بعد "فائض الموازنة".. الحكومة المصرية تدرس زيادة الرواتب والمعاشات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تعد الحكومة المصرية حزمة حماية اجتماعية جديدة، وتعمل في الفترة الحالية على إعداد دراسة بشأن حجم الزيادة في الرواتب والمعاشات، على أن يتم الإعلان عنها خلال العام الحالي، بحسب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
يأتي هذا في الوقت الذي حققت فيه الموازنة العامة للبلاد فائضًا أوليًا بلغ 170 مليار جنيه (2.4 مليار دولار) خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية 2024/2025 (الفترة من يوليو/تموز إلى نوفمبر/تشرين الثاني)، فيما انخفض عجز الموازنة إلى 560 مليار جنيه (11.1 مليار دولار) بنسبة 3.28% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء إن "هناك توجيهات من الرئيس السيسي بوضع تصور لحزمة اجتماعية سيتم عرضها عليه بعد الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة"، وذكر مدبولي أن الرئيس وجّه حكومته "بوضع هموم وأعباء المواطن نتيجة الضغوط الموجودة أولوية بالنسبة لها".
وبعد هذا الإعلان، أكد المتحدث باسم الحكومة، محمد الحمصاني، أن هدف الحزمة المُزمعة حماية المواطنين من ارتفاع الأسعار، وأن وزارة المالية تعمل على إعداد دراسة تحدد نسب الزيادة في الرواتب والمعاشات، دون أن يحدد موعدًا دقيقًا لتطبيقها، لكنه أكد أنه سيتم تنفيذها خلال هذا العام، وفق تصريحات تلفزيونية.
وخلال السنوات الخمس الماضية، أقرت الحكومة 6 حزم للحماية الاجتماعية تقدر بأكثر من 570 مليار جنيه (11.3 مليار دولار) لتخفيف الأعباء عن المواطنين، بدأت بحزمة بقيمة 100 مليار جنيه (1.98 مليار دولار) عام 2020 لمساندة القطاعات المتضررة من جائحة كورونا.
وبعدها بعامين أقرت حزمة بقيمة 78 مليار جنيه (1.5 مليار دولار) لمواجهة تحديات أزمة الحرب الأوكرانية وتغيرات الاقتصاد العالمي. وفي نفس العام، أصدرت حزمة جديدة بقيمة 67.5 مليار جنيه (1.3 مليار دولار) لنفس الغرض.
وفي أبريل/نيسان عام 2023، أعلنت الحكومة عن حزمة رابعة بقيمة 150 مليار جنيه (2.97 مليار دولار) لمساندة فئات المجتمع بعد زيادة الأسعار وارتفاع نفقات المعيشة، وبعدها بستة أشور اعتمدت حزمة خامسة بقيمة 60 مليار جنيه (1.2 مليار دولار).
وقال نائب رئيس اتحاد العمال وعضو المجلس القومي للأجور، مجدي البدوي، إن الحكومة تراعي عند إعداد حزم الحماية الاجتماعية الفئات الأقل دخلًا، وهم أصحاب الحد الأدنى الأجور، والمعاشات، والمستفيدين من برنامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة)، مستشهدًا ببرامج حزم الحماية خلال السنوات الخمس الماضية، التي شملت زيادة الحد الأدنى للأجور ورفع قيمة المعاشات والدعم النقدي.
وحسب التقرير الشهري لوزارة المالية، بلغ حجم إنفاق الموازنة العامة لمصر على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعي خلال الفترة من يوليو/تموز إلى نوفمبر/تشرين الثاني من السنة المالية الحالية حوالي 210.8 مليار جنيه (4.2 مليار دولار) بزيادة بنسبة 34.5% عن نفس الفترة من العام الماضي. في حين وصل الإنفاق على الدعم النقدي إلى 16.6 مليار جنيه (328.7 مليون دولار) بنسبة زيادة 24%. أما الإنفاق على المساهمات في صناديق المعاشات، فبلغ 71.2 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) بنسبة زيادة 17.7%..
وأضاف البدوي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أتوقع أن تضم الحزمة الجديدة زيادة الحد الأدنى للأجور، رافضًا تحديد نسبة الزيادة، كما توقع تطبيقها مطلع مارس/آذار المقبل تزامنًا مع بداية شهر رمضان، وسيتم الإعلان عن تفاصيلها بعد انتهاء وزارة المالية من إعداد دراسة للحزمة.
وكانت آخر وأضخم حزمة من حيث القيمة في مارس/آذار 2024، بلغت قيمتها 180 مليار جنيه (3.6 مليار دولار)، شملت زيادة رواتب المعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات وكذلك أعضاء المهن الطبية، وفق بيانات رسمية.
وشملت هذه الحزمة زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه (118.8 دولار) للعاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، وزيادة أجور العاملين بالدولة بحد أدنى يتراوح ما بين 1000 إلى 1200 جنيه (19.8-23.76 دولار)، وزيادة بنسبة 15% للمعاشات، وبنفس النسبة للمستفيدين من برنامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة).
وأكد مجدي البدوي ضرورة ضبط أسعار السلع تزامنًا مع إقرار الحزمة، حتى تحقق هدف تحسين مستوى معيشة الفئات الأقل دخلًا، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي، مشددًا على أهمية الحزمة المرتقبة في مجابهة زيادة أسعار السلع خلال الفترة الحالية.
وانخفض معدل التضخم السنوي في مصر إلى أدنى مستوياته منذ عامين، ووصل معدل التضخم العام للحضر إلى 24.1% في ديسمبر/كانون الأول 2024 مقابل 25.5% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وقال الدكتور صلاح هاشم، مستشار وزارة التضامن الاجتماعي السابق، إن الحزمة قد تشمل ثلاثة محاور رئيسية من شأنها أن تسهم في تعزيز الحماية الاجتماعية، حسب قوله.
وأوضح هاشم، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن المحور الأول قد يتضمن زيادة في الحد الأدنى للأجور، متوقعًا وصوله إلى 8000 جنيه مصري (158.5 دولار) في عام 2025 للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية.
أما المحور الثاني، فقد توقع هاشم أن تحدث زيادة للمعاشات بنسبة لا تقل عن 15% هذا العام، بعد أن تم رفعها بنسبة 30% في العام الماضي. في وقت توقع أن يتضمن المحور الثالث ضم فئات جديدة إلى مستفيدي برنامج "تكافل وكرامة"، لتوسيع قاعدة الدعم الاجتماعي، حسب قوله.
وأشار إلى أن الدعم النقدي في برنامج "تكافل وكرامة" يصل حاليًا إلى 720 جنيهًا مصريًا (14.25 دولار)، مع إمكانية زيادته بنسبة 25% للمستفيدين، متوقعًا زيادة موازنة الحماية الاجتماعية في العام المالي 2024/2025، نتيجة لارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار، وذلك بهدف التخفيف من تداعيات الأوضاع الاقتصادية على المواطنين.
ولفت أن مخصصات الحماية الاجتماعية في العام المالي 2023/2024 بلغت 529 مليار جنيه مصري (10.47 مليار دولار)، بزيادة قدرها 48.8% عن العام المالي 2022/2023، ومن المرجح أن تستمر هذه الزيادة مع إعداد الحزمة الجديدة.