رأي.. لهذه الأسباب لن أشارك في المسرحية الإنتخابية
قبل ثورة 25 يناير كان الكثير من المصريين يحلمون بالتغيير. ومن ضمن التغييرات التي كنا نحلم بها هي أن يأتي اليوم الذي نختبر فيه تجربة الإنتخابات الحرة، وفيها يتنافس المرشحون بنزاهة ويكون للشعب حق إختيار القائد. وبعد دفع ثمن الحلم غالياً بتقديم آلاف الشهداء والمصابين و المعتقلين.. وبعد محاولات المجلس العسكري المستميتة في المماطلة بتنفيذ وعودهم بتسليم السلطة لرئيس منتخب... وبعد شهور من الضغط الشعبي... كانت إنتخابات 2012 هي أول تجربة للشعب المصري مع إنتخابات مستقلة، وكانت أول خطوة في المسار نحو الديمقراطية.
ربح الإخوان الحكم وأصبح محمد مرسي هو أول رئيس مدني منتخب. لكن إنقضاض الإخوان السريع على السلطة واستخدام الدين كسلاح ضد الشعب و استمرار النمط القمعي للأجهزة الأمنية و غيرها من الأسباب، أدت إلى فقدانهم أي دعم شعبي ممكن في أقل من 6 أشهر. لم يكن لدى مرسي أي حلفاء داخل نظام الدولة، وكان الإنقلاب العسكري في غاية السهولة لأن الكيل كان قد طفح بالشعب الذي لم يكن مستعداً لتضييع الوقت على رئيس لم يحترم وعوده. ورأى أغلب الشعب في المؤسسة العسكرية المنقذ الوحيد. وفي هذه المرة لم تتسلم القوات المسلحة زمام الأمور (رسمياً) ولكن تم نقل السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وهو الرئيس الحالي عدلي منصور، حتى يتم إنتخاب رئيس جديد.
وبعد التفويض الشعبي لوزير الدفاع الأسبق عبد الفتاح السيسي، أعلن عن عزمه خوض سباق الإنتخابات الرئاسية. وهنا بدأ إنهيار الحلم -- فرح سعفان .
الحلم سينهار لأن التغيير لن يأتي إذا فازت الثورة المضادة المتمثلة في عبد الفتاح السيسي ومؤيديه ونجحت في إعادة برمجة الشعب على القبول بالفتات الذي يُلقى لهم. الحلم سينهار لأن التغيير لن يكتمل تحت ظلال العنف والممارسات الأمنية القمعية التي قامت الثورة ضدها من الأساس. الحلم سينهار لأن من الصعب تحقيق مطالب الثورة: "عيش، حرية، عدالة إجتماعية، كرامة إنسانية" إذا كان كل من يعارض الرئيس ونظامه يلقب بالإرهابي، وينتهي أمره في السجن مثلما هو حال الآف المعتقلين. الحلم سينهار لعدم وجود منطق يتقبل وجوده، فالرئيس (المحتمل) الذي ترشح بعد ضغوط مظاهرات التفويض، منع التظاهر وجعل منه جريمة و ليس حق. الحلم سينهار لأنه لا يمكن أن يستمر تحت حكم رئيس لم يقدم للناخبين برنامج رئاسي متكامل ويريد منهم إنتخابه "على بركة الله." -- فرح سعفان الحلم سينهار لعدم وجود إعلام مهني يقدم الحقائق ولا يصنع الفراعنة. الحلم سينهار لأن كل من آمن به إما مات مقتولاً في مظاهرة أو في قسم شرطة أثناء تعذيبه أو تم إعتقاله أو ببساطة فقد الأمل ولم يعد يكترث للوضع الحالي.
أنا لن اشارك في هذه المسرحية. لن أعطي شرعية لهذه الإنتخابات التي ستكون بمثابة شهادة وفاة للحلم الذي طالما آمنت به. لن أكون رقما في إحصائياتهم. لن أضغط على نفسي لإنتخاب المرشح المنافس الذي لا أكن له إلا كل عدم الإحترام بعد أن سمح لنفسه أن يكون أداة في يد النظام القديم. لن أتهاون في حقي لأني أعرف قيمتي كمواطنة مصرية وأنا أستحق أفضل بكثير من كلا المرشحين.
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته فرح سعفان، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.