الخصاونة: "تحصين إسرائيل يزول تدريجيًا".. والأردن تعرض لضغوط بسبب حرب غزة
عمان، الأردن (CNN)-- قال رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إن "التحصين الذي تحظى به إسرائيل دوليًا بدأ يزول تدريجيًا" بسبب حربها على غزة، فيما أكد أن اتفاقية إمداد الغاز للأردن المبرمة بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وشركة نوبل انيرجي، "ليست على طاولة الإلغاء".
وجاءت تصريحات الخصاونة، خلال مقابلة مع برنامج "صوت المملكة" المُذاع عبر قناة المملكة الأردنية الرسمية، تحدث فيها عن منطلقات الموقف الأردني من "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة، والمسار الإنساني الذي انتهجه الأردن تجاه غزة والضفة الغربية، إذ أكد أن التعامل معهما يتم "كوحدة جغرافية واحدة لا تقبل الفصل".
وارتكز الخصاونة في حديثه الذي اتسم بإيقاع متناغم ومتسارع عرج فيه على ملفات داخلية وخارجية، إلى 3 منطلقات رئيسية في الموقف الأردني المتدرج، التي أوضحها في رفض كل أشكال التهجير القسري للفلسطينيين، سواء من الضفة الغربية أو قطاع غزة للأردن، والوصول إلى مرحلة تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار في غزة، والدخول في مرحلة اشتباك سياسي وفق سياقات حل الدولتين للقضية الفلسطينية، وبدء مفاوضات "جادة ومحددة بأطر زمنية" تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، تتضمن قضايا الحل النهائي من اللاجئين والحدود.
ورد الخصاونة على سؤال حول تفسيره لمفهوم إعلان الحرب بالنسبة لبلاده، قائلا "التهجير يشكل خطا أحمر وننظر إليه كإخلال جوهري بمعاهدة السلام ويمثل إعلانا للحرب علينا"، مؤكدا أن التهجير يشكل "تصفية للقضية الفلسطينية وتهديد للأمن الأردني القومي" وأن أية محاولة أو "إنتاج لأي ظرف من شأنه أن يؤدي للسكان بالتهجير القسري يشكل خرقًا ماديًا لاتفاقية السلام"، وأن ذلك يعيد الأردن إلى ما وصفه بحال "اللاسلم".
وتطرق الخصاونة إلى الموقف الأردني الذي ساند الموقف المصري من رفض التهجير القسري منذ اليوم الأول، مشيدًا بالدور المصري والقطري في التوصل إلى هدنة مؤقتة في قطاع غزة، وأكد أن "غياب حل الدولتين والقفز عليه" من شأنه أن ينتج "دوامات عنف أسوأ من ذلك"، مبينا أن الأردن "شكّل بهذه المواقف تحصينا سياسيًا له"، حسب قوله.
وشدد الخصاونة على أن الأردن أقبل على معاهدة السلام مع إسرائيل وفقا لاستراتيجية "السلام المؤسس على المرجعيات والحق" من أجل تحقيق الازدهار الإقليمي"، وذلك بعد مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد الخصاونة أن تردي الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلة "وعنف المستوطنين"، وأية محاولات لتغيير الوضع التاريخي القائم في الحرم القدسي والمقدسات الإسلامية والمسيحية أو العبث بها، يعتبر "خطًا أحمر" أيضًا، قد يفضي المساس به إلى وضع كل "المآلات والاحتمالات على الطاولة".
وجدّد الخصاونة تأكيده أهمية الدور "المميز" للأردن وجهود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في تغيير "بوصلة المواقف الغربية" منذ اليوم الأول في الحرب على غزة. وقال: "التحصين الذي تحظى به إسرائيل يزول تدريجيًا"، مضيفا: "التحصين الذي يقدّم إلى إسرائيل يجب أن ينتهي".
ولفت الخصاونة، إلى أن هناك جهودًا أردنية قائمة، لاستصدار قرار من مجلس الأمن حول ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل دائم.
وفيما يخص اتفاقية الغاز مع إسرائيل، قال الخصاونة إنه لا يوجد اليوم "معطيات أو بوادر" تشير إلى قطع إسرائيل للغاز. وأكد أن الأردن "يحترم التزاماته ويحترم نفسه". وبيّن الخصاونة في الوقت ذاته أن بلاده حاله كحال أي دولة "تعمل على إيجاد هذه البدائل".
وأوضح أن الأردن لن يبدأ بطرح سياق التوقف عن استقبال الغاز من إسرائيل، وأشار إلى اتصالات جرت مع دولتين خليجيتين، قال إنهما أبدتا استعدادهما لتأمين البلاد بالكميات المطلوبة في حال الانقطاع، وبكلف تقدر بـ45 مليون دينار شهريًا في حال الانتقال إلى الغاز المسال. وقال: "لدينا احتياطي من الغاز يكفي لنحو 65 يومًا.. ولم نر أي بوادر للانقطاع".
وعن وجود اتصالات أردنية مع حركة حماس، قال الخصاونة: "نحن نتحدث ونتفاعل مع عنوان الشرعية الفلسطينية هي منظمة التحرير الفلسطينية. هكذا تتعامل الدول مع بعضها البعض. سنستمر بالتعامل معها ومع الفصائل المنضوية تحت هذا الإطار".
وبشأن العلاقة مع الولايات المتحدة، قال الخصاونة إنها علاقة "تاريخية وممتدة وبها الكثير من المشتركات"، لافتا لمذكرة التفاهم التي أُبرمت العام الماضي لسبع سنوات، وأن التباين في المواقف من الحرب على غزة قد عبّر عنه الأردن خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي للبلاد.
وتحدث الخصاونة عن ضغوط خارجية دون أن يحدد مصدرها، بسبب "تمسك الأردن بمبادئه في الحرب على غزة، إلا أنها ليست المرة الأولى"، حسب قوله.
وعن حالة التضامن الشعبية مع غزة وتسجيل عدة اعتقالات بين صفوف محتجين، أكد الخصاونة أن "كل من جرى توقيفهم قاموا بتخريب ممتلكات أو قاموا بالاعتداء على رجال أمن، أو كان لهم صلة بتجمعات لا علاقة لها بغزة". وأشار إلى أن هناك "دعوات مغامرة" إلى الأغوار تم منعها باعتبار أن المنطقة عسكرية يطلق عندها الإسرائيليون النار مباشرة بما قد يحرج المؤسسات الأمنية في التعاطي معهم".
وعن الأوضاع الاقتصادية الداخلية، قال الخصاونة إن "الأردن يسير بثبات" وأن سياسة الاعتماد على الذات قد بدأت منذ أكثر من ست سنوات، وأن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2024 بيّن أن الأردن استطاع تغطية نفقاته العامة بنسبة 90% من الإيرادات المحلية، فيما كانت قبل نحو 3 سنوات قد غطت 79%.
وأكد الخصاونة أن تغطية المساعدات الخارجية للأردن من حجم النفقات لا يتعدى 2 إلى 3% من دخل المملكة، وأن الاعتماد في غالبه على المصادر الذاتية.
وقال الخصاونة إن عجز الموازنة العامة يصل إلى نحو ملياري دينار أردني، مشيرًا إلى "اضطرار الأردن للاقتراض لتغطية تغطية نفقاته، حيث تشكل فاتورة الرواتب والتعاقدات 61% منها، بينما تشكل خدمة الدين 18% منها"، فيما أعرب عن تفاؤله بحزمة الاستثمارات التي تم التوافق عليها مع دولة الإمارات العربية، في مذكرة تفاهم وًقعت مؤخرًا بقيمة 6 مليارات دولار أمريكي.