رأي .. كان الله في عون الرئيس اللبناني
تُبدي عواصم العالم جميعها رأيها في اختيار رئيس الجمهورية في لبنان من خلال كلمة سر يتلقاها نواب الأمة ليلة الانتخاب، ليجتمع بعدها اللبنانيون على اصدار البوم أغاني وطنية احتفالا بالمناسبة كما تجري العادة منذ استقلال البلاد.
فعلى الرغم من أن اللبنانيين يتغنون بنظام ديمقراطي ومنسوب عالٍ من الحرية السياسية قياسا الى الدول العربية عموما، غير أن انتخاب أهم منصب في البلاد لا يشهد - كما هو الحال في الولايات المتحدة أو فرنسا أو حتى إيران - حملات انتخابية قائمة على البرامج السياسية والاقتصادية؛ بل إن الواقع والتاريخ يشير الى أن انتخاب الرئيس يتم بعد توافق اقليمي ودولي وتقاطع مصالح كبرى.
وتقتضي الأمانة والدقة عدم تحميل ممثلي الشعب من نواب وأحزاب او تيارات المسؤولية بالكامل عن الممارسات الخاطئة في الحُكم، فالشعب نفسه يشارك في ترسيخ هذا النمط السائد في البلاد منذ الاستقلال؛ من خلال الانغماس في اللعبة وترجيح كفة مرشح على آخر وفقا لميوله السياسية وموقفه من القضايا الكبرى التي غالبا ما يتم تناولها من منظور طائفي ومذهبي ضيّق.
الاستحقاق الرئاسي هذه المرة يحظى بأهمية استثنائية نظراً للظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة. وأمام حجم التحديات والملفات التي تنتظر الرئيس المقبل، فإن الخوض في الأسماء المرشحة يبدو ضرباً من الترف الفكري والنقاش الذي لا طائل منه -- علي شهاب ، ذلك ان العنصر الذي سيحسم اسم الرئيس شديد الوضوح والبساطة: الرئيس المقبل هو المرشح غير الاستفزازي لأي من الاطراف المحلية والاقليمية والدولية.
لذا بدلا من سرد أسماء المرشحين المعروفين لناحية المشارب والاتجاهات؛ يمكننا البحث في مواصفات مرشح واحد يقف على مسافة واحدة من الجميع ويحافظ على علاقات جيدة مع واشنطن وموسكو وطهران والرياض و -- علي شهاب الدوحة وباريس ودمشق والفاتيكان... ويا حبذا لو كان صديقا تاريخيا لتيموشينكو ويانكوفيتش في آن.
وهكذا أعزائي، يدخل الرئيس المقبل قصر بعبدا مكبلا بقيود ثقيلة تدفعه الى التزام الرمادية في خطاباته ومواقفه في أغلب الاحيان وتحقيق انجاز او اثنين في العهد الجديد بعد أن يجري جولة أفق مع جميع زعماء الطوائف احتراما لمشاعرهم الرقيقة.
ولئن كان البعض يحمل على رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان كثرة أسفاره، غير ان هذا هو ديدن معظم السياسيين في بلد يقف دائما عند خاطر الآخرين، وبالتالي على الرئيس المقبل الشروع بجولة إقليمية ودولية بعد انتخابه للتأكيد على الثوابت - المتناقضة جميعها.
وهنا تستحضرني فكرة كتبها أحد الناشطين المصريين في إحدى شبكات التواصل الاجتماعي في عهد الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي.
.نحنا كشعب المفروض نسافر بأول طيارة مع رئيس الجمهورية ع بوركينا فاسو.. ونطلب لجوء شعب".
وحتى لا يُقال بأن مقالتي هذه مدعاة للكآبة الوطنية، دعوني ألفت عنايتكم الى النصف الممتلئ من الكوب: سيحظى الرئيس المقبل بأكبر عدد من "الفولوورز" على تويتر، من بين جميع السياسيين الاخرين الذين دأبوا على معالجة قضايا الوطن بتغريدة .
ملاحظة: لا يظنن أحد أني بصدد السخرية من بلدي او من موقع الرئاسة.. إن هي الا كلمات كتبها شاب طبيعي في بلد غير طبيعي في ظرف غير طبيعي... كان الله في عوني وعون الشعب وعون الرئيس..
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.