أحكام "خلية الماريوت" تضع "خارجية السيسي" بأول اختبار صعب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)- رغم تأكيد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عدم التدخل في أحكام القضاء، على خلفية أحكام بسجن عدد من الصحفيين المتهمين في قضية "خلية الماريوت"، إلا أنه بدا من الواضح أن هذه الأحكام، التي أثارت انتقادات دولية واسعة، وضعت الخارجية المصرية أمام أول "اختبار صعب" في عهد الرئيس الجديد.
وبينما اتخذت عدة دول، من بينها بريطانيا وأستراليا خطوات احتجاجية باستدعاء دبلوماسيين مصريين لديها، للتعبير عن رفضها للأحكام بسجن ثلاثة من صحفيي "الجزيرة"، التي أصدرتها محكمة الجيزة الاثنين، أصدرت العديد من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية بيانات نددت فيها بالحكم، ووصفته بأنها يمثل "إهداراً للعدالة."
وخضع 20 متهماً، غالبيتهم من العاملين بقناة "الجزيرة"، للمحاكمة، تسعة منهم حضورياً، بينهم الصحفي الأسترالي بيتر غريست، والمصري الكندي محمد فاضل فهمي، والمصري باهر محمد، بينما جرت محاكمة 11 آخرين غيابياً، منهم صحفيان بريطانيان، هما سو تورتون، ودومينيك كين، وأخرى هولندية تُدعى رينا نيتجيس.
وأصدرت محكمة جنايات الجيزة أحكامها في قضية "خلية الماريوت" الاثنين، بسجن سبعة متهمين، بينهم الصحفيون الثلاثة لسبع سنوات، بينما تلقى باهر عقوبة إضافية بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة منفصلة وهي "حيازة رصاصة فارغة"، بينما قضت بسجن المتهمين "الهاربين" لمدة 10 سنوات، فيما برأت اثنين من المتهمين.
وبينما وصفت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الصحفيين، الذين ألقت السلطات المصرية القبض عليهم أواخر العام الماضي، بأنهم "سجناء رأي"، فقد اعتبرت أن إدانتهم عقب اتهامهم "بتلفيق الأخبار"، وبالانتماء إلى حركة "الإخوان المسلمين" المحظورة، أو تقديم العون لها، "يُشكل هجمة ضارية على الحرية الإعلامية."
ونقل البيان، الذي تلقت CNN بالعربية نسخة منه الثلاثاء، عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، فيليب لوثر، قوله إن "هذا الحكم يلحق الدمار بالصحفيين وأسرهم، وإنه ليوم مظلم لحرية الإعلام في مصر، عندما يُلقى بالصحفيين وراء القضبان، ويوسمون بأنهم مجرمون أو إرهابيون فيليب لوثر، لا لشيء إلا لقيامهم بعملهم."
أما منظمة "هيومن رايتس ووتش"، المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، فقد ذكرت أن الحكم على صحفيي "الجزيرة" جاء بعد "محاكمة أخفقت النيابة خلالها في تقديم أية أدلة ذات مصداقية، تثبت ارتكاب جريمة"، ووصفت الإدانات بأنها "بمثابة الخطوة الأخيرة في اعتداء تشنه مصر بلا هوادة على حرية التعبير."
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، جو ستورك، في بيان تلقته CNN بالعربية، إن "الحكم على ثلاثة صحفيين محترفين بالسجن لعدة أعوام، استناداً إلى أدلة منعدمة على ارتكاب جرم، إنما يبين كيف علق القضاء المصري في الهستيريا المعارضة للإخوان المسلمين، والتي شجعها الرئيس السيسي جو ستورك."
وبينما أشار البيان إلى أن الأحكام جاءت في اليوم التالي لزيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، للقاهرة، فقد ذكر أن "مصر تعاقب أشخاصاً على ممارسة الحقوق الأساسية، الضرورية لأي انتقال ديمقراطي، والتشريع الأمريكي يشترط حدوث تقدم على صعيد تلك الحقوق، قبل أن يتسنى لإدارة أوباما التصديق على معونات عسكرية إضافية."
وفور إعلان وزارة الخارجية البريطانية استدعاء السفير المصري، أشرف الخولي، لإبلاغه باحتجاج لندن على الأحكام الصادرة بقضية "خلية الماريوت"، واستدعاء الخارجية الأسترالية نائب السفير لنفس الغرض، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن "خطة تحرك استباقية"، لمواجهة أي تداعيات دبلوماسية محتملة على خلفية تلك الأحكام.
وبينما أعربت الخارجية المصرية عن رفضها "بشدة" لأي تعليق يصدر عن جهة أجنبية "تشكك في استقلالية القضاء المصري وعدالة أحكامه"، فقد أكدت أن "التدخل في الشأن الداخلي للبلاد مرفوض، ويثير حفيظة واستياء جميع أبناء الشعب المصري الخارجية المصرية"، وفق بيان أورده موقع "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط.
كما أشارت وزارة الخارجية، في بيان على موقعها الرسمي، إلى أن الوزير، سامح شكري، الذي تولى منصبه قبل أيام، ضمن أول حكومة تؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي، وجه السفارات المصرية بالخارج بطلب إجراء مقابلات عاجلة مع المسؤولين بوزارات الخارجية في دول الاعتماد، لشرح ملابسات قضية "خلية الماريوت."
وذكرت أن هذه التوجيهات تأتي "بصفة استباقية"، بهدف "نقل حقائق الأمور، بعيداً عن الصور والمعلومات المغلوطة حول هذه القضية"، لافتةً إلى أنه تم تزويد السفراء بالخارج بالبيان الصادر عن مكتب النائب العام، وترجمته باللغة الإنجليزية، متضمناً إجراءات التقاضي التي اتبعتها المحكمة، والاتهامات الواردة بقرار إحالة المتهمين للمحاكمة.