الأسد: ملايين السوريين يحضنون الإرهاب وآل سعود واجهوا عبدالناصر.. والحضارة بنيت بدمشق وليس بمكة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وجه الرئيس السوري، بشار الأسد، كلمة مطولة إلى رجال الدين، حفلت بالمواقف البارزة، بينها الإشارة إلى أن البعد الطائفي لأزمة بلاده، تأكيده وجود "حاضنة" شعبية قد تصل إلى ملايين الأشخاص تحتضن "عشرات آلاف الإرهابيين" كما أقر بوجود "عدم ثقة" بين رجال الدين والدولة، ورأى أن مصطلح "إسلامويون" يعني "إسلامي دموي" وشبه العائلة المالكة بالسعودية بـ"الفيروس"، واعتبر أن الإسلام الحقيقي "شامي" وهو أسس الدولة الأموية.
وقال الأسد في كلمته أمام رجال الدين إنه "لا يجامل" ولو كان يحب ذلك "لجامل الأمريكيين" مضيفا أنه قرر مقابلة رجال الدين لأن "الساحة التي اختارها الخصوم والأعداء لنا في سوريا هي ساحة الصراع الديني بداية. وكانت عناوين هذه الساحة منذ البداية عناوين طائفية."
وأقر الأسد للمرة الأولى بوجود من وصفهم بـ"عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين،" وهو الوصف الذي يطلقه على مسلحي المعارضة، وبرز في هذا الإطار قوله إن خلفهم "حاضنة اجتماعية" وقدر عدد أفراد تلك الحاضنة بما يصل إلى "الملايين من السوريين" معتبرا أن ذلك يعني أن البلاد "أمام حالة فشل أخلاقي واجتماعي."
كما اعترف الأسد بوجود مشكلة في العلاقة بين الدولة ورجال الدين مضيفا: " كثيرون كانوا يتّهمون الدولة بأنها تستغل الفرصة لكي تعمل ضد الدين.. هذه المرحلة تجاوزناها الآن -- بشار الأسد، مع كل أسف تجاوزناها بعد ثمن كبير، كنا نتمنى أن نمتلك كسوريين معرفة أكثر وأن نحمل من الحكمة أكثر بكثير مما حملناه في بداية الأزمة لكي نتجاوز هذه اللا ثقة بالثمن الأرخص، أو بدون ثمن، لكن ما حصل حصل، والمهم أننا أصبحنا الآن في مرحلة الثقة."
واتهم الأسد البعض بـ"تسطيح العقل في فهم القرآن" وتطرق إلى الداعية السوري الراحل، محمد سعيد رمضان البوطي، الذي اغتيل خلال الأزمة السورية وسط تبادل في الاتهامات حول الطرف المسؤول قائلا: "أتذكر الشهيد البوطي.. كتب الدكتور البوطي تحديداً، وهي قليلة، تقدر بحوالي أربعة كتب، أكملتها لسبب بسيط لأنه شخص محترم وصادق وعالم."
وحذر الأسد من محاولات ضرب "العقيدة" من خلال التلاعب في المصطلحات قائلا "عندما نخسر العقيدة نخسر الثقافة ونخسر معها الأخلاق والاقتصاد والسياسة والمجتمع ونخسر كل شيء. هذا أحد أسباب تخلف الأمة الإسلامية.. يقولون ديمقراطية فنقف ونصفق. هل هذه الديمقراطية صناعة سورية -- بشار الأسد أم ديمقراطية عميلة كديمقراطية الائتلاف على سبيل المثال؟"
وتابع بالقول: "المصطلحات تتبدل بحسب مصالح الغرب، ونحن مع كل أسف خاصة في الإعلام العربي، نتبناها كما هي. لنأخذ مصطلح الإسلاميين. ماذا يعني إسلاميون؟ الآن يوجد مصطلح الإسلامويون، مع أنه لا يوجد وزن مفعليون، كما في اللغة العربية. لكن عملياً الإسلامويون هي دمج لكلمة إسلامي - دموي -- بشار الأسد. إسلاميون دمويون جعلوها إسلامويون. مع الوقت ربطنا باللاشعور الدموية بالدين."
ورأى الأسد أن في الساحة الإسلامية قاعدتين أساسيتين هما العروبة والإسلام، وقد ضربت العروبة عبر الحروب المتعددة مع إسرائيل، بحسب قوله، مضيفا: "أما الإسلام فلم يكن من الممكن ضربه بهذه الطريقة، فانتقلوا الى طريقة أخرى تشبه طريقة الفيروس.. واستخدموا شيئين: الطائفية والتطرف.. وكُلف في البداية بهذا الموضوع آل سعود، ولكن الطائفية أخذت مداها الحقيقي بعد الثورة الإسلامية الإيرانية. هذه الثورة طرحت نفسها كثورة إسلامية بالمعنى الشامل، ولم تطرح نفسها كثورة شيعية. وهنا طُلب من آل سعود أن يتصدوا لهذا الموضوع تحت عنوان حماية السنّة من المد الشيعي -- بشار الأسد."
وأضاف الرئيس السوري: "لنرى فقط مصداقية هذا الموضوع، ألم تكن السعودية هي الحليف الأوثق والحليف العضوي لشاه إيران الشيعي؟ ألم تكن كذلك؟. ألم تكن السعودية أو آل سعود هم من وقف بوجه عبد الناصر السني المؤمن؟"
وتحدث الأسد عن ما وصفها بـ"صراع الهوية" بسبب "صدمة العولمة" مضيفا: "عندما يتعرض الإنسان لهذا النوع من الأزمات فهي حالة اضطراب نفسي تؤدي إلى فراغ عقائدي، فراغ فكري، فراغ نفسي. وهذا الإنسان عندما يصاب بهذه الحالة يتحول في المحصلة إلى إنسان بعيد عن الأخلاق، يعاني من فراغ أخلاقي ويتحول إلى شخص من دون مبادئ تقوده الغريزة فقط ولا شيء آخر. ومن هنا كان من السهل على الفكر المتطرف في مثل هذه الحالة أن يؤمّن متطوعين علاقتهم مع الله هي علاقة الغريزة. ومن هنا أتى جهاد النكاح."
وأضاف الأسد، في خطابه المطول، أن السوريين هم من بنوا الدولة الأموية موضحا: "من بنى الدولة الأموية هم السوريون، هم الشاميون بمعنى بلاد الشام وهم الدمشقيون بمعنى مدينة دمشق، هذه هي الحقيقة ولو كانوا قادرين على بناء الحضارة من مكة ومن المدينة لما أتوا لبلاد الشام، لما أتوا إلى دمشق ولم تنطلق الحضارات من هنا، فيجب أن نكون عادلين. فإذاً هذا الصراع هو صراع تاريخي ولن نسمح لهم لا سياسياً ولا دينياً بالسيطرة علينا. دين بلاد الشام، إسلام بلاد الشام هو الأساس، هو الذي يقوم بحماية الإسلام الحقيقي -- بشار الأسد."
وأشار الأسد إلى "أهمية الدولة" مذكرا بالأحاديث النبوية التي تحض على "طاعة الأمير" حتى وإن كان من غير المتبعين لسنة النبي قائلا: "هذه ليست دعوة للانبطاح.. هي دعوة للتغيير ولكن التغيير بالمنطق.. عبر آليات الدولة" وتعهد الأسد بـ"محاربة الإرهابيين بدون تردد" مضيفا "لن نرحمهم."