"الاسم التجاري" يربك سوق الدواء في مصر.. وصيادلة يطالبون بتداوله بالاسم العلمي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تواصلت الشكاوى من نقص بعض أصناف الأدوية المعروفة في مصر، خلال الأيام القليلة الماضية. وقدم برلمانيون طلب إحاطة للحكومة، فيما قال تجار وصيادلة إن هناك وفرة في المعروض من المواد الفعالة، لكن اعتماد المستهلكين على الاسم التجاري لبعض الأدوية المستوردة، التي تشهد انخفاضًا في حجم المعروض، جعلتهم يشعرون بنقص الدواء عند طرح بدائل محلية عليهم.
تستهلك مصر 4 مليارات عبوة دواء سنويًا، يتم تغطية 94% منها عبر الاكتفاء الذاتي، فيما يتم استيراد نسبة 6% من الخارج من خلال المستحضرات المستوردة تامة الصنع، التي تتمثل في مجموعات علاجية وتكنولوجيا حديثة جاري العمل على توطينها، وفقًا لهيئة الدواء المصرية.
قال رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، الدكتور علي عوف، إن الشكاوى من نقص الأدوية في السوق المحلي، سببه اعتياد المستهلكين على الاسم التجاري للدواء وليس الاسم العلمي، وفي ظل انخفاض حجم المعروض من بعض الأدوية المستوردة المنتشرة في السوق يشكو المستهلك من نقص في توافرها، رغم توافر بدائل محلية عديدة لها.
وسبق أن طالبت نقابة الصيادلة في مصر بتطبيق بيع الأدوية بالاسم العلمي، وهو الاسم الذي سجل به الدواء في الجهات المعنية بدلًا من بيعها من خلال الاسم التجاري، التي تختاره الشركات المنتجة للدواء، وذلك بهدف تخفيض الأسعار، واختيار الدواء المناسب للحالة المرضية.
غير عوف أكد أن نقص الأدوية المستوردة لا يشمل الأدوية الحيوية، التي تمتلك مصر مخزونًا منها يكفي احتياجات السوق لفترة تتراوح بين 3-6 شهور، وتتوافر في جميع المستشفيات وفروع الشركات الحكومية، لضمان عدم تداولها في السوق السوداء أو مغشوشة لاستخدامها في علاج الأمراض الحرجة، مثل السرطان، حسب قوله.
أوضح عوف، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الحكومة تعمل على توطين صناعة الدواء في مصر من خلال التصنيع المحلي لبعض الأدوية المستوردة بهدف خفض فاتورة الواردات، وخفض أسعار الدواء في السوق، إلا أن اعتياد بعض المستهلكين على الاسم التجاري لعدد من الأدوية المستوردة من الخارج لفترة طويلة التي تراجع حجم المعروض منها في السوق يجعل المستهلك يشكو من نقصها في حين هناك العديد من البدائل المحلية وقد تكون بفعالية وسعر أفضل.
حسب هيئة الدواء المصرية، ارتفع عدد مصانع الأدوية المرخصة في مصر من 130 مصنعًا بإجمالي 500 خط إنتاج في عام 2014 إلى 191 مصنعًا تمتلك 799 خط إنتاج في الفترة الحالية، بنسبة نمو 37% في عدد المصانع، و60% بخطوط الإنتاج.
وأشار علي عوف، إلى سبب آخر يقف وراء انخفاض حجم المعروض من بعض الأدوية في السوق المحلي، وهو السلوكيات الخاطئة لبعض المستهلكين في استخدام أدوية السكر والغدة؛ لإنقاص الوزن دون إشراف طبي مما قد يعرض المستهلك لمخاطر صحية، ويؤثر على حجم المعروض من أدوية السكر المخصصة للمرضى، في المقابل لم ترفع الشركات حجم إنتاجها؛ لأن هذا الإقبال وقتي ولن يستمر، بخلاف أنها لديها تعاقدات مع أسواق أخرى.
أكد رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية عدم تأثر قطاع الدواء بأزمة نقص النقد الأجنبي في مصر بشكل كبير، لأن الحكومة تعطي القطاع أولوية في تدبير النقد اللازم لاستيراد الأدوية الحيوية من الخارج، وكذلك مستلزمات الإنتاج ومواد الخام لمصانع الأدوية، وهذه الأخيرة تأثرت بأزمة النقد نسبيًا مما أثر على تأخر إنتاج بعض الأدوية.
وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ مارس/ آذار من العام الماضي نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات، بسبب زيادة أسعار السلع عالميًا، وتراجع المعروض من الدولار بعد خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وانخفاض تحويلات العاملين بالخارج، مصحوبًا بتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة تتجاوز 50% ليصل إلى 30.95 جنيه للبيع في البنك المركزي.
يرى علي عوف ضرورة زيادة وعي المواطنين حتى يقبلوا على شراء بدائل وأمثال الأدوية، لافتا إلى مطالبات عديدة من نقابة الصيادلة بتطبيق الاسم العلمي في تداول الأدوية، وكذلك توعية الأطباء بكتابته في الوصفات الطبية، وهو ما سيساهم في حل أزمة نقص الأدوية في السوق، مما يتطلب ضرورة صدور قرار حكومي بإلزام الأطباء باستخدام الاسم العلمي، وفقًا لعوف.
من جانبه، قال رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة، محفوظ رمزي، إن "سوق الدواء في مصر تشهد وفرة في المعروض من كل المواد فعالة، غير أن انخفاض حجم المعروض من بعض الأسماء التجارية المعروفة للمستهلك جعلته يشعر بنقص في الأدوية، رغم توافر بدائل محلية لها، مضيفًا أن أسعار الدواء في مصر مازالت الأرخص في العالم، وحتى ولو تضاعف سعره 5 مرات سيظل الأرخص عالميًا وكذلك الأعلى كفاءة".
وأضاف رمزي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن مصر من أكبر دول العالم المُصنعة لمثائل الأدوية، إذ يبلغ حجم الأصناف المسجلة أكثر من 16 ألف صنف دوائي، كما يجرى مراجعة المواد الخام التي تستورد لاستخدامها في التصنيع، ويتم تشديد الرقابة على مصانع الأدوية المنتجة، وبعد توزيعها في فروع الصيدليات بمختلف أنحاء البلاد.
وزادت صادرات مصر من الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية إلى 968 مليون دولار عام 2022 مقابل 697 مليون دولار عام 2021 - وفقًا للمجلس التصديري للأدوية - وبلغ حجم الصادرات منذ بداية العام أكثر من مليار دولار، حسب هيئة الدواء المصرية.