مصر.. البرلمان يتحرك لتعديل قانون الإيجار القديم بعد حكم الدستورية

نشر
9 دقائق قراءة
Credit: AMIR MAKAR/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يعتزم مجلس النواب المصري مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، الخاص ببطلات تثبيت قيمة الإيجار الشهري - وفق بيان رسمي - فيما طالب ائتلاف ملاك العقارات القديمة الحكومة بتعويض عن فترة تثبيت الإيجار لمدة 44 عامًا.

وأصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر - المحكمة العليا في مصر والمنوط بها مراقبة تطابق القوانين مع الدستور - حكمًا بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى.

محتوى إعلاني

وتنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 136 لسنة 1981، على أنه: "فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7% من قيمة الأرض والمباني وعلى ألا تقل المساحة المؤجرة لهذه الأغراض عن ثلثي مساحة مباني العقار".

أما الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون تنص على: "فتقدر قيمة الأرض بالنسبة إلى الأماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة وفقًا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، فـإذا ثبت تراخي المالك عمدًا عن إعداد المبنى للاستغلال، تقدر تكلفة المباني وفقًا للأسعار التي كانت سائدة في الوقت الذي كان مقدرًا لإنهاء أعمال البناء وذلك دون الإخلال بحق المحافظة المختصة في استكمال الأعمال وفقا للقواعد المنظمة لذلك".

وحدّدت المحكمة الدستورية العليا موعد تنفيذ الحكم في اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب، مُبررة ذلك بمنح فرصة زمنية للمشرع لدراسة وتنفيذ تعديلات ملائمة تمنع أي فراغ تشريعي، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وبدأ دور الانعقاد التشريعي الحالي لمجلس النواب الشهر الماضي، ومن المقرر أن يستمر لمدة 9 أشهر على الأقل - وفق نص المادة 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب - ويعد هذا هو دور الانعقاد التشريعي الخامس والأخير من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان قبل انتهاء فترته.

وبعد صدور الحكم، أعلن مجلس النواب المصري، في بيان رسمي، عزمه مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، مؤكدًا أن التعديلات ستراعي حماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر.

وكشف البرلمان عن إعداد لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، تقريرًا مبدئيًا عن قوانين الإيجار القديم، وسيتم الإعلان عنه خلال الجلسة العامة المقبلة، لافتة أن التقرير يحتوي محددات عدة، أهمها: دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة، والاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التي تسهم في وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التي تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق في المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإعداد قانون متكامل عن الإيجار القديم، مفسرًا سبب ذلك بأن المستأجر الأصلي للوحدات قد يكون توفي لأن القانون المنظم للعلاقة بين المستأجر والمؤجر صدر في 1962، والذي يستفيد من الوحدات في الوقت الحالي هم الورثة، وقدّر بأن هناك 2 مليون وحدة سكنية شاغرة بقيمة تقديرية تريليون جنيه (20.3 مليار دولار) مغلقة بسبب هذا القانون.

من جهته، قال رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، مصطفى عبد الرحمن، إن الائتلاف قدم وثيقة للحكومة والبرلمان، تضمنت المطالبة بتعويض المؤجرين عن فترة تثبيت إيجار الوحدات السكنية لمدة 44 عامًا خلال الفترة من 1981 حتى 2025، مستندة إلى نص حكم المحكمة الدستورية العليا، الذي تضمن أن قانون الإيجار القديم يمثل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية، مشيرًا إلى أن الائتلاف أقام دعوى قضائية، سيتم نظر أولى جلساتها في 16 يناير/كانون الثاني المقبل، لمطالبة الحكومة المصرية بصرف تعويضات للمؤجرين عن فترة الـ44 عامًا الماضية.

وأضاف عبد الرحمن، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الوثيقة تضمنت أيضًا مطالبة الحكومة بإعداد تشريع جديد لإيجار الوحدات السكنية والتجارية، يضع حدًا أدنى للإيجار الشهري بقيمة 2000 جنيه (40.59 دولار) لمدة فترة انتقالية 3 سنوات لتوفيق الأوضاع، وبعدها يتم تحرير عقد جديد بين الملاك والمستأجرين بشرط موافقة المؤجر، على أن يتم مناقشة هذا التشريع في البرلمان في أقرب وقت، ووضعه أولوية لإقراره.

وقدّر رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة عدد الوحدات السكنية المؤجرة بإجمالي 2.5 مليون وحدة في كل أنحاء البلاد، تصل نسبة المُغلق منها حوالي 50% لاستغناء المستأجر عنها، وبالتالي فإن إعداد تشريع جديد للإيجار القديم، سيسهم في زيادة حجم المعروض من الوحدات السكنية، وتحقيق مصلحة المؤجر بوضع حد أدنى للإيجار بقيمة 2000 جنيه (40.59 دولار) مع زيادته وفق لمساحة الوحدة والمنطقة المقامة بها.

من جانبه، استعرض محافظ الإسكندرية والقليوبية الأسبق وخبير الإدارة المحلية، رضا فرحات، تاريخ قانون الإيجار القديم في مصر وسبب العمل به لعقود طويلة، قائلًا إن العلاقة بين المؤجر والمستأجر تحكمها القوانين المدنية، التي تحدد حقوق وواجبات كل طرف، واستمر العمل بذلك في مصر لسنوات طويلة حتى عهد أسرة محمد علي، بدأ التغيير بتحصين طرد المستأجرين من الوحدات السكنية بسبب مخاوف من إخلاء المستأجرين خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعد ثورة عام 1952 والتي كانت تقوم على المبادئ الاشتراكية تم التدخل مرة ثانية لتغيير العلاقة الإيجارية، من خلال خفض القيمة الإيجارية بعد تقدم المستأجر بطلب للجان مختصة بذلك، وتطور الأمر إلى أن صدر قانون عام 1969 منح حقوق جديدة للمستأجر منها أحقية تأجير الوحدة ومنح جزء من المقابل للمالك.

وأضاف فرحات، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أنه تم إدخال تعديلات جديدة على العلاقة الإيجارية بصدور قانون رقم 136 لسنة 1981، الذي نص على أنه فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن على 7% من قيمة الأرض والمباني، وحدّدت قيمة الأرض وفقًا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وقيمة المباني وفقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، علاوة على ذلك تضمنت التعديلات علاقة مفتوحة بين المالك والمستأجر دون وضع مدد محددة للعقد.

وتابع أن عدم وضع مدة محددة للعقد دفع الملاك إلى الاحتفاظ بالوحدات السكنية، والامتناع عن طرحها للإيجار خوفًا من عدم قدرتهم على إنهاء العلاقة الإيجارية مع المستأجر، حتى صدر قانون رقم 4 لسنة 1996 والمعروف باسم قانون الإيجار الجديد، الذي حرّر العلاقة بين المالك والمستأجر، وأتاح للمؤجر وضع مدة محددة للإيجار، ولكن ظلت المشكلة بالنسبة لملاك الوحدات قبل صدور هذا القانون، الذين أقاموا العديد من الدعاوى القضائية للمطالبة بإنهاء العلاقة الإيجارية بسبب تدني قيمة الإيجار وتوريث الوحدات بين المستأجرين.

واستكمل أن مواد قانون الدستور المصري الحالي، منها المادتان 43 و53 اللتان تحدددان مبادئ المساواة وتكافل الفرص، منحت المواطنين كامل الحقوق والحريات، مثل حرية التعاقد وهو ما يتعارض مع العلاقة الإيجارية لوحدات قانون الإيجار القديم، ولذا أقام بعض الملاك دعاوى قضائية للطعن على عدم دستورية قانون الإيجار القديم، وقضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981.

وأشار رضا فرحات إلى أن مجلس النواب المصري أمامه 8 شهور حتى نهاية دور الانعقاد الحالي لوضع تشريع جديد لقانون الإيجار تطبيقًا لحكم المحكمة الدستورية العليا، وهناك بالفعل تصور لدى البرلمان لتعديل هذا القانون بما يحقق مصلحة كل الأطراف، ولكن يجب عقد جلسات حوار مجتمعي للتوصل لقيمة عادلة للمستأجر.

نشر
محتوى إعلاني