اللواء حمدي بخيت: هوية مصر لا تسقط إلا إذا سقط الجيش

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: AFP/GETTY IMAGES
(ملاحظة المحرر: تبدأ CNN بالعربية سلسلة مقالات تتناول ملفات مازال التاريخ لم يحسمها بعد. ويخصّص كل أسبوع لملف واحد نتولى فيه عرض القضية من عدة زوايا تتضمن تحليلات ومقابلات. والملفات هي "العرب والاستعمار" ،"هوية مصر بين اللحى والبنادق" ، "العلاقات بين المملكة العربية السعودية والعراق" و"الحركات الجهادية في شمال إفريقيا." ونخصص الأسبوع الأول لملف "هوية مصر بين اللحى والبنادق" وبإمكانكم إثراء النقاش حول الموضوع عبر مختلف منصاتنا وأيضا بإرسال آرائكم في شكل مدونات أو مقالات رأي.) دبي، الإمارات المتحدة (CNN) -- قال المحلل والخبير العسكري، اللواء المتقاعد، حمدي بخيت، إن الهوية المصرية لا يمكن أن تلغى إلا في حالة واحدة وهي ضعف القوات المسلحة، مضيفا أن القوى الإسلامية التي اتهمها بـ"ادعاء الإسلام" لا تؤمن بالدولة والهوية وإنما بـ"الخلافة."

 

محتوى إعلاني

وقال بخيت، ردا على سؤال حول طبيعة الصراعات التي تشهدها مصر منذ عقود دون حسم حول الهوية، إن كل ما وصفها بـ"محاولات التدخل في هوية مصر" قد باءت بالفشل، منذ عهد الهكسوس والتتار والحكم العثماني والاحتلال الفرنسي والبريطاني. مضيفا أن الهوية المصرية ثابتة، وهي "أول وأكبر دولة في التاريخ، ولها موروث حضاري لا يمكن شرذمته."

محتوى إعلاني

 

وتابع بخيت، في حديث لـ CNN بالعربية حول المحور المخصص لبحث الاختلاف حول هوية مصر ضمن ملفات "حدث غدا"  بالقول إن هوية مصر "تظهر في الشدائد، مثلما حدث في لحظة كان يظن بها العالم أنها انهارت، ففي 30 من يونيو/حزيران الماضي نزل إلى الشوارع ما يقرب من نصف تعداد المصريين حتى لا تنتزع هويتهم، ما يؤكد أن أي جهة لا يمكنها تقسيم مصر أو إلغاء هويتها" ولكنه اعتبر أن ذلك قد يحدث بحال "ضعف القوات المسلحة."

 

وعن موقع مصر بين العلمانية والدين ودورها القيادي في المنطقة قال بخيت: "مصر لم تكن يوما ما  تبحث عن الزعامة، ولكن الكتلة الحيوية وموقعها الجغرافي وقدرتها على التأثير، كانت تنبع من القيم الحضارية والدينية الوسطية كونها بلد الأزهر الشريف، فهي مؤثرة بطبيعة عمقها الحضاري والضارب في جذور المنطقة وتاريخها."

 

وأضاف المحلل والخبير العسكري المصري أن هذه التركيبة تعطي مصر "ضمانه بأن تقود، وطمأنة للعرب أن ينضموا لها ويطمئنوا لقادتها" مشيرا إلى أن مصر "حررت دولا عربية وأفريقية وآسيوية من الاستعمار، وهي دولة غير معتدية تبنى العلاقات مع الدول الأخرى على المبادئ والقيم الشريفة" وفق قوله.

 

وتابع بخيت قائلا إن مصر "كانت على مر العصور دولة دينية وسطية، حيث لم يفارق الدين شعبها أبدا، منذ مبدأ التوحيد بعهد الفراعنة، وحتى بعهد الديانة اليهودية والمسيحية التي مرت على مصر حتى الفتح الإسلامي لها دون عنف أو تطرف."

 

وعن تبدل وجهة مصر الدولية مرارا بين موسكو وواشنطن وتأثير ذلك على هويتها قال بخيت: "هذا الأمر مرتبط بالمصالح شأن كثير من الدول، فالعالم كان مزدوج القطبين، وهذه الازدواجية كانت لا تسمح بأكثر من نفوذ، وعند تخلى الغرب عن الجيش في التسليح وبناء السد العالي، لجأت مصر إلى القوى التي توفر ذلك، وبعهد الرئيس الراحل أنور السادات عند منع الروس لصفقات السلاح وفرض حالة ’للا سلم و اللا حرب‘ تخلص من الخبراء السوفيت وخاض الحرب بقرار سيادي."

 

وأضاف بخيت أن العلاقات عادت قوية مع أمريكا عندما اقتربت الأخيرة من مصر وقدمت لها معونات اقتصادية وعسكرية، ولكن العلاقات عادت للتوتر عندما "حاولت واشنطن اللعب بالمساعدات للتدخل بإرادة الشعب" ما دفع القاهرة إلى "البحث عن علاقات تحقق الاتزان في الوقت الذي لم يعد به العالم متعدد القطبية، لاسيما وأن القوى الاقتصادية بالعالم أصبحت متقاربة،" خالصا إلى القول أن مصر "لم تغير علاقتها إلا طبقا لأهدافها الاستراتيجية."

 

وقلل بخيت من تأثير اتفاق كامب ديفيد بعد كل هذه السنوات على هوية مصر وريادتها بالمنطقة، قائلا إن لمصر الريادة "باعتراف الدول العربية" مضيفا أن تخليها عن دورها لفترة من الفترات "كان نتيجة وجود نظام حاكم توجهه كان للإدارة الأمريكية التي تخلت عنه عند سقوطه."

الجيش المصري يبقى المؤسسة الأقوى بالبلادCredit: AFP/GETTY IMAGES

 

ورأى بخيت أن نظرة الشعوب العربية إلى مصر تبقى ثابتة، وهي تعتبرها "دولة رائدة قائدة تستطيع أن تقود العالم العربي إلى عالم أكثر رحابة، بدليل أن ثورة 30 يونيو/حزيران، غيرت مفاهيم كثيرة إذ تعمل مصر لإعادة الأمور لنصابها الصحيح، حيث لم يعد من نفوذ لقطر أو تركيا، كما فقدت حماس تأثيرها، واختلف الوضع مع إيران بعد تحسين العلاقات معها" وفق قوله.

 

ونفى الضابط المصري المتقاعد وجود انقسام حول الهوية بين الجيش والإسلاميين في مصر، مضيفا أن من وصفهم بـ"مدعي الإسلام واليمين المتطرف" لا يعرفون "الهوية أو الوطن"، وإنما "دولة الخلافة" وهو ما يتنافى مع مفهوم الدولة والحدود، معتبرا أن "ثورة 30 يونيو/حزيران، جاءت "لإعادة دولة القانون بعيدا عن دولة الخلافة، التي كان يريدها تنظيم الإخوان المسلمين والجماعات الحليفة له" واصفا إياهم بـ"المتأسلمين الذين لا يمتون للإسلام بصلة."

 

ورأى بخيت أن الأحداث التي عاشتها مصر في مثل هذه الفترة من سنوات سابقة أثرت بأشكال مختلفة عليها، إذ إعلان الحماية البريطانية قوبل بثورة عام 1919 إذ أن المصريين "أحرار يرفضون الوصاية، ولا يمكن الاستهانة بصبرهم الذي يكون بعده الطوفان" أما بالنسبة لبناء السد العالي فقد كان ثمرة بحث مصر عن مصلحتها وتأمين أمنها القومي، ما دفعها إلى توقيع الاتفاق مع السوفيت.

 

الجيش المصري يبقى المؤسسة الأقوى بالبلادCredit: AFP/GETTY IMAGES

 

وبالنسبة لانسحاب جيوش "العدوان الثلاثي" من مصر فقد رأى بخيت أن ذلك الحدث أطلق رصاصة الرحمة على لإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية، كما تخلت الولايات المتحدة عن دعمها لهما، ما أدى إلى نهاية الاستعمار في دول كثيرة.

نشر
محتوى إعلاني