لماذا اختارت دولة عربية تدريس "الهولوكوست" في مدارسها الابتدائية والثانوية؟

نشر
8 دقائق قراءة
Credit: GettyImages

تقرير من إعداد محمد عبدالباري، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

محتوى إعلاني

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ستصبح الإمارات العربية المتحدة قريبًا أول دولة عربية تدرس فظائع "الهولوكوست" النازي في مدارسها- في خطوة تاريخية تم الإشادة بها في بعض الأوساط، ولكنها تعرضت أيضًا لانتقادات من أوساط أخرى.

محتوى إعلاني

وتخطط الإمارات لإدراج تعليم الهولوكوست في المناهج الدراسية للمدارس الابتدائية والثانوية، وذلك بحسب ما ذكرته سفارة الإمارات في الولايات المتحدة عبر حسابها على تويتر، الأسبوع الماضي.

وتقول الإمارات إنها ستعمل مع معهد "مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي" ومقره تل أبيب ولندن، ومع مؤسسة "ياد فاشيم" التذكارية للهولوكوست في القدس، للمساعدة في وضع منهج جديد، وفقا لتقرير نشر في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية.

وقال المتحدث باسم المؤسسة سيمي ألين لشبكة CNN: "لدينا الآن فرصة للوصول إلى جماهير جديدة، وتعمل ياد فاشيم على تمهيد الطريق لنشر الوعي بالهولوكوست في العالم العربي". وأضاف: "في معظم أنحاء العالم الناطق باللغة العربية، حتى وقت قريب، لم يكن هناك حوار يذكر مع ياد فاشيم حول أحداث وفظائع الهولوكوست".

وكان تدريس الهولوكوست غائبا إلى حد كبير عن المناهج المدرسية الحكومية في الدول العربية، لكن الإمارات العربية المتحدة تضاعف من الوعي بالهولوكوست منذ تطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020.

وزار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد رفقة نظيره الإسرائيلي النصب التذكاري للهولوكوست في برلين في أواخر عام 2020.

وفي عام 2021، افتتح أول معرض تذكاري للهولوكوست في المنطقة العربية في دبي، وفي العام الماضي، قام وزير الخارجية بزيارة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة إلى نصب "ياد فاشيم"، حيث وضع إكليلا من الزهور.

وفي مقال نشر في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عام 2021، كتب علي النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والخارجية والداخلية في المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، أن المناهج الدراسية في العالم العربي "قد حذفت أجزاء مهمة من التاريخ في الغرب"، بما في ذلك الهولوكوست، لفترة طويلة جدا. وقال إن المسلمين "يجب أن يحرروا أنفسهم من أعباء التاريخ للمضي قدما نحو المستقبل".

وقالت كريستين سميث ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، لشبكة CNN، إن هذه الخطوة هي "نتيجة طبيعية لاتفاقيات أبراهام".

وأضافت: "تعمل قيادة الإمارات على هندسة التغيير الثقافي لدعم أهدافها الاستراتيجية". وتابعت بالقول: "لقد رافق تبني التنوع العرقي توسع قوة عاملة عالمية، وساعد الحوار بين الأديان في مكافحة الإسلاموية والتطرف الديني".

وليس من الواضح ما إذا كانت خطوة الإمارات ستنطبق فقط على المدارس الحكومية أو مئات المدارس الخاصة في الدولة. ولم ترد وزارة التعليم الإماراتية على طلب CNN للتعليق، مع حلول وقت النشر.

ويشكل المغتربون ما يقرب من 90٪ من سكان الإمارات، البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة وفقا لبيانات البنك الدولي، وكثير منهم يرسلون أطفالهم إلى مدارس يديرها القطاع الخاص تدرس المناهج الدراسية الدولية التي غالبا ما تشمل تدريس "الهولوكوست".

والتزم الإماراتيون الصمت إلى حد كبير على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قرار تدريس "الهولوكوست"، لكن عبدالخالق عبدالله، الأكاديمي الإماراتي البارز أستاذ العلوم السياسية، علق على القرار في تغريدة قائلا إنه لا داعي له.

وكتب على تويتر: "تكرر الحديث من جديد عن إضافة موضوع الهولوكوست في مناهجنا المدرسية رغم عدم وجود أي قيمة وطنية وإضافة تربوية وحاجة معرفية لتدريس الهولوكوست. أتمنى أن يصدر نفي صريح لهذا الحديث من الجهات المسؤولة".

واتسمت غالبية ردود الفعل من العرب خارج الإمارات بالنقد، حيث اتهم البعض الدولة بتسليم السيطرة على مناهجها الدراسية لإسرائيل، بينما تساءل آخرون عما إذا كان ذلك سيأتي على حساب تدريس تاريخ الفلسطينيين، ولا سيما "النكبة"، التي تشير إلى قيام إسرائيل عام 1948، والتي شهدت إجبار ما يقرب من 700 ألف فلسطيني على مغادرة منازلهم.

وقالت مغردة تدعى دارين، وتعرف نفسها على أنها فلسطينية بقولها: "نحن لا ننكر الهولوكوست ونتعاطف مع ضحاياها، لكن إدراجها في المناهج الدراسية للطلاب الصغار يسهل على (إسرائيل) التسلل إلى الشعب العربي".

وأكدت الإمارات، التي توجد بها جالية فلسطينية كبيرة، عبر تقارير إعلامية محلية إن تطبيعها مع إسرائيل لن يؤثر على التزامها بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وغرد ياسر أبو هلالة، المدير السابق لقناة الجزيرة، بأن تدريس الهولوكوست في الإمارات كان "مفيدا لمعرفة تاريخ الغرب ووحشيته"، وأضاف أنه "نفس الغرب الذي تناسل منه الصهيونية"، في إشارة إلى حركة إنشاء دولة يهودية في الشرق الأوسط.

إن مشاركة منظمة إسرائيلية في كتابة منهج الدولة يجلب بعدا إضافيا من التعقيد. وأظهرت استطلاعات أن الرأي العام في الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات، لا تشارك حكوماتها وجهة نظرها في علاقاتها مع إسرائيل.

وأظهر استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في يوليو 2022 أن أكثر من 70٪ في الإمارات والبحرين لديهم وجهة نظر سلبية تجاه التطبيع.

كما أن "اتفاقيات أبراهام" لا تحظى بشعبية في الدول العربية الأخرى. وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز العربي للبحوث ودراسات السياسات ومقره قطر، الأسبوع الماضي، أن 7.5٪ فقط من العرب يؤيدون التطبيع، فيما اعتبر 84٪ من المشاركين في الاستطلاع أن إسرائيل هي التهديد الأكبر للمنطقة العربية، تليها الولايات المتحدة وإيران، على التوالي.

وشمل الاستطلاع أكثر من 33 ألف شخص من 14 دولة عربية، ولكنه لم يشمل الإمارات.

ويقول محللون إنه رغم الفجوة بين وجهات النظر الرسمية والشعبية بشأن إسرائيل، فمن المرجح أن تمضي الإمارات العربية المتحدة قدما في تعزيز العلاقات مع إسرائيل.

وقالت دينا إسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "قد لا يكون الشعب الإماراتي على نفس المسار بالكامل، لكن القيادة قررت أن هذا هو المسار الذي ستتبعه، وبالتالي ستستمر في القيام بذلك".

وأضافت لشبكة CNN: "إنهم يعتقدون أن لديهم تأثيرا أكبر على إسرائيل وعلى العمل الإسرائيلي من خلال الحفاظ على هذه العلاقات الجيدة".

وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربي إن بعض الإماراتيين لن يرتاحوا للتنسيق مع مؤسسة إسرائيلية "في مجال حساس مثل التعليم"، لأن هناك تعاطفا شعبيا مع محنة الفلسطينيين. وأضافت: "لكن هذا لا ينبغي أن ينفي قيمة وأهمية فهم الحقائق التاريخية وسياق الهولوكوست، المعلومات المضللة مشكلة ولا تخدم أحدا".

نشر
محتوى إعلاني