احتفالات زفاف الأمير الحسين ترسّخ تقاليد الأردنيين وتجدّد مسيرة حكم العائلة الهاشمية

نشر
8 دقائق قراءة
Credit: RHC

عمّان، الأردن (CNN)-- عزّزت الاحتفالات بزفاف ولي عهد الأردن، الأمير الشاب الحسين بن عبدالله على السعودية رجوة آل سيف، إرث تقاليد العرس الأردني على مدار أكثر من أسبوع حتى اليوم الخميس، حيث سيوقّع عقد قرانهما في قصر زهران بحضور نحو 140 ضيفا، قبل أن يبدأ مسير الموكب الأحمر الملكي ليطوف بالعروسين، شوارع العاصمة عمّان، وصولا إلى قصر الحسينية.

محتوى إعلاني

وانشغل الأردنيون باحتفالات الزفاف وطقوسه التي حاكت الموروث الأردني، إلى جانب الالتزام بتقاليد العائلة الملكية الهاشمية، إلا أن تنوّع الاحتفالات بزواج الأمير الحسين بن عبدالله، حمل معه دلالات سياسية واجتماعية أردنية ترتبط بولاية العهد التي اختير لها في الثاني من تموز 2009، بوصفه النجل الأكبر للملك عبدالله الثاني.

محتوى إعلاني

وجاء اختيار الأمير الحسين وليا للعهد بعد شغور الموقع منذ 2004 إثر إعفاء الأمير حمزة الأخ غير الشقيق للملك عبدالله.

ويقول الشيخ طلال صيتان الماضي، أحد وجهاء العشائر الأردنية، إن زفاف ولي العهد يحمل أهمية خاصة لدى الأردنيين، لما به من ارتباط بالحفاظ على النسل الهاشمي في وقت اتسمت فيه الاحتفالات بالشعبية منذ اللحظات الأولى.

وبدأت أولى الاحتفالات للزفاف، بإقامة الملكة رانيا حفل حنّاء تراثي للعروس رجوة تكريما لها، حضرته نحو 600 سيدة من أطياف المجتمع الأردني على وقع أهازيج فرح أردنية وحجازية، مرورا بليلة "سمر" أقامها منتسبو رفاق سلاح الأمير الحسين في لواء الملك الحسين بن طلال المدرّع الملكي 40، وكذلك إقامة حمّام للعريس عشية الزفاف تلاه مأدبة عشاء للرجال أقامها والد العريس، الملك عبدالله الثاني في مضارب بني هاشم، بحضور ما يقارب 4 آلاف مدعو.

ويشير الماضي العضو في مجلس الأعيان الأردني في حديثه لموقع CNN بالعربية، إلى أن التقاليد الأردنية تجلّت في وليمة العرس "القرا" التي يقتصر حضورها على الرجال، وتناول طعام المنسف الأردني المدرج على لائحة التراث العالمي غير المادي لليونسكو لعام 2022، وكذلك أداء فنون شعبية أردنية مثل فن "السامر" المدرج أيضا على اللائحة العام 2003، وهو قالب غنائي أصيل من قوالب الغناء البدوي المتوارثة.

وجاءت مشاركة الأمير الحسين وارتدائه اللباس العربي خلال المأدبة، والمشاركة في رقصة "الدحيّة" التي يصطف فيها الرجال بجانب بعضهم البعض، و يتمايلون على أنغام الأهازيج، محاكاة لافتة للموروث الشعبي بسمة ملكية.

ويقف الماضي عند عادات العرس الأردني في المأدبة، التي رافقها الترحيب الملكي في استقبال الضيوف، وقال: "كان هنا مجموعة من أصحاب السمو والأمراء في استقبال المدعوين والتسليم عليهم بحفاوة كما يحدث في أعراسنا، كما سلّم جلالته على الحاضرين بالمرور على كل المجموعات عند وصوله".

ولاية العهد هذه هي حالة تجديد لمسيرة الهاشميين

وجسّدت مأدبة العشاء حالة "الاشتباك الإيجابي"، بين الأردنيين والعائلة الهاشمية وفقا للماضي، وعبّر عنها الملك عبدالله أيضا في كلمته لنجله وإهدائه إياه، لنسخة من سيف الملك عبدالله الأول الحجازي الذي يعود لعام 1916، وصنّع خصيصا لهذه المناسبة من الحديد المستخرج من الأحجار المحيطة بجبال عجلون، كما نقش على السيف الآية القرآنية من سورة آل عمران "إن ينصركم الله فلا غالب لكم".

ويعتبر إهداء السيف محاكاة للموروثين العربي والإسلامي، ورسالة لولي العهد ليكون عونا على الحق، كما يرى الماضي، ويضيف: "السيف له دلالة تاريخية وحثّ من جلالة الملك لولي العهد بأن يكون دوما في صف الحق"، على نهج أجداده الهاشميين.

ويرى الماضي بأن كلمة الملك كانت مفعمة بالحكمة وبحرص الأب الراعي لولده مع دعوته لمخافة الله في وطنه وشعبه، منوّها إلى أن وصول ولي العهد الأمير الحسين محاطا بزملائه العسكريين إلى المأدبة بعد وصول الملك، تغيير للتقليد الملكي أراد فيه العاهل الأردني، التأكيد على "انصهار ولي العهد مع شعبه ومع القوات المسلحة الأردنية التي تحظى باحترام الأردنيين واندماجها في البعدين التنموي والإنساني للبلاد".

هذا، وتبدأ مراسم عقد القران اليوم الخميس المعلن عطلةً رسمية، في قصر زهران الملكي الذي بني في خمسينيات القرن الماضي، وطالما كان مقرا هاشميا لمراسم بعض عقود القران الملكية، وشهد زفاف الملك الراحل الحسين بن طلال والأميرة منى، وكذلك زفاف الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا.

من جهته، يرى الوزير الأردني الأسبق محمد المومني، بأن احتفالات الزفاف الملكي تعكس حالة الالتفاف الشعبي حول العائلة الحاكمة، وقال لموقع CNN بالعربية: "زفاف الأمير الحسين مثال لحالة التلاحم والتناغم بين الهاشميين والشعب، فقد عكس الهاشميون أينما حكموا قربهم وتواضعهم للناس، كما أن الزفاف جسّد بعدا تقليديا مهما في تقاليد الأعراس الأردنية، من ليلة الحناء لسهرة العريس وحمامه، ثم الزفة والقرا، وعقد القران والموكب الأحمر كما هو مقرر".

وأشار المومني العضو في مجلس الأعيان الأردني حاليا، ويشغل أيضا موقع الأمين العام لحزب الميثاق الوطني حديث التأسيس، إلى أن البعد العسكري كان حاضرا بشكل مهيب في احتفالات الزفاف للأمير الذي يحمل رتبة نقيب في الجيش العربي الأردني، وأضاف: "للجيش رمزية كبيرة للاحتفال بهذه المناسبة فهم يحتفلون بولي عهد الأردن، وأيضا بنقيب في صفوف الجيش، فرحة الضباط وضباط الصف بزفاف رفيقهم كانت من أبهى الاحتفالات، وحملت الكثير من المعاني الوطنية".

وتتخذ الاحتفالات الرسمية التي من المقرر أن يشارك بها اليوم نحو 1700 من الشخصيات الحضور عقب الانتهاء من عقد القران الملكي، بينهم رؤساء دول عربية وأجنبية وممثلي عائلات حكم وكبار مسؤولين، بعدا سياسيا آخر للمملكة فيعمقها الإقليمي والدولي وفقا للمومني.

ويقول المومني إن العلاقات الوثيقة التي رسخها الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا وولي العهد الأمير الحسين كنظام حكم مع دول العالم والمنطقة، تنعكس في حجم وطبيعة الحضور للزفاف الملكي، "وكنوع من التقدير والاحترام للأردن ومكانته الذي انحاز دوما للقيم الانسانية والعربية القومية، وتقّدم في الطروحات والمواقف السياسية والدبلوماسية".

وأضاف: "يأتي العالم ليحتفل معنا اليوم، ويفرح بزفاف ولي العهد الذي يقف اليوم على يمين الملك ويشد من عضده".

ومن المقرر أن تستمر مراسم زفاف الأمير الحسين بن عبدالله على الآنسة رجوة حتى مساء اليوم الخميس، بمأدبة عشاء لضيوف المملكة، وسيتم استقبالهم في قصر الحسينية في حفل ملكي يزف فيه العروسين بزفة أردنية عسكرية تقليدية مرورا بقوس من السيوف، وذلك بالتزامن مع تنظيم احتفالات شعبية في أرجاء المملكة.

نشر
محتوى إعلاني