توفيق السيف: شيعة العراق ليسوا بيد إيران ورؤية السعودية خاطئة
ملاحظة المحرر: تبدأ CNN بالعربية سلسلة مقالات تتناول ملفات مازال التاريخ لم يحسمها بعد. ويخصّص كل أسبوع لملف واحد نتولى فيه عرض القضية من عدة زوايا تتضمن تحليلات ومقابلات. والملفات هي "العرب والاستعمار" ،"هوية مصر بين اللحى والبنادق" ، "العلاقات بين المملكة العربية السعودية والعراق" و"الحركات الجهادية في شمال إفريقيا." ونخصص الأسبوع الأول لملف "هوية مصر بين اللحى والبنادق" وبإمكانكم إثراء النقاش حول الموضوع عبر مختلف منصاتنا وأيضا بإرسال آرائكم في شكل مدونات أو مقالات رأي.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قال الباحث السياسي السعودي، توفيق السيف، إن موضوع الصراع الطائفي والنفوذ الإيراني الواسع في العراق يلعبان دورا كبيرا في تكوين صورة العلاقة بين العراق والسعودية، مضيفا أن الرياض لا تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع بغداد، واعتبر أن قلق السعودية من إمكان حصول تأثير على الشيعة بالمملكة "له ما يبرره."
وقال السيف، وهو أكاديمي وكاتب سياسي، في حديث لـCNN بالعربية حول المحور المخصص لعلاقات السعودية والعراق ضمن ملفات "حدث غدا": "الموضوع الطائفي والنفوذ الإيراني يلعبان بالطبع دورا كبيرا في تكوين أساسيات صورة العلاقة بين العراق والسعودية ولكن غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع العراق في مرحلة ما بعد عام 1991 يمثل جزءا من المشكلة."
وتابع السيف بالقول إن المملكة كانت ترتبط بعلاقات أقرب إلى التحالف مع نظام صدام حسين حتى قام الأخير بغزو الكويت -- توفيق السيف ، ولكن مواقفها بعد ذلك كانت غير ثابته: "فتراوحت بين دعم المعارضة العراقية، وصولا إلى تمويل أحد مؤتمراتها في بيروت وبين عدم التعامل معها بدعوى أنها مدعومة من أمريكا وأطراف أخرى."
وأضاف المحلل السياسي السعودي: "ما زال الجدل قائما حتى اليوم ليس لدينا استراتيجية واضحة، فلا نعرف هل علينا محاربة العراقيين أم التصالح معهم أم محاورتهم أم مقاطعتهم، وهذا الواقع هو من بين أسباب الفتور في علاقة السعودية مع أمريكا."
ورأى السيف أن المسؤولين السعوديين يعتبرون أن إيران "أمسكت بالقرار العراقي" وأن من يحكم العراق "هم صنائع إيران" مضيفا: "وهذه رؤية غير سليمة لأن الأكراد والسنة وبعض الشيعة ليسوا بيد إيران واعتبار أن العراق برمته في أيد إيرانية تصور غير دقيق ولكنه نابع من فقدان الاستراتيجية."
وعن المطالب التي قد يحملها كل طرف للآخر قال السيف: "أهم مطلب سعودي هو تأمين الحدود، لدينا حدود بطول 800 كلم وهي مفتوحة على التهريب والمشاكل وبحاجة لاتفاقية تكون كفيلة على الأقل بالتصدي لتسلل الإرهابيين، أما بالنسبة لقطاع الأعمال فقد سبق أن نوقشت فرص الأعمال الممكنة في العراق بالنسبة للشركات السعودية، وهي بمليارات الدولارات، ولكن غياب السفارة يعرقل ذلك."
وأضاف: "أما الجانب العراقي فهو يشكو مما يعتبره تهييجا للقاعدة وسواها من الجماعات من أجل قتال السلطات العراقية، والعراقيون يعتقدون أن جهات داخلية في السعودية تقوم بهذا الأمر، هناك أيضا مشاكل الحدود نفسها التي يعاني السعوديون منها وحلها سيترك أثرا إيجابيا، فهناك تيار شعبي واسع في العراق يرى أن من مصلحته وجود علاقات جيدة مع السعودية لموازنة الدور الإيراني."
وقلل السيف من أهمية التنافس المرتقب بين السعودية من جهة وإيران والعراق من جهة أخرى حول قيادة السوق النفطية قائلا إن المملكة ستبقى في المدى المنظور "صانعة السوق" بسبب إنتاجها الضخم وقدراتها المرنة، بعكس العراق وإيران حيث ما يزال الإنتاج محدودا وسط استهلاك داخلي كبير.
وعن التأثيرات الطائفية المتبادلة بين العراق والسعودية قال السيف: "هناك تعاطف مع السعودية بين السنة العرب في العراق، ولكن هذا التعاطف لم يتحول إلى شيء أكثر على الصعيد العملي وأتمنى أن تزيد السعودية من علاقاتها مع العرب السنة لأن هذا سيصب في مصلحة جميع العراقيين، بمن فيهم الشيعة، فوجود حليف قوي إلى جانب العراق، مثل السعودية، سيسمح بالتصدي لإمكانية تكرار مغامرات صدام."
أما لجهة قلق الجانب السعودي من تدخلات عراقية لدى الأقلية الشيعية بالمملكة قال: "مثل هذه الخشية موجودة ومبررة واستغرب إن لم تكن كذلك لأن هناك عوامل تبررها، فالعامل الديني يساهم بوضوح في صنع المشهد السياسي بالمنطقة كما هو الحال في سوريا التي بدأت فيها الأحداث كثورة شعبية ثم تحولت إلى حرب مذهبية."
وعن الخليفة التاريخية المتعلقة بالحدود على ضوء معاهدة العقير لعام 1922 بين البلدين قال السيف: "الواقع أن هجوم الإخوان على النجف كان في سياق تمرد على الملك عبدالعزيز وكان الغزو يهدف إلى جمع الغنائم لأنها كانت المصدر الأساسي للدخل قبل ظهور البترول."
وتابع السيف بالقول: "قد استعمل الإخوان للأسف الشعار الديني لتبرير الهجوم على النجف ومناطق عراقية -- توفيق السيف، باعتبار أن سكانها من الروافض ويجب مهاجمتهم، وحقيقة الأمر أن جيش الإخوان كان مهتما بالمكاسب، وقد تعاملت السلطة مع تحركاتهم على أنها تمرد مع أنها استخدمت حماستهم من أجل توحيد المملكة، وبالتالي فإن تحرك الإخوان يمكن فهمه في إطار الاقتصاد السياسي."
وحول ما تردده مصادر تاريخية عن مطالبات كل دولة خلال مفاوضات معاهدة العقير قال السيف: "أنا أعرف أن الملك عبدالعزيز كان يعتبر أن قبائل شمر التي تقطن الموصل المجاورة للحدود مع سوريا شمال العراق وكذلك قبيلة عنيزة في سوريا هي امتداد للقبائل الموجودة في نجد، وكذلك كان هناك عائلات من أصول نجدية تقطن الزبير في العراق وقد طالب بالسيادة عليها، وطبيعي خلال المفاوضات أن يكون لكل طرف مطالب متشددة في البداية."