"ربيع لبنان".. الجيش في مواجهة الارهاب

نشر
5 دقائق قراءة
تقرير علي شهاب
الجيش اللبناني ينتشر في بلدة عرسال على الحدود مع سوريا بعد ليلة من التوترCredit: STR/AFP/Getty Images

قد يكون لبنان البلد الوحيد في العالم الذي تعرف فيه الأجهزة الرسمية أسماء المتورطين في الشبكات الارهابية ولا تعتقلهم بذريعة الحفاظ على السلم الأهلي.

محتوى إعلاني

ففي لبنان كل الملفات تخضع للمنطق المذهبي الضيّق، ويساهم العديد من السياسيين في اذكاء العصبية الطائفية بهدف حشد الشارع.

محتوى إعلاني

ومع اعلان حكومة شكلية بانتظار الاستحقاق الرئاسي في شهر مايو / أيار المقبل، والاتفاق على بيان وزاري تفننت لجنة صياغته في اللعب على كلماته، جاءت أنباء سقوط يبرود بالقرب من الحدود اللبنانية - السورية لتزيد الاحتقان في البلاد.

ضاحية بيروت الجنوبية؛ معقل حزب الله، استقبلت خبر سقوط يبرود بهدوء وارتياح لما كانت تشكله هذه المدينة من نقطة دعم لوجستية لخلايا مسؤولة عن التفجيرات الأخيرة في أكثر من منطقة لبنانية ذات أغلبية شيعية.

وعلى الرغم من الحملات المحلية العنيفة التي تطالب بانسحاب مقاتلي الحزب من سوريا والتوتر الطائفي المتصاعد في شمال لبنان واحتمال تمدد الاحداث الأمنية في العاصمة والجنوب، فمن المستبعد أن تتطور الأمور الى ما هو أبعد مما اعتاد عليه اللبنانيون منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري -- علي شهاب في العام 2005؛ أي أعمال شغب وعمليات فرّ وكرّ لا تطول لأكثر من ساعات قليلة ليعود بعدها الوضع الى الهدوء؛ خاصة وأن الاطراف الدوليين المؤثرين في الساحة اللبنانية لا يسعون وراء خلق مشكلة جديدة في الشرق الأوسط في ظل انسداد الأفق امام أي حل للأزمة السورية في السنوات القليلة القادمة، ناهيك عن أن الطرف الأقوى عسكريا في لبنان؛ أي حزب الله، لا يريد - بحسب ادائه ومواقفه - الدخول في حرب أهلية.

وبعيداً عن التقدير السياسي والأنباء المتواترة من مناطق مختلفة حول قطع طرقات على خلفيات مذهبية، بعد سقوط يبرود السورية وما رافقها من أخبار حول فرار الف وخمسمئة مسلح باتجاه بلدة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود، فإن الملاحظ انخفاض وتيرة التفجيرات الانتحارية او تلك بالسيارات المفخخة في الآونة الأخيرة -- علي شهاب وتسجيل الاجهزة الامنية اللبنانية؛ وخاصة مخابرات الجيش اللبناني، لعدة انجازات في سياق احباط هجمات محتملة، على الرغم من المناخ المذهبي السائد والذي يعيق الى حد كبير فرض سلطة الدولة بشكل حازم؛ حتى أن المؤسسة العسكرية في لبنان باتت عرضة لحملات اعلامية واعتداءات فعلية من قبل مجموعات متطرفة والبيئة الحاضنة لهؤلاء، في مشهد بالغ الخطورة يمس آخر الأوراق التي اتفق زعماء الطوائف عشية انتهاء الحرب الأهلية على ابقائها بعيدة عن التناحر باعتبارها أداة مشتركة لحفظ السلم الأهلي.

وبالتالي فإن الدعوات المتطرفة لاستهداف الجيش، على خلفية انجازاته في الحد من التفجيرات المذهبية، لم تلق اصداءً يُعتد بها سوى في بؤر صغيرة غير بعيدة عن متناول السلطات الرسمية في حال تم اتخاذ قرار سياسي يحمي الجيش، مع انتخاب رئيس جديد بعد شهرين تقريبا.

ولأن فرضية عدم التوافق على رئيس للبلاد قائمة، وبالتالي اطالة الأزمة السياسية وما قد تحمل من تداعيات أمنية، فإن انفلات الامور بشكل دراماتيكي يبدو مستبعدا خاصة وأن الأضعف في هذه المرحلة هو الطرف المؤيد للمسلحين في سوريا، مع ما يتعرض له هؤلاء من خسائر في الجغرافيا والموارد البشرية واللوجستية نتيجة اتفاق ضمني بين القوى العظمى على خطر الجماعات الارهابية في الشرق الاوسط؛ وبالتالي ضرورة إعادة توزيع أدوار وأحجام القوى والمجموعات العاملة في سوريا وفق هذا المبدأ.

يتناقل المغردون اللبنانيون عبر تويتر جملة ساخرة مفادها ان الجميع في لبنان مسلح بشكل جيد، باستثناء الجيش اللبناني.

اليوم، مع تزايد الاخطار والتهديدات المحيطة بالبلاد في ظل حالة التحول التي تعيشها المنطقة، وعلى الرغم من قلة امكانياته، يجد الجيش نفسه محط أنظار الكثيرين في لبنان ليقود الربيع اللبناني ويفرض سيادة القانون -- علي شهاب من دون الرضوخ لضغوط سياسية او الوقوف عند نظام المحاصصة التقليدي والمتوارث منذ استقلال لبنان.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN بالعربية.

نشر
محتوى إعلاني