الانتخابات الرئاسية السوريّة: بين المشاركة والمقاطعة والنأي بالنفس
دمشق، سوريا (CNN)-- تعلو الأصوات لحث السوريين على المشاركة بأوّل "انتخاباتٍ تعددية" في تاريخ البلاد، ترشّح لها بشّار الأسد وحسّان النوري وماهر حجّار، وذلك بالتزامن مع ظهور دعوات أطلقتها المعارضة في الداخل السوري للمقاطعة: "من أجل انتخابات لكل السوريين"، وأخرى نأت بنفسها عنها: "ترشيحاً، وتصويتاً، وانتخاباً"، واقترحت التمديد للرئيس الأسد بموجب المادة 87 من دستور سوريا الجديد 2012.
موقع CNN بالعربية يرصد فيما يلي بعض المواقف الحزبية، وغير الحزبية إزاء الاستحقاق الرئاسي المثير للجدل يوم 3 حزيران/ يونيو 2014.
من أبرز الأحزاب الداعية للمشاركة بالانتخابات السورية المرتقبة، والداعمة للمرشح بشّار الأسد؛ "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، ويقول عبد الله منيني نائب رئيس المكتب السياسي للحزب، إنهم ينظرون لهذه الانتخابات بوصفها: "استحقاق دستوري، علينا أن نحترمه بتوقيته، وآلياته، وخاصّةً أنه أتى بعد دستورٍ جديد للجمهورية العربية السورية، وضّح معالم المرحلة القادمة، رغم اعتراضنا على المادة الثالثة منه، والتي تحدد دين رئيس الجمهورية، لكن أيدنا مشروع الدستور لأنه يؤمن الحياة السياسية الراقية التي نلمسها في سوريا، وخاصة بعد إلغاء المادة الثامنة التي أفسحت المجال للتعددية السياسية." عبدالله منيني، نائب رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي
ويضيف منيني في تصريحٍ خاص لموقع CNN بالعربية: "تأتي الانتخابات تتويجاً لانتصارات هامّة، تحققّها سوريا ضد الإرهاب، وعندما أقول سوريا، أعني الجيش والشعب، فكلاهما يقوم بمحاربة الإرهاب على أرضه، ونحن مؤمنون أن كل صوت، مهما كان رأيه حتى لوكان ورقة بيضاء، هو بالتالي يوقف رصاصة، أو يوقف إرهابي عن استهداف أرضنا وبلادنا، لذلك أيدنا هذه الانتخابات، وإجراءها في موعدها، وندعو أبناء شعبنا للمساهمة فيها، بأكبر كثافة ممكنة."
وأكّد عبد الله منيني على أن دعم الحزب للمرشح بشّار الأسد: "جاء عن قناعة هامة جداً، وهي أنّ من قاد سوريا منذ العام 2000 استكمالاً لمسيرة تتسم بالتحرير، والانفتاح على العالم وسوريا المتجددة، ذات الطابع العلماني، والأخلاقي، والذي استطاع أن يتصدى لحرب مدتها ثلاث سنوات دون خنوع أو تبعية، أو استسلام، يليق به أن يقود سوريا في المرحلة المقبلة."
بالمقابل "جبهة التغيير والتحرير"، والتي كانت جزءاً من تركيبة الحكومة السورية، حتى وقتٍ قريب، عبر شخص قدري جميل، النائب الأسبق لرئيس مجلس الوزراء؛ أصدرت بياناً مبكراً في 24 ابريل/ نيسان، أعلنت فيه أنّها لن تكون طرفاً في هذه العملية "لا ترشيحاً، ولا تصويتاً، ولا انتخاباً"، وأكدت في بيانها على أن حل الأزمة السورية التي "باتت مستعصية وشاملة." يكون عبر "عملية سياسية متكاملة، بكل تفاصيلها، تشكّل حلقة الرئاسة أحد عناوينها، مع أنها ليست الأولوية بالنسبة لحل الأزمة،" واقترحت الجبهة اللجوء إلى الفقرة الثانية من المادة السابعة والثمانين من الدستور السوري الجديد 2012، والتي تنص على "إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية، ولم يتم انتخاب رئيس جديد، يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه، حتى انتخاب رئيس جديد."
ورأت "جبهة التغيير والتحرير" في اللجوء إلى هذه المادة "إجراء يلبي مصلحة البلاد للتوجه نحو حل الأزمة سياساً، وسلمياً باتجاه منع إنتاجها"، بالتزامن مع محاربة "التكفيريين والإرهابيين الوافدين، ومن بحكمهم من غير السوريين."
وأشارت إلى الانتخابات في الظروف الحالية: "لن تكون شاملة لأصوات عموم الناخبين السوريين، وعموم المناطق السورية،" وختمت "جبهة التغيير والتحرير" بيانها بالتحذير من: "أن إجراء الانتخابات الآن ضمن الظروف القائمة ميدانياً، يحمل في طيّاته خطر استثمارها سلبياً، ممن يعملون لتوسيع وتعميق الانقسام القائم بين السوريين."
علاء، أحد الأعضاء الناشطين في الجبهة، أكّد لموقع CNN بالعربية، التزامه بموقف حزبه من الانتخابات الرئاسية السوريّة المقبلة، وعلى هذا الأساس لن يتوجه للمشاركة في انتخاب أحد مرشحي الرئاسة الثلاث يوم الثلاثاء 3 حزيران/ يونيو 2014، ليس من "باب أن الحزب ضد الانتخابات الرئاسية، فمن الجيد أنّه أصبح لدينا دستور في البلد يسمح بها، ولكن للأسباب التي وردت في البيان."
وحول رؤيته كمواطن سوري للمشهد الانتخابي بشكلٍ عام، وبرامج المرشحين؟ رأى علاء أنّ هذا المشهد "لا يخرج عن منطق انتخابات مجلس الشعب، إذ لا أحد يهمه اسم المرشح، ولا صورته، ولا الجملة الواسعة في إعلان متر مربع، هناك أزمة عريضة تشهدها البلاد، ومن الصعب أصلاً خلال المرحلة الحالية، صياغة برنامج لرئيس ضمن هذه الأزمة."
كما أطلق "تيّار بناء الدولة السوريّة" المعارض حملةً على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "من أجل انتخابات لكل السوريين" ، وتستخدم الحملة وسم "قاطع_ الانتخابات_ السوريّة"، وتشرح للسوريين من خلال تدوينات توضيحية، لماذا عليهم أن يقاطعوا الانتخابات؛ مثل: "شارك: لما الانتخابات والجيش بتحمي الانتخابات باسم الدولة... قاطع: لأن المخابرات والجيش تعمل باسم جنود الأسد،" "شارك: لما تكون حريتك وكرامتك مصانة... قاطع: لأنك ممكن تعتقل بأي لحظة بدون سبب"، "شارك: لو كانت الانتخابات معبرّة عن إرادة السوريين... قاطع: لأن أكثر من نصف السوريين ما بيقدرو يشاركوا".
وبعيداً عن المواقف الحزبية؛ استطلعنا وجهة نظر سامر يوسف مدير إذاعة "شام إف إم" إحدى الإذاعات الخاصّة الواسعة التأثير في سوريا، والتي استضافت مؤخراً مؤيدين، ومعارضين لفكرة الانتخابات، وأحد المرشحين الرئاسيين، ويبدو يوسف متحمساً للمشاركة في "الاستحقاق الرئاسي المقبل"، ويوضح السبب لموقع CNN بالعربية قائلاً: "الهدف برأيي مما يحدث في سوريا تحويلها إلى دولة فاشلة، ولكيلا تصبح بلادنا كذلك، أريد كمواطن سوري أن تبقى مؤسسة الرئاسة قائمة، وأسس الدولة موجودة."
وحول ما يثار حول "ديمقراطية هذه الانتخابات"، يعلّق سامر يوسف بالقول: "ليس هناك ديمقراطية في كل دول العالم، بل يوجد مخرج جيد، أو سيء لها، وفي الحالة السوريّة، هو المخرج جيد بحسب الظروف المتاحة، حيث لا يوجد خبرة، كما أن وضع الحرب يحتم عليك العمل، ضمن هامش ضيّق جداً."
ويعيد يوسف التأكيد على أهمية المشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية المرتقبة: "لأنها المرّة الأولى في سوريا، ومنذ عقود، يتقدم لانتخابات الرئاسة أكثر من مرشّح... ربما تكون انتخابات تعددية غير كاملة كما يرى البعض، لكنّها بذرة زرعت لأوّل مرّة منذ عشرات السنين، وبالتالي رغم الصعوبات، والشوائب في المشهد الانتخابي، بسبب وضع البلد غير المستقر؛ ينبغي الحفاظ عليها، ويمكن أن تتحسن الأوضاع في الدورات المقبلة، وهنا نكون قد أسسنا لمستقبل جيد، وهذا ما نريده."
وحاولنابموقع CNN بالعربية أيضاً، رصد بعض مواقف الناس البسطاء من الانتخابات السورية؛ وهنا يتساءل أبو عبد الرزّاق ما الجدوى من هذه الانتخابات؟ وهل إذا توجّه لانتخاب بشّار الأسد سيكون هناك بوادر لـ"مصالحة"؟، فهو يرى "بوادرها غائبة حتى الآن"، خاصّةً أن جُلْ ما يشغل اهتمامه مؤخراً، الحصول على تأجيل لثالث أبناءه من الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، لكي يبقى إلى جانبه، بعد اعتقال ابنيه الأكبر، والأوسط منذ حوالي العامين.
والمصالحة أيضاً، هي ما يأمل بها، أبو علي الذ قدّم مع عائلته وأقاربه في الحرب العديد من "شهداء" الجيش العربي السوري، ورغم أن الخيم الانتخابية الداعمة لبشّار الأسد في الساحل السوري، وما فيها من "طبلٍ وزمر" تستفزه، ويعتبرها نوعاً من "الاستهتار بمشاعر ذوي الشهداء"، إلا أنّه سيذهب للانتخابات يوم 3 حزيران/ يونيو، وينتخب الأسد؛ لأنه "الأقدر" من وجهة نظره "على وضع حد لهذه الحرب".