دعاية "داعش" الوحشية فعالة ولكن إلى متى؟
بقلم فريدا غيتيس
(فريدا غيتيس هي كاتبة عمود مختصة بالشؤون الدولية في صحيفة "ميامي هيرالد" كما أنها منتجة سابقة في CNN. كما أنها مؤلفة كتاب "نهاية الثورة: عالم متغير في عصر التلفزيون المباشر" وما يرد في المقال يعبّر فقط عن رأيها ولا يعكس وجهة نظر CNN)
تريد منا جماعة "داعش" أن نطأطئ رؤوسنا وقد نجحوا. وتريد، وهي تنشر أعلامها في أنحاء من العراق، أن تتأكد من أن الجميع وقع فريسة للترويع تحت وطأة وحشيتها.
فقد شنّ زعماء الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" حملة دعائية معقدة تقلب راسا على عقب المبادئ الأولية المتعارف عليها في حملات العلاقات العامة. فلا يوجد عبقري في ميدان الدعاية سيقبل بأن يكشف زبونه للعالم كل الوحشية التي يعتقد بها، وهو بالضبط ما فعلته "داعش" عن سابق إضمار وترصد وبكل عنجهية فجة.
فصور الناس وهم يحفرون قبورهم بأيديهم قبل أن يتلقوا رصاصة من الخلف تصوب مباشرة إلى الرأس، يتم تبادلها ونشرها على صدر صفحات الصحف العالمية وفي عناوين الأخبار التلفزيونية وعلى مواقع الانترنت. وهذا هو بالضبط ما أرادته "داعش." إنها وسيلة مهمة واستراتيجية فعالة حتى الساعة على أرض المعركة، ولكنها أيضا تشير إلى ضعف يطرح أسئلة حول قدرة التنظيم على الاستمرار في المناطق التي يستولي عليها.
ولا توجد وسيلة حاسمة تجعلنا نتأكد من صدقية الصور والفيديوهات، ولكن هناك أسبابا تدفع إلى التصديق. وقال بيان للأمم المتحدة إن المسلحين "على ما يبدو نفذوا بكيفية منهجية عمليات إعدام جماعية بدم بارد، ترقى إلى مستوى جرائم الحرب" بعد انتشار صور قتل 1700 من قوات الأمن العراقية. كما أكدت عدة مصادر أن التنظيم قتل مئات من العراقيين، من ضمنهم العديد من الذين استسلموا.
وبدعايتها لأسلوبها الوحشي، ترعب "داعش" على الأقل بعضا من أعدائها لإجبارهم على الاستسلام. وأثبت هذا التكتيك نجاعته، لكن التاريخ الحديث يثبت أن مثل هذا الأسلوب يحمل في ذاته بذور خسارته، لأنه من المرجح أن يخلق مزيدا من الأعداء ويغلق سبل التعاطف مع مستخدميه لدى عموم الناس --فريدا غيتيس-كاتبة . والمزاوجة بين الاستراتيجية الدعاية وتحقيق تقدم على أرض المعركة، أسلوب من السهل ملاحظته.
وقبل اقتحام الموصل، نشرت "داعش" فيديوهات مرعبة لعبت من دون شك دورا في تدمير معنويات قوات الأمن التي تخلت عن مواقعها. ومن بين تلك الفيديوهات شريط مطول بعنوان "صليل الصوارم" يظهر خريطة "تمّدد دولة الخلافة" وتشمل سوريا والعراق والأراضي الفلسطينية وإسرائيل ولبنان، ويظهر فيه مسلحون وهم يقتلون جنودا عراقيين وشيعة عراقيين يحفرون قبورهم بأيديهم ونقاط تفتيش وهمية وغيرها. وساعد ذلك في الاستيلاء على الموصل، ونشر التنظيم صورا جديدة لرأس مقطوعة يتم تقاذفها ومؤشر عليها وسم الهاشتاغ المخصص لكاس العالم لكرة القدم.
كما أن نشر الصور يهدف إلى إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة في المنطقة. والحملة الدعائية التي استخدمتها في العراق سابقا وسوريا حاليا تظهر الصعوبة التي ستكون عليها مواجهة التنظيم. لكن التجارب تثبت أن تشدد "داعش" انجر عنه انتفاضة بين السكان مما أدى فشلها، عندما كان يحمل اسم "القاعدة في العراق."
فقد تحمل رجال العشائر الشيعية والسنية الأمر قبل أن يطلق الشيعة فرق موت والسنة "لصحوات" مما أدى إلى اندثار التنظيم قبل أن يلملم أشلاءه على يد أبوبكر البغدادي. فالتطرف أدى إلى تطرف أكبر حجما. ولعل من أدلة فشل هذا الأسلوب على المدى الطويل، أن "داعش" فشلت حتى في استمالة جماعات على علاقة بتنظيم القاعدة الذي بدوره نأى بنفسه عنه، ثم أدى كل ذلك إلى اقتتال بين "داعش" و"جبهة النصرة."
ورغم أن الأسلوب الدعائي الذي تتبعه "داعش" سشكل عبئا إضافيا على العراق، إلا أنّ تلك الفيديوهات والصور الأخيرة خاصة، سينتج عنها من دون شكّ ردّ فعل معاكس من خلال استياء شعبي سيقوض ويضعف من دون شكّ أيضا موقع التنظيم في العراق--فريدا غيتيس-كاتبة .