مصر.. توقعات بارتفاع التضخم بعد زيادة أسعار الوقود للمرة الثالثة في 2024
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسب تتراوح ما بين 8-17%، بداية من الجمعة الماضي، ليصل سعر البنزين 80 - الأكثر استهلاكًا بين وسائل النقل الجماعي - عند 13.75 جنيه (0.28 دولار) للتر، والسولار إلى 13.5 جنيه للتر. وطالت الزيادة أسعار المازوت المورد للقطاعات الصناعية، وأصبح سعره 9500 جنيه (195.52 دولارًا) للطن.
تأتي الزيادة ضمن خطة الحكومة لاستمرار رفع أسعار الوقود تدريجيًا حتى عام 2025، لتقليص فاتورة دعم الوقود بالموازنة العامة.
ويرى مسؤولون وخبراء أن زيادة الوقود ستسبب في موجة تضخمية جديدة، قد تشمل قطاعات العقارات والأغذية وأنشطة أخرى عديدة نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، وكذلك تكلفة النقل، متوقعين أن يظهر هذا التأثير خلال قراءة معدلات التضخم في الربع الأخير من هذا العام.
وتعد الزيادة هي الثالثة في أسعار الوقود في مصر هذا العام، بعدما رفعت الحكومة الأسعار في مارس/أذار الماضي، بنسبة تجاوزت 10%، ثم كرّرت الزيادة في يوليو/تموز الماضي بنسبة أعلى تجاوزت 10%، ليصبح إجمالي الزيادة في أسعار البنزين بنسبة تتراوح بين 33-38%، والسولار بنسبة تجاوزت 63%، منذ بداية العام.
وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، كمال الدسوقي، إن قرار زيادة أسعار الوقود سينعكس على رفع أسعار كل المنتجات الصناعية مما سيرفع من معدلات التضخم في البلاد، خاصة أن القرار شمل زيادة سعر السولار، وهو المستخدم بشكل أوسع في نقل المواد الخام الأولية وتشغيل المصانع وكذلك نقل المنتج النهائي للمستهلك.
وارتفعت تكلفة دعم المواد البترولية بموازنة السنة المالية الحالية 2024/2025 بقيمة 35.1 مليار جنيه (722.4 مليون دولار) لتصل إلى 154.5 مليار جنيه (7.5 مليار دولار)، وفق بيانات رسمية.
وأضاف الدسوقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن أسعار السلع في الأسواق بدأت ترتفع بالفعل، ولكن بنسبة مختلفة - وفق اعتماد كل سلعة على الوقود في عمليات الإنتاج - ومن بينها أسعار المواد الغذائية والنقل، غير أنه يرى أن نسب زيادة السلع جاءت أعلى من الزيادة المقررة على أسعار الوقود.
وفي تصريحات صحفية، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أن الدولة تعي تأثير ارتفاع الأسعار على المواطن، ولا ترغب في زيادتها، لكنها مُضطرة لذلك في ظل العبء المالي الكبير الذي تتحمله جراء زيادات أسعار الوقود، حسب قوله.
من جهته، اعتبر رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، محمد البستاني، أن "تأثير زيادة أسعار الوقود على أسعار العقارات محدود، ولا يعادل تأثير زيادة أسعار مواد البناء كالأسمنت والحديد أو حتى رفع سعر الدولار، وفي ظل نسبة الزيادة الحالية في الوقود، قد تستوعبها شركات التطوير العقاري دون أن تمريرها للعملاء".
وحسب بوابة أسعار السلع المحلية، التابعة لمجلس الوزراء، انخفض متوسط أسعار الحديد الاستثماري إلى 39.944 ألف جنيه (822.08 دولار) للطن بنسبة انخفاض 1.13%، فيما ارتفع سعر طن الأسمنت الرمادي بنسبة 7.58% ليصل متوسط سعر الطن إلى 2810 جنيهًا (57.83 دولار) للطن.
وأضاف البستاني، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، أن زيادة سعر الوقود لن يؤثر على حجم الطلب على العقارات، الذي يراه مرتفعًا خلال الفترة الحالية، والحديث عن الفقاعة العقارية بعيد تمامًا عن السوق المصري، الذي يحظى بطلب مرتفع، وتنافسية بين شركات التطوير العقاري مما يخدم مصلحة العملاء، حسب قوله.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع، إن زيادة أسعار الوقود سيتسبب في موجة تضخمية جديدة نتيجة ارتفاع أسعار السلع بسبب زيادة تكلفة الإنتاج ونقل البضائع، وكذلك ارتفاع تكلفة المعيشة نتيجة زيادة أسعار الخدمات مثل النقل بنسبة تفوق الزيادة في سعر الوقود.
واستدل في حديثه بالزيادات الأخيرة في أسعار الكهرباء التي انعكست على أسعار كل السلع، وتسببت في زيادة قراءة معدل التضخم خلال شهور الصيف، دون أن تستجب لقراءات سنة الأساس أو السياسة النقدية التشديدية التي يبناها البنك المركزي.
وسجّل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024، 2.1% في سبتمبر/أيلول 2024 مقابل 2.0% في نفس الشهر من العام الماضي، و2.1% في أغسطس/آب 2024.
وعلى أساس سنوي، سجّل معدل التضخم العام في الحضر 26.4% خلال الشهر الماضي مقابل 26.2% في أغسطس/آب، وفق بيان رسمي.
ويرى نافع، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن كل القطاعات الاقتصادية ستتأثر بزيادة أسعار الوقود، ولكن بشكل متفاوت، وسيكون التأثير الأكبر للمنتجات التي تعتمد على الطاقة كمدخل إنتاج أو وقود أساسي في الإنتاج، التي ستتأثر بشكل مباشر، متوقعًا أن يرتفع معدل التضخم الشهري والسنوي خلال الشهر الحالي كنتيجة مباشرة لزيادة أسعار الوقود.