البابا يدعو إلى حوار "بين الإخوة" في سوريا ويتوشح بالشماغ في نهاية رحلة الحج للأردن
البحر الميت، الأردن (CNN)-- دعا البابا فرنسيس الأول في كلمة اختتم بها رحلة الحج المسيحي التي بدأها من الأراضي الاردنية مساء السبت، إلى إعادة إطلاق الحوار بين من أسماهم "الإخوة في سوريا،" مستنكرا من "يصنع السلاح ويبيعه من أجل المال الرخيص وقتل الانسان."
وجاءت دعوة الحبر الأعظم، خلال المحطة الأخيرة له في زيارة المملكة في كنيسة اللاتين في منطقة المغطس بالبحر الميت، أمام المئات من اللاجئين السوريين والعراقيين وذوي الاعاقة ومرضى السرطان، فيما تعتبر الزيارة البابوية الأقصر في تاريخ المملكة التي شهدت ثلاث زيارات باباوية في الأعوام 1964 و2000 و2009.
وفاجأ البابا فرنسيس الحضور بقبوله التوشح بوشاح أردني "شماغ أحمر" قلدته إياه شابة مريضة بالسرطان، فيما سارع هو بالنزول عن المنصة للسلام على سيدة من ذوات الإعاقة الحركية، حيث تدفق المشاركون حوله دون حواجز قبل أن يغادر وسط ذلك التجمهر.
في الأثناء، وجه البابا كلماته بالإيطالية، عقب مروره بموقع العماد المسيحي برفقة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبدلله، قبل أن يتجه إلى الصلاة "بصمت" على مطل نهر الأردن.
وخيمت تداعيات الأزمة السورية على زيارة البابا، حيث رفع صوته خلال كلمته قائلا: "من يبيع السلاح ومن يصنع السلاح كي يقتل الإنسان... بيع السلاح هو أصل الشر والدافع لبيع الصلاح وصنعه هو الحقد والطمع في المال الرخيص."
وقال البابا مضيفا بحضور حاشيته: "إننا أيضا نصلي من أجل هؤلاء الذين يصنعون السلاح ويبيعونه كي يضع الله في قلوبهم الرحمة.. نريد أن تنتهي الحرب نريد أن ينتهي تشرد الشعب السوري." بابا الفاتيكان، فرانسيس الأول
وكرر البابا شكره إلى الأردن لاستضافته اللاجئين السوريين، مستخدما وصف: "الإخوة الوافدين من السوريين،" فيما طلب أن يعود الإخوة في سوريا إلى الحوار.
وقال: "في الحوار فقط يمكن الوصول إلى السلام وتهدئة الأوضاع،" فيما دعا الشباب الحاضرين إلى الصلاة من أجل السلام، وخاطبهم قائلا: "أنتم في قلب الله وفي صلاته أنتم الرجاء."
وقدم عدد من اللاجئين ومرضى السرطان كلمات تحدثوا فيها عن تجاربهم حول اللجوء والمرض، فيما ارتفعت الأعلام السورية والعراقية والمصرية في داخل كنيسة اللاتين ترحيبا بالبابا.
وفي الناحية المقابلة من المنصة الباباوية، ميّز نحو أربعين لاجئا ولاجئة من السوريين من بين نحو 600 مشارك، أنفسهم برفعهم لعلم بلادهم مرفقا بعلم دولة الفاتيكان، وسط دعوات رجاء وصلاة بإعادة السلام إلى بلدهم سوريا.
وقال جوزيف جورج صبرا في تصريحات لموقع CNN بالعربية: "نحن جئنا هنا لإيصال رسالة إلى قداسة البابا ليتبنى جميع الأطفال السوريين الذين تضرروا من الحرب السورية ممن هم بحاجة إلى أطراف لأن هؤلاء سيحملون المستقبل وهم امتداد حياتنا."
كما وجه صبرا القادم من دمشق منذ نحو سنة وستة أشهر إلى المملكة، رسالة رافضة إلى المسلمين والمسيحيين والعالم، "بتهجير مسيحيي المشرق."
وقال: "نرفض أن يكون هناك مشرق بدون مسيحيين هم دعامة هذا المشرق وهم من يسعون إلى السلام... لا نريد فصل المسيحيين عن المشرق نرفض التنظيمات في سوريا لسنا بصدد أي سجال نحن نرفض العنف وإخوتنا المسلمون يرفضون العنف ونحن اليوم نعيش ظروف لجوء صعبة ومستقبل غامضة."
كما ميز عدد من اللاجئين العراقيين المسنين المشاركين في اللقاء من أتباع الكنيسة الكلدانية، أنفسهم بالزي التقليدي لهم، من بينهم من لجأ إلى المملكة منذ عام 2007.
ومن هنا، لا تخفي الستينية سارة فرحتها بزيارة البابا إلى الأردن، وأمنيتها بأن تستجاب دعوات البابا بإعادة السلام إلى العراق، وقالت لموقع CNN العربية: "نريد أن يصلي من أجل السلام ومن أجل وحدة المسيحيين والمسلمين على حد سواء."
وأضافت سارة الأم لثلاثة بنات وولدين يتوزعون بين بريطانيا والسويد: "وجودي هنا يعني الحج لأننا لا نستطيع الحج في القدس.. أرجو من الله أن يستجيب لدعواتنا."
وأعقب القداس الذي ترأسه البابا في ستاد عمان الدولي عصر السبت، تدفقا لافتا للمشاركين من مختلف دول العالم حوله، حيث تكرر المشهد في نهاية اللقاء باللاجئين.
وبدت حالة من التوتر على الأمن المرافق للبابا من الفاتيكان، وهو ما أكدته في وقت سابق غادة النجار المشرفة على ترتيبات اللقاء الباباوي مع اللاجئين في المغطس إلى أن الأمن الفاتيكاني "أبدى توترا" في ستاد عمان عند تدفق المشاركين حول البابا.
وهتف مشاركون موجهين نداءاتهم إلى البابا الذي طاف للسلام على عدد من الأطفال من ذوي الإعاقة وحاول البعض تسليمه رسائل مكتوبة.
وحضر عدد لافت من الكرادلة والبطاركة لقاء المغطس، فيما تغيب البطريرك اللبناني بشارة الراعي عن غالبية اللقاءات الرسمية في رحلة الحج، بينما حضر عدد من البطاركة ممثلين عن مصر وسوريا والأردن والقدس.
وحظيت زيارة البابا بتعزيزات أمنية مشددة حيث شارك 8565 رجل أمن من مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية في تأمين الزيارة، بحسب ما صرح به المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني ليل السبت.
وقال المومني في مؤتمر صحفي لوسائل الإعلام في المركز الإعلامي بعمان، إن من بينهم 1600 رجل أمن و1300 من عناصر قوات الدرك و5600 من القوات المسلحة.