يتحدث الرئيس السابق باراك أوباما مع مبارك "لا يمكنه أن يكون المبعوث" الذي يخبره بأن عليه أن يترك السلطة.
وحسب الرسالة، اقترح التحليل أن ترسل الولايات المتحدة مبعوثا يلتقي مبارك وجهًا لوجه ويخبره بذلك، مثل قائد البحرية الأمريكية الأدميرال مايكل مولن، بينما تم استبعاد فكرة ترشيح وزير الخارجية السابق كولن بأول للقيام بهذه المهمة، لأن "المصريين لا يحترمونه".
في حين رجَح أن يتمكن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر من ذلك.
واُختتمت الرسالة التي تلقتها وزيرة الخارجية حينها هيلاري كلينتون بالقول إنه يتوقع أن يكون "أسبوعًا طويلا جدًا في الانتظار".
وكانت قد رفعت وزارة الخارجية الأمريكية تحت إدارة ترامب، السرية عن عدد من رسائل كلينتون عبر بريدها الإلكتروني، كونها كانت تستخدم بريدها الخاص، بعد أن هدد مايك بومبيو بالإقدام على هذه الخطوة.