مصر.. زيادة الحد الأدنى للأجور للمرة الثالثة وتراجع الدولار في السوق السوداء
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شهد الاقتصاد المصري عدة تطورات خلال الأيام القليلة الماضية، سواء على صعيد تحسين دخول المواطنين من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور للمرة الثالثة خلال عام ليصبح 3500 جنيه (113.52 دولار)، أو من حيث تراجع الدولار في السوق الموازية عقب تخفيف الضغوط على استخدام البطاقات الائتمانية لعملاء البنوك مما أدى إلى تراجع العملة الخضراء بقيم 2 إلى 3 جنيهات، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية عن متعاملين.
في الوقت نفسه، استأنف البرلمان انعقاده بالموافقة على قانون الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار، بهدف دعم الصادرات والاستثمارات المصرية وتعزيز قدراتها التنافسية إقليميًا ودوليًا؛ لتحقيق فائض في الميزان التجاري لمصر، ويناقش البرلمان الاتفاقية مع بنكي دويتشه بنك وأيه بي سي لاقتراض 500 مليون دولار، بهدف تعزيز مواردها الدولارية، وحل أزمة نقص النقد الأجنبي.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية منذ مارس/ آذار من العام الماضي نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا والحرب الروسية الأوكرانية مما تسبب في خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات. في وقت تحاول الحكومة مواجهة الأزمة عبر تعزيز مواردها من النقد الأجنبي من مصادره، من السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر وعوائد قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج، إضافة إلى الاتفاق على برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن سعر الدولار ارتفع أمام الجنيه في السوق الموازية نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، موضحًا أن الحرب في غزة تسببت في زيادة الطلب على الدولار نتيجة تخوف المواطنين من تداعيات الحرب على الاقتصاد المصري مما دفعهم إلى عدم التخلي عن بيع الدولار، والإقبال على شرائه تخوفًا من انخفاض جديد للجنيه، وتزامن مع ذلك تراجع تدفق النقد الأجنبي بسبب إلغاء رحلات سياحية إلى المنطقة ومنها مصر.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار منذ مارس/ آذار من العام الماضي بنسبة 50% ليصل سعر الدولار إلى 30.82 جنيه للشراء، 30.85 جنيه للبيع في البنك المركزي، في حين نقلت وسائل إعلام محلية عن متعاملين ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية إلى 48 جنيهًا مع مطلع الأسبوع الماضي قبل أن يتراجع تدريجيًا بين 42 إلى 44 جنيهًا مع نهاية الأسبوع.
أضاف "عبد العال"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك عوامل خارجية أثرت كذلك على زيادة سعر صرف الدولار في السوق الموازية منها تخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسستي ستاندرد أند بورز وموديز، إضافة إلى استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لمراجعة الشريحتين الثانية والثالثة من قرض الصندوق لمصر مما يزيد من التكهنات بخفض جديد للعملة حتى يتم وقف استنزاف الاحتياطي.
وخفضت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيف مصر الائتماني السيادي طويل الأجل إلى "-B" من "B"، وسبقتها وكالة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني إلى "Caa1" من "B3".
أشار الخبير المصرفي إلى عامل آخر يقف وراء زيادة سعر الدولار في السوق الموازية، وهو ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية لعملاء البنوك، التي قرر البنك المركزي تقييد حدود البطاقات بعدما رصد إساءة استخدام بعض المضاربين للبطاقات الائتمانية، مضيفًا في هذا الصدد أن عملاء البطاقات الائتمانية سحبوا 5 مليارات دولار خلال الفترة من يونيو/ حزيران 2022 حتى نفس الشهر من العام الحالي.
وأثرت قيود استخدام البطاقات على زيادة الإقبال على الدولار في السوق الموازية، قبل أن يعدل البنك المركزي قراره مرة ثانية بإلغاء الحدود القصوى وتعديل شروط استخدام البطاقات مما أثمر عن خفض سعر الدولار في السوق الموازية من 48 جنيهًا إلى 44 جنيهًا.
وخفف البنك المركزي المصري من القيود المفروضة على استخدام البطاقات الائتمانية، وأتاح حدود الاستخدام المقررة بالكامل للبطاقة الائتمانية لأي عميل دون الحاجة لتقديم أي مستندات بمجرد قيامه بالاتصال بخدمة العملاء بالبنك المصدر للبطاقة أو قيامه بزيارة أحد الفروع لهذا الغرض، على أن يلتزم العميل خلال فترة 90 يومًا من فتح تلك الحدود بالتقدم إلى البنك بما يثبت أن استخدامه للبطاقة أثناء سفره للخارج من خلال أختام المغادرة والوصول على جواز السفر الخاص به، أو بإرسال ما يثبت استمرار تواجده بالخارج إذا جاوز فترة 90 يومًا، وفقًا لبيان رسمي.
في سياق متصل، قال مجدي البدوي، عضو المجلس القومي للأجور نائب رئيس اتحاد العمال، إن المجلس قرر زيادة الحد الأدنى لرواتب العاملين في القطاع الخاص إلى 3500 جنيه (113.52 دولار) بكل الشركات دون استثناء، ونطمح أن يعمل القطاع الخاص بكامل طاقته خلال الفترة المقبلة لزيادة الحد الأدنى مرة ثانية ليتساوى مع العاملين بالحكومة، الذي يصل إلى 4 آلاف جنيه (129.74 دولار).
وهذه هي المرة الثالثة التي يتم زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص خلال عام، إذ ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير/ كانون الثاني 2023، ثم إلى 3000 جنيه في يوليو/ تموز 2023، وسيصل إلى 3500 بداية من يناير/ كانون الثاني 2024.
أوضح البدوي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن المجلس القومي للأجور يضم ممثلين عن القطاع الخاص، الذين وافقوا على زيادة الحد الأدنى للأجور، لكنهم رفضوا أن يتساوى مع ما أقرته الدولة للعاملين بالحكومة، بسبب الظروف الاقتصادية الحالية ولذا تم الاستقرار على زيادته كمرحلة أولى إلى 3500 جنيه (113.52 دولار)، مضيفًا في هذا الصدد أن الحد الأدنى للأجور مازال ضعيفًا مقارنة بأسعار السلع في السوق مما يتطلب تشديد الرقابة على التجار في الأسواق للسيطرة على الأسعار لتتناسب مع دخل العاملين.
وانخفض معدل البطالة في مصر خلال الربع الثاني من عام 2023 إلى 7%، ويبلغ تقدير حجم قوة العمل في مصر 30.969 مليون فرد، مقسمين بين 28.8 مليون مشتغل بزيادة 400 ألف مشتغل فيما بلغ عدد المتعطلين 2.169 مليون متعطل، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.