حملة بوتفليقة الانتخابية تعلق بين فكّي "سلال" وأحداث غرداية
الجزائر(CNN)-- لم تمر التصريحات التي جاءت على لسان عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، دون أن تخلف ورائها ردود فعل وسط الأمازيغ و"الشاوية" على وجه الخصوص، كما كان للأحداث التي تشهدها مدينة غرداية من مواجهات مذهبية بين المالكيين العرب، والإباضيين الأمازيغ، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة شبان مساء السبت، نصيب في غضب الشارع الجزائري، جعل بعض رؤساء الأحزاب والشخصيات السياسية ترد على سلال وتتهمه بالتهور وإثارة الفتنة، من خلال تصريحاته.
ومن أبرز الشخصيات التي ردت بعنف على سلال، جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، والمترشح المقصي الآخر رشيد نكاز، كما كانت لعلي بن فليس المرشح الأقوى لمنافسة بوتفليقة على الحكم، رداً قوياً، كونه ينحدر من ولاية باتنة، التي يعتبر أغلب سكانها من الشاوية، والأخطر كان مع رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري الذي طالب باستقالة الحكومة بعد فشلها في معالجة قضية الصراع الطائفي الحاصل في مدينة غرداية، وكذا تهكمات سلال في حق الشاوية.
ولمعرفة مواقف الطبقة السياسية مما يجري في الساحة الجزائرية والغليان الذي تعيشه بعض المناطق في الفترة الحالية، كان لـ CNN بالعربية استطلاع يخص رأي الأحزاب والسياسيين في القضية، وهنا قال المترشح المنسحب من سباق الانتخابات الرئاسية ورئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان لـ CNN بالعربية، إن "المسار الانتخابي، تحول إلى مسار انقلابي ضد الجمهورية، وبدأ يأخذ أبعاداً خطيرة"، مضيفا أن "تصريحات مدير الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فيما يخص الشاوية هي لشعل نار الفتنة والجهوية بطريقة حقيرة وسافلة، بل هي تطاول وشتم لهم بطريقة سافلة" على حد تعبيره.
وأشار جيلالي سفيان إلى "تفاقم الصراع الطائفي في غرداية بالجنوب، بعد وصف البعض للمتظاهرين منهم بالشرذمة، فسلال يسمح لنفسه بالتطاول مرة أخرى على الشاوية، وبتعبير جارح، فالجناح الرئاسي يشعل نار الفتنة بهذا الشكل ويريدون أن تكون الجزائر والجزائريون لهم، وإلا يحولون الجزائر إلى سوريا، ليبيا أو أسوأ من ذلك".
أما المترشح المقصى من سباق الانتخابات، رشيد نكاز فاستغرب تصريحات سلال، وتحسر لما يجري في غرداية، حينما قال في تصريحاته لـ CNN بالعربية :"لا يمكن لأي أحد أن يعتبر نفسه أفضل من الآخر، ولا يحق له شتمه أو التقليل من قيمته، فالشاوية هم تاريخ الجزائر، وعلينا أن ننحني لهم تواضعا لكل ما قدموه من تضحيات في سبيل الجزائر، ليس الشاوية فقط، بل كل الجزائريين". رشيد نكاز
وعدد نكاز الرجال الذين يذكرهم التاريخ من الشاوية في منطقة الأوراس، كمؤسس المملكة النوميدية يوغرطة، ومؤسس المملكة الأمازيغية ماسينيسا، ومفجر الثورة الجزائرية مصطفى بن بولعيد، والرئيس الجزائري السابق ليامين زروال أيضا، "بل حتى رابح سعدان وعنتر يحيى هم أيضا شاوية، فكيف لنا أن نحط من قيمة هؤلاء بتاريخ الجزائر الكبير".
وبحكم أن رشيد نكاز زار مدينة غرداية يوم السبت، فسألناه عن سبب الزيارة وما الذي وقف عليه في المدينة، فرد قائلا :"لا يوجد شيء اسمه مستحيل أو يصعب التعايش، فنحن كلنا جزائريون وزيارتي إلى غرداية نابعة من حبي لهذا الوطن وبحثي عن أسباب الفتنة لنجد لها حلا، وليس للدعاية الإعلامية مثلما يقال هنا وهناك".
أما المترشح لرئاسيات 17 أبريل/ نيسان القادم، علي بن فليس فقد أصدرت مديرية الحملة الإنتخابية بيانا لها تقول فيه :"إن تصريحات الوزير الأول المستقيل، ومدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة عبد المالك سلال، تفسر عنجهية بعض المسؤولين وتصريحاتهم غير المقبولة." علي بن فليس واعتبر البيان "سلوك سلال لا مسؤول ومتهور وينم عن غياب ثقافة الدولة، ويكشف السلوك السلبي الذي يطبع هذه الحملة، والتي تتميز بنظرة الاحتقار والاستهانة بالشعب وبقيمه."
بينما دعا رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، المحسوب على التيار الإسلامي في الجزائر، الحكومة إلى الإستقالة، إثر فشلها في معالجة الأزمة في غرداية، وكذا الهفوة التي ارتبكها عبد المالك سلال بحق "الشاوية".
وقال رئيس حركة مجتمع السلم :"حتى إذا أحسنا الظن بنوايا الحكومة والسيد سلال، فإن سلمنا بأنها مجرد مزحة، فهذا يدل على غياب ثقافة الدولة وعدم التحلي بالمسؤولية وعدم إعطاء المنصب حقه، لأن مزحة المسؤول غير مزحة الإنسان العادي، بل هي هفوة كبيرة في حق جزء أصيل من الشعب الجزائري، يجب على هؤلاء جميعا أن يستقيلوا من مهامهم ويختفوا عن الأنظار".
كما تسائل مقري عن دور الدولة وعجزها عن حل المشاكل التي تعيشها منطقة غرداية، بالقول عبر صفحته على موقع فيسبوك: "هل عرفت الجزائر مخاطر كالتي تعيشها في هذا العهد، وهل يوجد في الجزائر جهة غير نظام الحكم يهدد هذا البلد".
وأضاف عبد الرزاق مقري :"في الدول التي تحترم نفسها خطأ جسيم مثل هذا يستدعي الاستقالة، على كل حال لو كان الذين كلفوه بإدارة حملة بوتفليقة يحسبون حساب الصوت الانتخابي لأقالوه من هذا المنصب، ولكن صوت الشعب سواء كانوا عربا أم أمازيغ لا يهم في هذا الوطن، ونتائج الانتخابات يصنعونها كما يحبون، ولذلك يفعلون ما يشاؤون".
يشار هنا إلى رئيس الحكومة الحالي، يوسف يوسفي قام بزيارة عاجلة يوم الإثنين إلى مدينة باتنة، برفقة وزير العدل الطيب بلعيز، والقائد الأعلى للدرك الوطني بوسطيلة، وصرح الوزير الأول يوسف يوسفي للصحافة من باتنة قائلا :"لست هنا للتهدئة ولا يجب تضخيم الأمور، فسلال يكن احتراما كبيرا للمنطقة".