"6 أيام في الفلوجة".. لعبة تعيد إحياء "آلام ومواجع" ضحايا الحرب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار الإعلان عن الاستعداد لإطلاق لعبة إلكترونية جديدة باسم "6 أيام في الفلوجة" موجة غضب واعتراضات، تندد باستغلال "آلام ومواجع" ضحايا معارك الفلوجة وأسرهم، التي وقعت في عام 2004 بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وكانت شركة أمريكية ناشئة تُدعى VICTURA قد أعلنت أنها ستطلق لعبة "6 أيام في الفلوجة" خلال عام 2021، كأول إنتاج لها، رغم أن مشروع اللعبة ليس جديدا، إذ كانت شركة "كونامي" الشهيرة المتخصصة بألعاب الفيديو قد أعلنت عن اللعبة في عام 2009 لكنها تراجعت عن طرحها بسبب حملة اعتراضات آنذاك.
ودشن نشطاء عريضة احتجاجية، بعد إعلان شركة VICTURA عن خططها لطرح اللعبة، جمعت نحو 17 ألف توقيع، للمطالبة بمنع إطلاق اللعبة. ودعا الموقعون على العريضة مطوري وناشري الألعاب الإلكترونية إلى "تحمل المسؤولية والنظر بعناية في الألعاب السامة والمسيئة للعراق التي ربما يعملون عليها"، واصفين حرب العراق بأنها "جريمة ضد الإنسانية وليست إلهاماً للترفيه".
وردا على طلب التعليق من CNN بالعربية، قالت شركة Victura، في بيان، إن "لعبة 6 أيام في الفلوجة عبارة عن مزيج من الوثائقيات وروايات شهود العيان وطريقة اللعب، يحاول مساعدة الأشخاص الذين لا يختبروا القتال مطلقاً على فهم سبب كونه مكلفاً للغاية للجميع".
وأضافت الشركة: "للقيام بذلك، تقدم اللعبة معركة الفلوجة الثانية من منظور المدنيين العراقيين، وكذلك قوات المارينز والجنود. ويتم إنشاء المشروع بمساعدة 27 عراقياً حتى الآن، بالإضافة إلى العشرات من جنود المارينز. وهناك أيضا 4 عراقيين يشاركون بنشاط في فريق التطوير أو كمستشارين".
وتابعت الشركة: "أثناء لعب اللعبة، غالباً ما يروي كل من الأمريكيين والعراقيين الذين كانوا حاضرين خلال هذه المواجهات الواقعية ما حدث بالفعل بينما يعيش اللاعبون اللحظات ذاتها بأنفسهم. سيختبر اللاعبون هذه المعركة كمدنيين عراقيين وكجنود خدمة (أمريكيين)".
وأشارت الشركة إلى أن منتقدي اللعبة لم يلعبوها على الإطلاق لأنها لم تصدر بعد، وقالت إن "انتقاداتهم مبنية على التكهنات وهي ببساطة غير دقيقة". *
من جانبها، قالت الناشطة المدنية العراقية كوثر المحمدي، عضو منتدى السلام بالفلوجة، في تصريحات لـCNN، إنها "صُدمت" عندما شاهدت الإعلان عن لعبة "6 أيام في الفلوجة"، مضيفة أنها رأت ردود فعل غاضبة من أهالي الفلوجة الذين يرفضون هذه اللعبة رفضاً تاماً.
وتوقعت كوثر المحمدي أن اللعبة سوف تحمل "تعاطفاً" مع عناصر الجيش الأمريكي، الذين وصفتهم بأنهم "قتلوا ودمروا مدينة الفلوجة"، وليس مع أهالي الفلوجة الذين "ما زالوا يدفعون ثمن تلك المعركة".
وأضافت: "هذه اللعبة سوف تقوم بتحريف التاريخ وتخفي الحقائق، والأهم من ذلك سوف تجرح مشاعر الناس، وتفتح المواجع، وخصوصا الجروح التي لم تشف بعد من هذه المعركة التي خلفت آلاف القتلى وآلاف الأرامل". وتابعت بالقول: "عار على من صنع هذه اللعبة التي غايتها جني الأموال على حساب آلام ومواجع الناس".
وحذرت كوثر المحمدي من أن طرح اللعبة "سوف يزيد المشاكل بين العراقيين والأمريكيين الذين لم يحسبوا أي حساب لمشاعر أهالي محافظة الأنبار". وتعهدت بأنها سوف تواصل جهودها في "نشر الوعي بين الناس وتجميع أصواتهم إلى أن يصل صوتهم لأعلى المستويات".
وقالت المحمدي إنه "يجب أن يكون هناك قرار حكومي عراقي بمنع هذه اللعبة"، مضيفة: "سوف نرفع دعوى قضائية ضد الشركة لو لم يوقفوا اللعبة".
من جانبه، قال سليمان الكبيسي، المستشار الإعلامي لمجلس محافظة الأنبار، إن "الأمريكيين بين الحين والآخر يتدخلون بشؤون بلد من البلدان، وهذا التدخل ليس سياسيا أبدا، بل إعلان حرب على الشعب بأكمله."
وأضاف: "في هذه اللعبة لعبوا دور البطولة ولكنهم تكبدوا خسائر كبيرة، لم يخسر الأمريكيون هكذا جنوداً بالآلاف عندما أرادوا احتلال الفلوجة أو الدخول إليها". وتابع بالقول: "لقد وضعوا بصمه لهم بالحرب على الفلوجة من الحرب التي استخدموا بها اليورانيوم والفسفور الأبيض ضد المدنيين، وما نتج عنه الآلاف من المرضى المصابين بالسرطان والتشوهات الخلقية، وحتى الآن تعاني الفلوجة وأهلها هذه الجراح بسبب الأمريكيين"، على حد تعبيره.
ودعا الكبيسي المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق حول ما وصفها بـ"الإبادة الجماعية التي تعرض لها العراقيون على يد الاحتلال الأمريكي وخاصة الفلوجة"، قائلاً إنهم ما زالوا "يصارعون الحرمان من الكثير من أبنائهم الذين فقدوا خلال الحرب أو جراء الأمراض التي فتكت بالعراقيين وخاصة أهالي الفلوجة".
*ملاحظة المحرر: تم تحديث التقرير لإضافة رد الشركة الذي وصل إلى CNN بعد نشر التقرير.
شارك في التغطية محمد توفيق