رأي: ترانسفير..!! عن خيارات "الفلسطيني في إسرائيل"

نشر
5 دقائق قراءة
تقرير عُمر عاصي
Credit: ABBAS MOMANI/AFP/Getty Images

تنويه من المحرر: مُدونة حول مبادرة الترانسفير ( التبادل السكاني ) الأخيرة التي اقترحها وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان .. يكتبها عمر عاصي، وهو مدوّن فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية! المدونة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

محتوى إعلاني

حكايات الترانسفير.. هي أشبه بحكايات الثلج في فلسطين .. يزورنا كُل 10 سنوات مرّة .. ذات مرّة سألنا أحد الأساتذة أيام المدرسة ( عام 2002 )، أين ستفضّلون ان تكونوا لو خيّرتم .. فلسطين أم إسرائيل ؟؟ يومها قررت ان أتفلسف وقلت لأستاذنا .. أنا أريد فلسطين .. لم أكن وطنياً يومها ولا ما يحزنون .. فعلتها بسذاجة .. حُباً للعروبة .. والإسلام .. والأسعار الرخيصة في الضفّة .. في نفس اليوم طُردت من الصف .. بعد أن وبّخني الأستاذ.

محتوى إعلاني

طُردت من الصف يومها.. مع أن نفس الأستاذ كان يُدرسنا عن توماس هوبس وجان جاك روسو والحريّات والديمقراطية، كُنا نتعلّم عن ديمقراطيّة إسرائيل أكثر مما نتعلم القرآن، كنّا نتعلم أن أجمل ما في إسرائيل وديمقراطيّتها هو لعن الرئيس -- عمر عاصي .. في إسرائيل يُمكنك لعن الرئيس ولن يكلّمك أحد على عكس الدول العربيّة، إلا اننا لم نتعلّم معنى أننا في دولة يهوديّة، ترفض ان تكون دولة لجميع مواطنيها، معنى أن يخرج وزير الخارجية في "دولتنا"  افيغدور ليبرمان الذي هاجر من روسيا إلى إسرائيل مُنذ حوالي 30 عاماً، بعد ولادة جدّي بحوالي 50 عاما وأبي بـ 20 عاما تقريباً .. وصار يعتبرنا عبئاً على الدولة، وانه يجب استئصالنا حتى يعمّ السلام وحتى تتحقق أحلامه بدولة يهوديّة خالصة.

ثم حتى لو كنّا نشتاق أن يكون لنا علم نرفعه في مدارسنا ونشيداً وطنياً ننشده في محافلنا .. إلا أن هذا لا يعني القبول بالجنسيّة الفلسطينية، وهي جنسيّة لا يعترف بها العالم أساساً، ثم إن حاملها يُعامل على انه عديم وطن -- عمر عاصي .. مثله مثل أي لاجئ، بل الكارثة أن حاملها لا يحظى بكرامة العيش في الضفّة الغربية نفسها، ثم من يعرف الضفة الغربيّة يعرف أنها في وضع طارئ مُنذ 1948 و 1967 .. حتى صارت اليوم أشبه بسجن ضخم للفلسطينيين .. أشبه بالـ (غيتو) ؟ فحامل الهويّة الفلسطينية يتعذّب ألف مرّة حتى يتمكّن من الصلاة في المسجد الأقصى.. هذا إن سُمح له الوصول اصلاً، وألف مرّة لو أراد السباحة في عكا أو حيفا، وآلاف المرّات وهو آت للعمل عبر الحواجز العسكرية حتى يصل المناطق الإسرائيلية.

النكتة أن كثيرين - بما فيهم اليهود - يعلمون أن هكذا مبادرات لن تتم، فيستغلونها كامتحان لولاء المواطنين العرب للدولة، كليبرمان نفسه، الذي جعل شعار حملته الانتخابية (لا مواطنة بلا ولاء) مُطالباً الفلسطيني بخدمة الدولة (مثل الخدمة العسكرية والمدنية) كشرط للمواطنة مُتناسياً ان المواطنة حصلنا عليها بعد اتفاقية رودوس عام 1949  يوم تم تسليم منطقة المثلث إلى إسرائيل.

صحيح أن هكذا مُبادرة لا تكشف إلا عن نوايا خبيثة في محاولة لإجراء تطهير عرقي جديد في فلسطين كما هُو حاصل في فلسطين منذ 1948 .. إلا أنها بشكل عام فرصة مميزة لإثارة النقاشات الفلسفية والفكريّة في مجال الهويّة وسؤال الأنا بالنسبة للفلسطيني في الداخل، الذي يُعاني اساساً من مشكلة في بلورة الهويّة وازدواجيّتها، والتي يعود أساسها في انعدام منهاج دراسي عربي فلسطيني يتلاءم مع مُتطلبات واحتياجات المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل ويعلّمه تاريخه الحقيقي .. وأسماء البلاد الأصلية .. منهاج دراسي يعلّمه من هو ولأي شعب ينتمي.

أخيراً، لا يُهمني لون الجنسيّة التي أحملها ولا تسمياتها بقدر ما أحصل عليه من ورائها -- عمر عاصي .. وحتى وإن كانت إسرائيلية، فهمّي هو التواصل مع أرضي وبلادي.. دُون حدود ولا قيود.. فبحر يافا وعكا .. وجبال الجليل والنقب .. والقدس .. هي كذلك من فلسطين .. فلسطين ليست جنين ونابلس والخليل فقط!!

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

نشر
محتوى إعلاني