تحليل لـCNN يكشف: إسرائيل قصفت عدة مناطق وجهت المدنيين للانتقال إليها في غزة بعد الهدنة

نشر
11 دقيقة قراءة
Credit: Amir Levy/Getty Images

(CNN)-- قصفت إسرائيل ثلاثة مواقع على الأقل في غزة، كانت قد أمرت المدنيين بالانتقال إليها، منذ انهيار الهدنة الهشة بين إسرائيل وحماس في وقت سابق من هذا الشهر، حسبما توصل تحليل CNN.

محتوى إعلاني

وفي 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أصدر الجيش الإسرائيلي خريطة لغزة - مقسمة إلى 623 كتلة مرقمة- وتشير إلى المناطق التي سيستهدفها الجيش قريبا، والمناطق التي يجب على المدنيين الانتقال إليها. وتم الوصول إليها عبر الإنترنت من خلال رمز الاستجابة السريعة المطبوع على المنشورات التي تم إسقاطها فوق القطاع.

محتوى إعلاني

والخريطة، وهي من بقايا الخطة قصيرة الأجل من السبعينيات لإعادة بناء غزة في السنوات الأولى من احتلال إسرائيل للقطاع الساحلي، وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "طريقة آمنة للحفاظ على أمنكم وحياتكم وحياة عائلاتكم".

وطُلب من سكان غزة: "يرجى الانتباه والتحقق من هذه الخريطة"، مع اتباع "تعليمات الجيش الإسرائيلي من خلال وسائل الإعلام المختلفة".

ومع ذلك، يظهر تحليل CNN أن تعليمات الجيش الإسرائيلي - في بعض الأحيان - كانت غير دقيقة ومربكة. وتسلط التحديثات المنتظمة للجيش الإسرائيلي الضوء على الكتل المرقمة باللون البرتقالي، وتحث المواطنين على إخلاء هذه المواقع، والانتقال إلى مناطق أخرى تحمل علامات على الخريطة. لكن بعض الرسائل كانت متناقضة، كما أُثيرت مخاوف أيضا بشأن قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى المعلومات بسبب انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات.

وباستخدام مقاطع الفيديو والصور التي تمت مشاركتها عبر الإنترنت، وصور الأقمار الصناعية والتقارير الإخبارية المحلية، تحققت شبكة CNN من ثلاث غارات إسرائيلية على المناطق التي طُلب من المواطنين الفرار إليها.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان ردا على CNN: "منذ بداية القتال، يناشد الجيش الإسرائيلي السكان المدنيين الإجلاء مؤقتا من مناطق القتال الكثيف، إلى مناطق أكثر أمنا، من أجل تقليل المخاطر التي يشكلها البقاء في مناطق القتال العنيف".

كما زعم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف المناطق المحددة في هذا التقرير بعد "إشارة استخباراتية تفيد بأن هذه الأماكن كانت بمثابة ملاذ آمن لقادة لواء رفح التابع لحركة حماس الإرهابية".

وتابع البيان: "يواصل الجيش الإسرائيلي العمل ضد البنية التحتية لحماس والإرهابيين أينما كانوا في قطاع غزة".

قصف في المناطق التي توجه لها المدنيون

في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام العربية، أفيخاي أردعي على وسائل التواصل الاجتماعي، أوامر إخلاء للمواطنين في أجزاء من قطاع غزة، والتي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "المنطقة الآمنة"، خلال الشهر ونصف الشهر الأول من الحرب، قبل الهدنة.

وتمت مشاركة صور متعددة لنفس الموقع - تم إبراز كل منها بمواقع مختلفة. على الخريطة، ويتم تسليط الضوء على المناطق الواقعة شمال وشرق مدينة خان يونس باللون البرتقالي، وتوجه السهام السكان إلى الإجلاء من هذه المناطق إلى المواصي، وهي قطاع ساحلي مساحته 5.22 ميل مربع (13.5 كيلومتر مربع)، حدده الجيش الإسرائيلي، أو إلى رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة.

وأثارت منظمات الإغاثة مخاوف بشأن "المنطقة الإنسانية" في المواصي، حيث وصفها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بأنها "وصفة لكارثة"، بسبب المساحة الضيقة، ونقص البنية التحتية أو الخدمات.

وفي الوقت نفسه، يظهر التحليل أن الضربات استمرت في استهداف رفح.

ووجدت شبكة CNN، أنه خلال الأيام الثلاثة التي أعقبت ما أعلنه أدرعي، استهدفت ثلاث ضربات إسرائيلية مواقع في رفح، رغم نصيحة الجيش الإسرائيلي التي تفيد بضرورة إخلاء سكان غزة "إلى رفح".

وبعد ظهر يوم 3 ديسمبر، وقعت ضربة جوية في حي الجنينة برفح. وتُظهر اللقطات، التي تم تصويرها بعد لحظات من الهجوم، عمود دخان كثيفا يتصاعد من موقع قريب من شارع صدام برفح.

وتظهر الصور ومقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تم تحديد موقعها الجغرافي لموقع مطابق للعمود الدخاني، حفرة كبيرة ومباني عديدة تضررت أو دُمرت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن 17 شخصا على الأقل قُتلوا، وأُصيب العشرات في الهجوم الذي أصاب منزل عائلة البواب.

وفي وقت لاحق من تلك الليلة، استهدفت غارة جوية أخرى منزل عائلة الجزار في حي التنور برفح. وتُظهر اللقطات التي تم تصويرها في أعقاب الهجوم أفرادا يبحثون بيأس عن ناجين وسط الركام. ويُظهر أحد مقاطع الفيديو رجلا، والأنقاض تحاصر ساقيه، يتم إنقاذه من قبل فرق الدفاع المدني.

وحددت شبكة CNN الموقع الجغرافي للقطات منزل في حي التنور برفح، وأكدت وقوع القصف باستخدام صور الأقمار الصناعية.

وقال صحفيون في المنطقة لشبكة CNN إن 18 شخصا قُتلوا في التفجير، من بينهم الصحفية شيماء الجزار وعائلتها. ولم تتمكن CNN من التحقق بشكل مستقل من الضحايا.

وتمكنت شبكة CNN أيضا من التحقق من التقارير الواردة في مساء اليوم التالي، في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي تفيد بأن غارة إسرائيلية استهدفت برج مياه عمومي على بعد أقل من 400 متر من منزل عائلة الجزار. ومن خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، يمكن التأكد من تدمير برج المياه في الفترة ما بين 3 و9 ديسمبر.

كما كانت هناك تقارير تفيد بوقوع 3 غارات جوية أخرى على الأقل على مواقع في رفح، أيام 2 و3 و5 ديسمبر الجاري، لكن CNN، لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من هذه الهجمات.

رسائل مربكة حول المناطق الآمنة

كشف تحليل CNN أن الجيش الإسرائيلي أصدر أيضا رسائل متناقضة في شمال غزة، والتي كان من الممكن أن تدفع الناس إلى الاعتقاد خطأً أنهم في مناطق آمنة.

ففي 2 ديسمبر الجاري، نشر أدرعي على وسائل التواصل الاجتماعي، تعليمات إخلاء للمواطنين في شمال قطاع غزة، وسلط الضوء على عدد من التجمعات السكنية شمال مدينة غزة، بما في ذلك أجزاء كبيرة من مخيم جباليا للاجئين. ودعت التعليمات الأهالي في هذه المناطق إلى "إخلاء منازلهم فورا عبر محوري حيفا وخليل الوزير، والتوجه إلى مراكز الإيواء والمدارس المعروفة في حي الدرج، وحي التفاح وغرب مدينة غزة".

وأرفق أدرعي صورتين غير متناسقتين مع التعليمات. وأظهرت كلتاهما نفس المنطقة، لكن الصورة الثانية تحتوي على عدد أكبر من الكتل السكنية التي تُعتبر غير آمنة.

وأدى هذا إلى وجود رسائل مربكة حيث تم تحديد "كتل" معينة في نفس الوقت على أنها "آمنة" و"غير آمنة". فعلى سبيل المثال، لم يتم تمييز الكتلة 720 في الصورة الأولى، ولكنها تظهر في المنطقة البرتقالية في الصورة الثانية. وتظهر الكتلة 717، التي تم تسليط الضوء عليها جزئيا في الصورة الأولى، بشكل مباشر في المنطقة البرتقالية في الصورة الثانية.

ونشر أدرعي نصيحة محدثة في 3 ديسمبر الجاري، حيث تم تضمين الصورة التي تظهر المنطقة المظللة الأوسع فقط.

وتحققت CNN من ضربتين إسرائيليتين وقعتا داخل كتل لم يتم تسليط الضوء عليها في النسخة الأولى من الصورة، لذلك وفقا لإرشاداتنا كان ينبغي أن تكون آمنة، بعد أن شارك أدرعي أوامر الإخلاء المتناقضة.

وفي مساء يوم 3 ديسمبر، أظهر مقطع فيديو على الإنترنت محطة بنزين تشتعل فيها النيران. وجاء ذلك بالتزامن مع أنباء عن استهداف محطة بنزين في حي التفاح بمدينة غزة بغارة جوية إسرائيلية.

وتم تصوير الفيديو ليلا، مما يجعل من الصعب اكتشاف أي معالم مهمة. إلا أن التقارير زعمت أيضا أن محطة الوقود تقع بجوار مكاتب الدفاع المدني الفلسطيني. وبهذه المعلومات، تمكنت CNN من تحديد موقع مكتب للدفاع المدني ومحطة وقود جنبا إلى جنب في حي التفاح.

وتكشف صور الأقمار الصناعية للمنطقة - التي قدمتها Planet Labs في 4 ديسمبر - عن الدمار وعلامات الحريق الواضحة في موقع محطة البنزين، الواقعة في المبنى 720، وهي منطقة لم يتم تسليط الضوء عليها في إحدى الخرائط المنشورة. وأصدر الدفاع المدني الفلسطيني في وقت لاحق بيانا قال فيه إن ثلاثة من أعضاء فريقه المدني قُتلوا، وأُصيب عدد آخر في القصف.

وفي اليوم نفسه، زعمت تقارير محلية أن مسجد السلام في حي التفاح اُستهدف بغارات إسرائيلية.

ولا تُظهر صور الأقمار الصناعية للمنطقة أضرارا واضحة بالمسجد، لكن هناك آثار قصف في المنطقة المحيطة.

ورغم أنه لم يكن من الممكن تأكيد التاريخ الدقيق لهذا الهجوم - الذي استهدف الكتلة 717 - إلا أن تحليل صور الأقمار الصناعية يكشف أن الهجوم وقع في الفترة ما بين يومي 2 و9 ديسمبر الجاري، في الأيام التي تلت نشر أدرعي تصحيحا للخريطة الأولية.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن الخرائط تعكس الالتزام بضمان "جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب التسبب في خسائر في أرواح المدنيين أو إصابتهم، باتباع جميع الوسائل المتاحة".

لكن الجماعات الحقوقية والمنظمات الدولية شككت في هذه الادعاءات. وأثار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) مخاوف بشأن إمكانية وصول سكان غزة إلى الخرائط، نظرا لانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات.

وتكشف البيانات الواردة من مرصد الإنترنت العالمي، NetBlocks، أنه في الأوقات التي كان فيها الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لعدد من الكتل حول غزة، كان الربط الشبكي في محافظة رفح أقل من خمس مستوياته وقت الذروة. وفي محافظة خان يونس، كانت هناك أوقات تم فيها تسجيل الاتصال على أنه صفر.

وجاء في إحاطة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه "من غير الواضح كيف سيتمكن المقيمون في غزة من الوصول إلى الخريطة بدون كهرباء ووسط انقطاعات متكررة في الاتصالات".

نشر
محتوى إعلاني