حق الأردنيات يعلق في البعد الفلسطيني ومخاوف التجنيس
هديل غبّون
عمان، الأردن(CNN)-- وصفت الحكومة الأردنية الجدل الدائر في البلاد بشأن منح أبناء الأردنيات حقوقا مدنية "بالمبرر والمستوعب"، رغم اتخاذه منحىً سياسياً لربطه بالأوضاع الاقليمية في المنطقة، تحت عنوان "مخاوف تجنيس" المقيمين في البلاد، من الجنسية الفلسطينية من أبناء الأردنيات.
وتصاعدت حدة الجدل بشأن توجه حكومة عبد الله النسور التي أعلنت قبل أسبوعين، لمنح أبناء الأردنيات حقوقا مدنية كالتعليم، والصحة، والعمل، والإقامة، و جوازات سفر مؤقتة لتسهيل تنقلاتهم، حيث قوبلت الخطوة بموجة من النقد بين مؤيد لها ورافض .
وحذرت نخب سياسية من الخطوة كبوابة "لتجنيس" الأردنيين من أصول فلسطينية، من بينهم رئيس الديوان الملكي الأسبق، الجنرال رياض أبو كركي.
لكن الحكومة أكدت مضيها قدما في إنفاذ التعليمات، مشيرة إلى أن مخاطباتها إلى وزارات الصحة والتربية والتعليم وإدارة السير قد أنجزت، وفقا لوزير الشؤون السياسية والبرلمانية في الحكومة خالد الكلالدة.
وقال الكلالدة ل CNN بالعربية، " إن الجدل الدائر في البلاد "مستوعب" بسبب الظرف الاقليمي للمنطقة والحديث عن قانون انتخاب جديد وغيرها..نحن نتحدث عن تعليمات سيتم إقرارها وليس قرارا."
وأضاف أن " التعليمات ستطبق ضمن شروط وقيود والجدل وقع بسبب جولات جون كيري في المنطقة ومخاوف التوطين..خالد الكلالدة الحالات التي ستمنح تلك الحقوق ستدرس، ومن لا تنطبق عليه الشروط لن يمنح."
وتتحدث أرقام وزارة الداخلية الأردنية عن 338 ألف مستفيد من ذلك التوجه، من زواج نحو 89 ألف امرأة أردنية، بينهم ما يزيد عن 50 ألف متزوجات من فلسطينيين.
ووسط تضاربت التصريحات الرسمية بشأن شمول التعليمات على قرار بمنح جوازات سفر مؤقتة لا تحمل أرقاما وطنية، أكد الكلالدة توجه الحكومة لمنحها لتسهيل الإقامة، ضمن ضوابط واضحة تتمثل في سريان الزواج مؤكدا أن "ذلك لا يعني منح الجنسية" بأي شكل من الأشكال.
ويستغرب النائب في البرلمان الأردني مصطفى حمارنة أحد مهندسي المبادرة بالتنسيق مع الحكومة، من ذلك الرفض لإقرار تلك الحقوق، قائلا في تصريح لـ CNN بالعربية " هناك فئة محدودة في البلاد تثير الجدل .. لم نطالب بالتجنيس بل بجوازات سفر دون أرقام وطنية النائب مصطفى حمارنة التعليمات واضحة "، مؤكداً أن التعليمات لا تنطبق على من يحق له الحصول على جواز سفر والده، بمن فيهم الفلسطينيون.
وينادي حقوقيون منذ سنوات بضرورة تعديل التشريعات الأردنية وإزالة "أشكال التمييز" فيها، حيث يحرم قانون الجنسية الأردنية لسنة 1954 الأردنيات من إعطاء جنسيتهن لأبنائهن، إلا إذا كان الأب عديم الجنسية، أو مجهول الجنسية، أو تعذر إثبات النسب .
و تنص المادة السادسة من الدستور الأردني على أن" الأردنيون أمام القانون سواء في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين الدستور الأردني"، فيما تنص تنص المادة التاسعة من قانون الجنسية على أن " أولاد الأردني أردنيون أينما ولدوا" ، وتعني كلمة أردني "كل شخص حاز الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام القانون، دون تحديد فيما إذا كان ذكراً أو أنثى.
ومنا هنا، دعت الأمينة العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة في الاردن المحامية أسمى خضر، الجهات الرسمية، لإيجاد "صيغة توافقية" للتوجه الحكومي "ترد على مخاوف التوطين، وتضمن المصلحة الوطنية العليا وتكفل إنهاء معاناة الأردنيات وعدم انتهاك حقوقهن".
وقالت خضر: "هناك خلل تراكمي في تطبيق القوانين، التمسك بحق العودة موقف وطني لا غبار عليه، الهواجس صحيحة لكن هناك عدة صيغ يمكن طرحها، وليس كل أردنية متزوجة من أجنبي تحتاج جنسية لأبنائها..لغة الجدل الدائرة حزينة يجب أن يكون الحوار موضوعيا. "
بالمقابل، أعربت نخب سياسية أردنية عن رفضها للتوجه الحكومي بالمطلق، معتبرة أنه مقدمة للتجنيس ولهجرات جديدة إلى البلاد، وفقا لوزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة.
وأثار المعايطة استياء بعض الاوساط، بعد نشره مقالة تحت عنوان" أعطيناه الحمار حط إيده بالخرج"، مشيرا الى رفضه منح أبناء الاردنيات حقوقا مدنية معتبراً إياها "فرصة لتحول الحقوق إلى مطالب".
وقال المعايطة ل CNN بالعربية :" استعرت مثل شعبي، وإقرار منح حقوق لأبناء الأردنيات، سيفرض على الدولة التعامل مع كتلة سكانية بأكملها مثيرة لمخاوف وشكوك بالتجنيس سميح المعايطة. "
ودعا المعايطة الذي يرأس مجلس إدارة يومية الرأي الأردنية الرسمية، إلى مصارحة الرأي العام بتفاصيل التعليمات، قائلا :" هناك شيء بالخفاء ".
كما أثار النائب في البرلمان الأردني خليل عطية، الجدل بتصريحات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، عندما تعجب من منح ما وصفه "بالبندوق - مجهول النسب" الجنسية الأردنية وحرمان ابن الأردنية منها.
وطالبت الحركة النسوية في الاردن بحق الجنسية لأبناء الاردنيات منذ سنوات، فيما تأمل حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" أن يدخل التوجه الحكومي حيز التنفيذ قريبا.