بعد غياب الأردن عن "قمة النقب".. قراءة لزيارة الملك عبدالله إلى الأراضي الفلسطينية
عمّان، الأردن (CNN) -- يصف مراقبون الزيارة التي أجراها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين، إلى مدينة رام الله بالاستثنائية لاعتبارات عدة، في مقدمتها توقيت الزيارة ومستوى الوفد المرافق، ناهيك عن الرسالة المباشرة في دعم القيادة الفلسطينية، والإنذار الأردني "المبكّر" الموجه إلى الجانب الاسرائيلي لتطويق أي تصعيد محتمل، خلال شهر رمضان ضد المصلّين الفلسطينيين في الحرم القدسي.
الزيارة التي أعقبت حراكا سياسيا غير مسبوق في المنطقة، من بينها اللقاء التشاوري بمشاركة مصر والإمارات والسعودية والعراق بدعوة ملكية في مدينة العقبة، جاءت كذلك بعد اعتذار أردني دبلوماسي عن “قمّة النقب”، والتي جمعت للمرة الأولى 4 وزراء خارجية البحرين والمغرب ومصر والإمارات بوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، وعقدت بضيافة وزير الخارجية الاسرائيلي يائير لابيد.
لكن زيارة رام الله المعززة للموقف الأردني التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، وفقا لمصادر مطلعة فإنها “غير مسبوقة” أيضا؛ بعد سنوات مضت منذ زيارة سابقة في عام 2014 الذي شهد آنذاك آخر جولة مفاوضات لإحياء عملية السلام، بمبادرة من وزير الخارجية الأمريكي حينها، جون كيري، لبحث اتفاق، لكن المبادرة لم تسفر عن نتائج ملموسة.
ونوهت المصادر ذاتها، إلى ضرورة تفسير الزيارة في إطار الهدف المعلن لها، والتي لخصّها الملك عبدالله الثاني بعبارة “نحن والفلسطينيون الأقرب إلى بعض وفي نفس الخندق".
ويبدو أن مشهد مرافقة ولي العهد الشاب الأمير الحسين بن عبدالله ورئيس الوزراء بشر الخصاونة ووزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي اعتذر للتّو عن اجتماع النقب في تصريحات نسبت إلى مصادر أردنية مؤخرا، إلى جانب حضور مدير جهاز المخابرات اللواء أحمد حسني في ظهور علني نادر له، يفتح الاحتمالات على دعوة أردنية لعقد لقاء ثلائي مع الاسرائيليين، وفقا لمدير مركز القدس للدراسات السياسية، الكاتب عريب الرنتاوي، في الوقت الذي لا يبدي فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، أية بوادر للتفاوض .
ويقول الرنتاوي: "قد نكون أمام سيناريو 2014 وقد لا نكون، هناك خلافات داخل الحكومة الاسرائيلية بشأن مسار التفاوض ولابيد عندما التقى الملك في عمّان كان لهذا الشأن، لكن ما يجري على أرض الواقع يوميا ضد الفلسطينيين من انتهاكات إسرائيلية لن يطفىء شرارة الغضب الفلسطيني".
ويرى الرنتاوي في حديثه لموقع CNN بالعربية، بأن الزيارة رسالة دعم للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس و"شحنة دعم قوية للسلطة الفلسطينية، وكذلك رسالة إنذار مبكّرة لتطويق أي انفجار محتمل للأوضاع في القدس مع استمرار تهديدات اليمين الديني والقومي، واقتحامات الحرم القدسي الشريف، والهجوم المسلح على حي الشيخ جراح"، بحسب تعبيره.
ويذهب الرنتاوي بالقول، إن لدى الأردن بلا شك مخاوف على مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية، وعلى بروز تحديات تواجه قيامه (الأردن) بمقتضيات الرعاية الهاشمية للمقدسات الإٍسلامية والمسيحية بالصورة المطلوبة، وخشية “تطاير الشرر إلى أرجاء الاراضي الفلسطينية”، مع حدوث أزمات بالتزامن في المنطقة مثل الحرب على أوكرانيا.
ويعتقد الرنتاوي، بأن الأردن في خضم هذه التطورات، يواصل استعانته، بقوة علاقاته بما في ذلك العلاقات الاردنية الاسرائيلية، خاصة الأمنية والعسكرية والتي يمكن لوزير الخارجية الاسرائيلي لابيد من خلال قنواتها، أن يلعب دورا لتحريك مسار التفاوض.
وتزامنت الزيارة مع اقتحام مجموعة من المستوطنين فندق البتراء الواقع في أحد ميادين مدينة القدس، والمملوك لبطريركية الروم الارثوذكس المقدسية، والمستأجر من عائلة مقدسية تدعى “قرّش” ، إذ يشرف على الطريق المؤدية للمسجد الاقصى وكنيسة القيامة.
وأصدر مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس التابع لوزارة الأوقاف الاردنية، بيانا وصلت سي إن إن بالعربية نسخة منه، أكد فيه على الحق التاريخي والقانوني القائم منذ العام 1967 والذي يخوّل حصرا مجلس الكنائس بإدارة شؤون الاوقاف المسيحية في القدس وفقا للأعراف الدولية، ومن بينها فندق البتراء.
وكان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، قد قال خلال مؤتمر صحفي في ختام قمّة النقب: "سوف نواجه التهديدات من إيران ووكلائها في المنطقة"، وأضاف: "منذ بضع سنوات لم نكن لنتصور هذا الاجتماع في إسرائيل".