رأي: لا بديل لمصر عن السيسي
ملاحظة المحرر : تفتح CNN المجال للآراء التي تمثل الأطياف المختلفة للمجتمع المصري الذي يستعد للتصويت في انتخابات الرئاسة. وقد كتب لنا الأستاذ في معهد معهد جون هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة خليل العناني مقالة رأي يشرح فيها لماذا يعتبر المشير عبد الفتاح السيسي مشكل مصر وليس حلها معتبرا أنّ وزير الدفاع المستقيل بصدد الإعداد لدكتاتورية ناشئة. وفي مقالة الرأي هذه يعاكس كاتبها ذلك الرأي. وكاتب المقالة هو عادل العدوي وهو باحث بمعهد واشنطن وزميل مساعد بـ"مشروع الأمن الأمريكي." وما يرد في المقال يعبّر فقط عن وجهة نظر كاتبه ولا يعكس بأي حال من الأحوال رأي CNN
على رئيس مصر المقبل أن يعمل جنبا إلى جنب مع هيكل إداري معقد لازم الفترة الانتقالية طيلة السنوات الثلاث الماضية، وهناك عدد من التحديات الأمنية والجيو-اقتصادية الخطيرة، التي يستعصى على شخص بمفرده حلها، ونجاح الرئيس القادم يتطلب تعاونا ودعما كاملا من الجيش، وجهاز الدولة الإداري إلى جانب غالبية الشعب، حتى يتمكن من تلبية سقف التوقعات العالي.
وفي هذا المنعطف من مرحلة مصر ما بعد مبارك، برز قائد الجيش السابق، المشير عبدالفتاح السيسي، مرشحا يتمتع بقاعدة دعم واسعة من الدولة والشارع، وأصبح رمزا لملايين المصرين، كما أنه يمثل فرصة لدفع البلاد قدما في ظل هذه الفترة الصعبة.
ما من شك بأن نجاحه ليس مضمونا، لكن علاقته القوية بالمؤسسات الأكثر نفوذا في مصر، ينظر إليها على أنها رصيد إيجابي يميزه بفارق كبير عن بقية المرشحين الآخرين، وفي حال انتخابه، فمن حكم المؤكد أنه سيكون الأكثر قدرة من غيره على المناورة من خلال الجهاز الإداري متعدد الأوجه للإنجاز واتخاذ القرارات الصعبة الضرورية.
ويصعب على بعض المراقبين الغربيين فهم الأسباب وراء التفاف الشعب حول قائد عسكري سابق، لكن السبب وراء هذه الحقيقة بسيط، فالمؤسسة العسكرية مازالت أكثر مؤسسات الدولة احتراما وشعبية في البلاد.
رجل قوي ومنضبط
وخدم معظم أفراد الأسر المصرية في الجيش، وهو ما أرسى ذلك الرابط الوطيد بين الشعب وقواته المسلحة.. . وثلاث سنوات من الانتقال السياسي ، بما في ذلك عام مدمر من حكم الإخوان المسلمين، دفع بالعديد من المصريين للتوق إلى رجل قوي منضبط قادر على إدارة دفة البلاد نحو الأمن والاستقرار.
أحد أبرز المحاور المحلية وراء ترشح السيسي للرئاسة هم النساء والأقباط، الشريحتان الأكثر معاناة إبان عهد الإخوان الذي يدم طويلا، وذلك نراهم الأكثر حماسة وانخراطا في الساحة السياسية لدعم رئاسة السيسي.
حتى رئيس الكنيسة القبطية في مصر ، البابا تواضروس الثاني ، دعم ترشح
السيسي، وهو ليس بمستغرب، خاصة عقب اتهام أنصار الإخوان المسلمين
بالوقوف وراء هجمات على عدد من الكنائس بأنحاء البلاد، بجانب
المصادمات الدموية التي شهدتها القاهرة في اغسطس/آب الفائت. وحتى
جماعة الإخوان المسلمين نفسها قالت، حينها، إنها لا تؤيد هجمات على
دور العبادة.
الدعم القوي من دول الخليج، تتقدمها السعودية والإمارات والكويت، يعزز
على نحو إيجابي موقف السيسي ، فلقد وفر الدعم الإقليمي الكبير له
مساندة دولية مهدت الطريق لمبادرات تعاون اقتصادي وأمني جديدة. لقد
رأينا الحزم الاقتصادية التي تصل لعدة مليارات من الدولارات، بجانب
صفقة تسلح، سيتلوها المزيد بفوز السيسي بالانتخابات.. والدعم
الخليجي مهم للجيش المصري في الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب في سيناء
والحفاظ على الأمن القومي.
وأصبح الأمن أبرز أولويات الناخب المصري وسيعتبر التحدي الأهم لرئاسة السيسي، لكن خبرته وسنوات عمله الطويلة في الاستخبارات والجيش ميزة تفضله على المرشحين الآخرين، ممن لم يسبق لهم العمل في المجال الأمني.
فإن لم يتمكن السيسي من معالجة أو حل التهديدات الأمنية بمواجهة المصريين، فإنه من غير المرجح أن ينجح سواه، فكافة الاحتمالات تصب في صالح السيسي، لكنها ليست بالمهمة السهلة في ظل رفض الإخوان للوضع الراهن.
مسار العنف الذي تبنته جماعة الإخوان، والحركات الأخرى التابعة لها، لن ينجح في مواجهة الجيش أو يجبر غالبية الشارع المصري على إعادة عقارب الساعة للوراء، لقد نجح فقط في خلق مناخ قبيح في سياق محاولاته لتقويض النظام السياسي، وهم ينفسون عن ما يدعون أنها "مظالمهم" السياسية عبر العنف، الذي لن يفرض تغيرا على الواقع الجديد على الأرضع-- عادل العدوي-باحث بمعهد واشنطن .
فرص للمستقبل
ومقارنة بالاضطرابات السياسية في سوريا والعراق وليبيا
واليمن وأماكن أخرى في الشرق الأوسط ، فإنّ مصر مازالت تبدو أفضل
حالا، وهناك شيء واحد في حكم المؤكد، فإدراج
جماعة الإخوان في النظام السياسي لن يتمخض عن نظام سياسي أكثر
استقرارا ، كما تبين ذلك خلال عهدهم القصير في السلطة-- عادل العدوي-
باحث بمعهد واشنطن .
تحول مصر نحو الازدهار والديمقراطية الموحدة سوف يستغرق وقتا، ستكون
هناك الكثير من العقبات والنكسات على الطريق ، ولكن هناك فرصا هائلة
لمستقبل مصر .. المصريون وحدهم من يحدد مصيرهم السياسي الداخلي دون
تدخل خارجي، ولن يسمحوا أو يقبلوا بنظام على غرار نظام مبارك .. لقد
انكسر حاجز الخوف، وأرسيت أولى أسس مجتمع سياسي تعددي.. مصر تغيرت
وقواعد اللعبة السياسية كذلك.
رئاسة السيسي ينبغي أن تتناغم مع الديناميكية السياسية الجديدة في
البلاد، وحتى الآن، أثبت السيسي أنه
القائد القادر على التكيف مع البيئة السياسية سريعة التغيير،
فبوصفه وزيرا للدفاع ونائب رئيس الوزراء، واجه مباشرة تحديات خطيرة
تعرضت لها البلاد مما يجعله مدركا تماما لحجم المهمة أمامه
--عادل العدوي-باحث بمعهد
واشنطن .
بالنسبة إلى كثير من المصريين ، ما من بديل سوى السيسي، فهو يمثل
الأمل وبارقة ضوء في نهاية النفق، لكن نجاحه يعتمد على قدرته على
الإنجاز.
هذه المقالة من إعداد عادل العدوي، وهو باحث بمعهد واشنطن وزميل مساعد بـ"مشروع الأمن الأمريكي"، وما رد فيها لا يعبّر سوى عن آراء الكاتب ولا يعكس وجهة نظر CNN