تحليل إخباري: مخاوف السعودية من بايدن قد تكون مبررة.. وملف بارز للعمل المشترك
هذا التحليل بقلم نك روبرتسون، محرر الشون الدبلوماسية الدولية في شبكة CNN.
(CNN)-- وسط جميع قضايا السياسة الخارجية الملحة على طاولة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، لن تكون العلاقات مع المملكة العربية السعودية على رأس القائمة. ستهيمن الصين وإيران وربما كوريا الشمالية، لكن الرياض- التي ستستضيف القمة الافتراضية لقادة مجموعة العشرين في وقت لاحق من هذا الشهر- قد تشق طريقها قريبًا.
أخبرني دبلوماسي سعودي كبير قبل أسبوع من الانتخابات الأمريكية أن المملكة مستعدة للعمل مع من يفوز أيا كان. ومع ذلك، فإن الانطباع الذي أُعطي لي خلال هذه المحادثة هو أنه بسبب بعض تعليقات بايدن خلال الحملة، التي تشير إلى أنه سيكون صارما مع السعوديين، فإنه ليس خيار الرياض المفضل.
أخبرني مصدر آخر مطلع على المناقشات السياسية في المملكة أن السعوديين وجدوا الرئيس دونالد ترامب حليفا جيدا، وإن كان لا يمكن توقعه وحتى أنه قد يكون حليفا خطرا.
بعد تعرض المنشآت النفطية السعودية لهجوم بصواريخ كروز في سبتمبر الماضي، وبعد أن توصل المحققون السعوديون والأمريكيون "باحتمالية عالية جدا" إلى أنها قد تكون انطلقت من إيران، أخبرني المصدر أن السعوديين اضطروا إلى مطالبة ترامب بعدم تصعيد التوترات أكثر من خلال الانتقام. وقال إنهم اعتقدوا حقا أنه يمكن أن يشعل الحرب بالخطأ.
يشعر آخرون داخل المملكة بالقلق من أن بايدن يمكن أن يكون عودة إلى سنوات أوباما، والتي يعتقدون أنها كانت ناعمة مع إيران، وربما لا يمكن الاعتماد عليها لأمنهم.
قد تكون مخاوفهم مبررة.
تعهد بايدن بإعادة التعامل مع طهران بشأن الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، وخلال مناظرة للحزب الديمقراطي في الخريف الماضي هدد بتعطيل مبيعات الأسلحة للسعودية بمليارات الدولارات.
وقال بايدن في نوفمبر تشرين الثاني الماضي: "أود أن أوضح أننا لن نبيع في الواقع المزيد من الأسلحة لهم، بل سنجعلهم في الواقع يدفعون الثمن ونجعلهم في الواقع منبوذين".
لكن المكان الذي قد يجد بايدن نفسه يعمل معه مع السعودية هو السلام في الشرق الأوسط. هذا هو الطموح الذي يسعى إليه كل رئيس أمريكي تقريبا، وعلى مدار هذا العام خلق ترامب زخما من نوع ما.
وقال المصدر الدبلوماسي السعودي إن ترامب مارس "ضغوطا كبيرة" على الرياض لتتبع الإمارات والبحرين والسودان في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مضيفا أن الدعم السعودي كان "جائزة" لم يستطع ترامب الفوز بها حتى الآن، وذلك مؤشر على أنه حتى في هذه المرحلة الأخيرة من رئاسته، ربما لا يزال ترامب يأمل في كسب السعوديين.
حقق ترامب وصهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر بعض الحركة في المنطقة، لكنهما أخفقا كثيرا في تحقيق ما وعد به الرئيس المنتهية ولايته في الأصل، اتفاق سلام طويل الأمد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ركض كوشنر على عقد الصفقات التي أعطت مظهر المقايضة، ستحصل الإمارات على طائرات مقاتلة أمريكية متطورة من طراز F-35 ، وسيتم إزالة السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، على الرغم من أن جميع الأطراف تنفي أن هذه المقايضات كانت جزءا من الاتفاقات. الكونغرس لم يقر بعد صفقة الطائرات المقاتلة ويظل السودان على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
في الوقت الذي التقيت فيه بالمصدر الدبلوماسي، انتشرت شائعات مفادها أن الرياض كانت لا تريد الالتزام باتفاق مع ترامب في حالة احتياجها للمقايضة مع بايدن، لكن الدبلوماسي قال إن هذا غير صحيح، وعرض الحقائق كما يراها.
وقال إن المملكة العربية السعودية ستعمل دائما "من منطلق مصالح أمنها القومي"، لكن لها أيضا أهمية كبيرة فيما يتعلق بالقضية العاطفية للغاية المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية، حيث إن القرارات السعودية "ستغير الدول الإسلامية الأخرى وتجعلها تتبعها".
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، هو خادم الحرمين الشريفين، مما يمنحه شرعية ونفوذا في الدين لا مثيل له لدى أي شخص آخر، وتعتقد الحكومة السعودية أنه أساسي لكسب 1.8 مليار مسلم في العالم، لكن أي قرار خاطئ من قبله قد يكون كارثيا على المملكة، ويجعلها عرضة لاتهامات ببيع الفلسطينيين والتخلي عنهم.
أخبرني المصدر الدبلوماسي أنه يعتقد أنه من غير المحتمل بنسبة 90٪ أن يدعم الملك سلمان خطة ترامب. ومع ذلك، من الواضح أنه عندما يتولى ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العرش، وهو ما يمكن أن يحدث في عهد بايدن، يمكن أن تتغير الحسابات.
الموقف السعودي الحالي من السلام الفلسطيني - الإسرائيلي هو حل الدولتين على أساس حدود عام 1967. هذا ما حاول القادة السعوديون توحيد الفصائل الفلسطينية المتناحرة حوله لأكثر من عقد. أخبرني المصدر الدبلوماسي أنه في عام 2007 اعتقدوا لفترة وجيزة أنهم نجحوا، لكن الاتفاق انهار وتزايد الإحباط السعودي من الفلسطينيين منذ ذلك الحين.
وقال المصدر الدبلوماسي إنه في لقاء مؤخرا مع مسؤول فلسطيني، حذره من أن الوقت ينفد، وأنه "في غضون 10 سنوات لن يهتم أحد" بالفلسطينيين. وقال الدبلوماسي إنه أبلغ المسؤول الفلسطيني أنه كان ينبغي عليهم التعامل مع ما يسمى بـ"صفقة القرن"، التي قادها، للحصول على شروط مفيدة.
في أواخر أغسطس/ آب الماضي، سمح الملك سلمان لطائرة تجارية إسرائيلية تقل كوشنر ووفدا إسرائيليا بالتحليق فوق الأجواء السعودية في طريقها من تل أبيب إلى أبوظبي أثناء تدشين تلك العلاقة الجديدة. كانت رسالة واضحة للفلسطينيين بأن عقارب الساعة تدق، كما كانت البحرين تطبع العلاقات مع إسرائيل.
لكن ربما جاءت الرسالة الأكثر وضوحا والتي تشير إلى تغيير الموقف السعودي الشهر الماضي، عندما قال الأمير بندر بن سلطان آل سعود، الدبلوماسي السعودي الذي يحظى باحترام كبير، والسفير الأسبق لدى الولايات المتحدة والرئيس الأسبق للاستخبارات، لقناة "العربية"، إن "القضية الفلسطينية قضية عادلة، لكن المدافعين عنها فاشلين، وقضية إسرائيل غير عادلة، لكن أثبت المدافعون عنها نجاحهم".
لم يكن ليفعل ذلك بدون إذن الملك. كان المعنى واضحا: لقد سئمت المملكة من انتظار الفلسطينيين لصنع السلام، وهي تستعد للمضي قدما.
الرسالة الموجهة إلى العواصم الأجنبية، وربما لواشنطن على وجه الخصوص، واضحة بنفس القدر: الوقت قد حان ربما لإبرام صفقة.