تحليل.. لماذا تم استبدال علي شمخاني النجم الصاعد للدبلوماسية الإيرانية؟

نشر
8 دقائق قراءة
صورة أرشيفية لعلي شمخانيCredit: ATTA KENARE/AFP via Getty Images

تقرير من إعداد نادين إبراهيم، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

محتوى إعلاني

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في شهر مارس/ آذار الماضي، وجد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني نفسه على الصفحات الأولى لأهم وسائل الإعلام في العالم وهو يصافح وزيرا سعوديا بعد التوصل لاتفاق تاريخي توسطت فيه الصين.

محتوى إعلاني

وربما كانت تلك أكبر لحظة دولية في مسيرة علي شمخاني، وربما الأخيرة، وبعد 3 أشهر تقريبا من ذلك الاجتماع، تم استبداله.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية أن شمخاني استقال هذا الأسبوع من منصبه الذي استمر فيه لـ10 سنوات كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وحل محله جنرال غير معروف من "الحرس الثوري" الإيراني، والذي يقول محللون إنه يتمتع بخبرة قليلة خارج المجال العسكري.

وكان شمخاني اسمًا معروفًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي الدوائر الدبلوماسية في واشنطن وأوروبا، وكان نجما صاعدا للدبلوماسية الإيرانية، لقد كان أكبر مسؤول للأمن القومي في البلاد منذ عام 2013، وقبل ذلك لعب عددا من الأدوار المهمة، بما في ذلك في "الحرس الثوري" الإيراني ووزارة الدفاع.

ولكن على الصعيد الدولي، كان الرجل البالغ من العمر 67 عاما، معروفا بعمله الدبلوماسي الأخير، وخاصة فيما يتعلق بالملف النووي.

طموح جدا

وقال محللون إن استبداله المفاجئ ليس بالأمر غير المعتاد في إيران، حيث كان من الممكن أن تنتهي فترة ولاية شمخاني بعد عقد من شغله منصبه.

وأضاف المحللون أن الظروف المحيطة بالتغيير قد تثير قلق المرشد الإيراني علي خامنئي تجاه المسؤولين الذين قد يصعدون إلى دائرة الضوء أو يصبحون طموحين للغاية.

وقال أليكس فاتانكا، المدير المؤسس لبرنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن دور شمخاني في الملف النووي الإيراني ربما قد أثار شعورا بالمرارة لدى الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته، حسين أمير عبداللهيان.

وأضاف فاتانكا، لشبكة CNN، إنه تولى إدارة المحادثات النووية على مدار العامين الماضيين، وبينما كان لديه خلافات مع الرئيس السابق حسن روحاني، كان لديه أيضا مشاكل مع رئيسي وعبداللهيان.

وتابع أنه مع رئيسي، كان هناك شعور بأن شمخاني كان "يأخذ كل المجد عندما يتعلق الأمر بإنجازات السياسة الخارجية الإيرانية، وأبرزها الانفراجة في العلاقات مع السعودية والإمارات"، مضيفا أن وسائل الإعلام المحلية صورت خلال العامين الماضيين رئيسي وأمير عبداللهيان كشخصيات تلعب أدوارا رمزية، مما يظهر شمخاني على أنه صانع القرار الحقيقي.

وذكر أن هناك عناصر داخل النظام الإيراني ربما شعروا بالحاجة إلى "إسقاطه، لأنه أصبح أكبر من أن يصبح مفيدا لمصلحة الجماعات الأخرى".

ويقول الخبراء إن رئيس الأمن القومي السابق كان طموحا، وكان لديه خبرة واسعة، من الترشح للرئاسة في عام 2001 إلى تولي مناصب رئيسية في "الحرس الثوري" ووزارة الدفاع، ولا يتمتع خليفته بهذا المكانة المرموقة.

وذكر ﻋدﻧﺎن طﺑﺎطﺑﺎﺋﻲ، المحلل الإيراني والمدير التنفيذي لمركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (CARPO) لشبكة CNN، أن عزل شمخاني قد يكون له علاقة أيضا بالسياسات الفئوية في إيران.

وقال: "من العدل أن نفترض أن القرارات الاستراتيجية التي اتخذت في المجلس الأعلى للأمن القومي مثل الانفراجة في العلاقات الإيرانية السعودية لا ينبغي أن تنتهي بالفوز لأي فصيل سياسي"، مشيرا إلى أن الأدوار السابقة التي لعبها شمخاني، مثل منصبه كوزير دفاع سابق ربما سلب صورة المجلس باعتباره من يحقق هذه المكاسب الاستراتيجية.

وبعد فترة وجيزة من تنحي شمخاني من منصبه في مجال الأمن القومي، تم تعيينه كعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام وهو الآن مستشار سياسي لخامنئي، وهو مسار وظيفي يتقاسمه العديد من كبار المسؤولين السابقين، وفقا للمحللين.

كما تم تعيين الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي اختلف مع خامنئي، في مجمع تشخيص مصلحة النظام.

وقال سينا توسي، الزميل غير المقيم في مركز السياسة الدولية في واشنطن: "مثل هذا المنصب غالبا ما كان وسيلة لمكافأة مسؤول كبير سابق على خدمته، وإبقائه قريبا من مراكز السلطة".

وأضاف: "ولكن في حين أن شمخاني قد لا يزال مؤهلا لشغل مناصب عليا في المستقبل، فإن أهمية دوره الحالي قد تختلف اعتمادا على مدى وصوله أو تأثيره على المرشد ومدى مشاركته في صنع القرار أو عمليات صنع السياسات".

ومع ذلك، لم يكن صعود شمخاني سلسًا، وبصرف النظر عن خلافاته مع أعضاء مجلس الوزراء الرئيسيين، فقد ارتبط الرجل أيضًا ببعض الفضائح، بما في ذلك علاقاته مع علي رضا أكبري، وهو مواطن بريطاني إيراني مزدوج الجنسية أعدمته السلطات الإيرانية هذا العام بتهمة التجسس والفساد.

وقال توسي إن أكبري اتهم مع أبنائه بالفساد، وهي مزاعم استخدمت في الماضي "لتهميش أفراد أو فصائل".

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على طلب CNN للتعليق.

من هو خليفته.. وما الذي يتوقع أن يتغير؟

تم استبدال شمخاني بالعميد علي أكبر أحمديان في "الحرس الثوري"، الذي يقول المحللون إنه من المتوقع أن يكون أكثر طاعة وأقل طموحًا من علي شمخاني.

وقال سينا توسي: "ربما تم تعيين أحمدي في هذا المنصب لأن خامنئي يثق به كقائد عسكري مخلص وخبير يمكنه تنفيذ رؤيته وجدول أعماله"، مضيفا أن خبرة أحمدي في استراتيجية الدفاع والحرب البحرية قد تكون مفيدة أيضا لخامنئي.

وقال طباطبائي إن أحمديان هو أولا وقبل كل شيء "خبير استراتيجي أمني وعسكري"، وتعيينه قد يهدف إلى "نزع تسييس" الحسابات الأمنية وصنع القرار في مجلس الأمن القومي، الذي يعد أعلى هيئة أمنية في إيران، ويضم شخصيات رفيعة لعبت أدوارا دبلوماسية مهمة.

ويقول المحللون إنه من غير المتوقع أن يتغير الكثير عندما يتعلق الأمر بسياسات الأمن القومي الإيراني، وأن الانفراجة في العلاقات السعودية الإيرانية التي قادها شمخاني من المرجح أن تظل كما هي، لكن البعض يثير تساؤلات حول مصير الاتفاق النووي، الذي كان شمخاني يتعامل معه على مدار العامين الماضيين.

وكانت المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، متوقفة عن العمل منذ عام 2021، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب آنذاك.

وتوقفت المحادثات العام الماضي وتوترت العلاقات بين إيران والغرب بعد أن بدأت طهران في تزويد روسيا بطائرات مسيرة لتستخدمها في حربها على أوكرانيا.

وليس من الواضح ما هو الموقف الذي سيتخذه أحمديان من الاتفاق النووي، لكن الخبراء يشيرون إلى أن سياسات مجلس الأمن القومي لا يتولى تشكيلها الأمين وحده، وأن أحمديان من المرجح أن يسعى للحصول على توجيهات أعلى في التسلسل القيادي.

وقال طباطبائي: "يبقى أن نرى ما إذا كان علي أكبر أحمديان سيكون حاضرا في العلن مثلما كان علي شمخاني في العام الماضي على وجه الخصوص".

نشر
محتوى إعلاني