رأي: خمسة دروس مستقاة من العملية العسكرية بغزة

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: SAID KHATIB/AFP/GETTY IMAGES

كاتبة هذا المقال، فريدا غيتيس، محررة الشؤون الدولية بصحيفة "ميامي هيرالد ومراجعة الشؤون الدولية" وعملت سابقا كمنتجة ومراسلة صحفية بـCNN وهي مؤلفة كتاب "نهاية الثورة: عالم متغير في عصر البث التلفزيوني المباشر".. والمقابلة لا تعبر بأي شكل من الأشكال سوى عن أفكار وآراء غيتيس.

محتوى إعلاني

 

محتوى إعلاني

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمركيية (CNN) -- مما لا شك فيه ستتوقف جولة القتال الحالية بين حماس وإسرائيل، وحينها سيظل الإسرائيليون والفلسطينيون، الذين يعتصرهم الحزن والإرهاق، جيرانا، كما ستبقى خلافاتهم.

لكن توابع هذه الحرب لن يتردد صداها فحسب في غزة، والضفة الغربية، وإسرائيل فسحب، بل أيضا في شوارع القاهرة والرياض والمقاهي وغرف المعيشة في باريس، ووزارات الخارجية بالدول العربية، وغرف الاجتماعات الخاصة بوزارة الخارجية الأمريكية،  لقد كشفت هذه الحرب عن أعصاب تالفة وتحيزات عميقة وسياسات خاطئة.

وهذه خمس دول ستشهد انعكاسات المواجهات الدائرة الآن بعد توقفها:

إسرائيل

فيما يبحث الإسرائيليون عن ملجأ للاحتماء به من صواريخ حماس والمليشيات الإسلامية الأخرى المتمركزة في غزة، التي استهدفت كذلك الطائرات بأهم مطارات إسرائيل، تقدمت مذيعة تلفزيونية في لبنان بعرض غير بناء، باقتراحها تقديم "سلاح نووي إلى حماس لمجابهة إسرائيل، بالتزامن مع تجديد الزعيم الروحي لإيران أمنيته" بمحو إسرائيل من الوجود.

مثل هذه الرسائل تذكر الإسرائيليين بخطورة موقفهم، فحماس غير مهتمة بحل الدولتين بل بطمس إسرائيل. والإسرائيليون بدورهم لهم اختلافاتهم بشأن المستوطنات والانسحاب من الضفة الغربية، لكنهم متفقون تماما عندما يتعلق الأمر بحماس، التي يقول ميثاقها: "جهادنا ضد اليهود عظيم وجدي للغاية"

وكما وضح الكاتب ديفيد غروسمان الأمر، اليساريون الإسرائيليون يرون بأن مخاوف جناح اليمين ليست مجرد شكوك ، ومن جانب آخرسيعتبر اليمين بأن هناك حدودا لاستخدام القوة.. القتال سيضعف مواقف اليسار واليمين المتطرفين في إسرائيل، ويمنح دفعة قوية لدعاة الأمن البراغماتيين، وسيعيد الجدل إحياء دعوات لإيجاد خيارات أخرى وتعزيز القوة الأكثر اعتدالا بين الفلسطينيين ممن تواروا في الخلف مع بروز حماس.

 حتما ستعاود الظهور دعوات  لإيجاد طرق جديدة للمضي قدما مع الفلسطينيين المعتدلين بعد هدوء الأوضاع، لكن مع تعاظم عقبة قديمة وهي مخاوف الإسرائيليين الكبرى من دولة فلسطينية تسقط بأيدي متشددين، كما سيطرت حماس على غزة،  وتلقي أسلحة من إيران ودول أخرى.. لن يقبل الإسرائيليون الآن بدولة فلسطينية مسلحة تفصلها مجرد أنفاق عن مدنها الكبرى، خاصة إن بقيت حماس لاعبا خطيرا.

فلسطين

دعاية حماس وقتلها لإسرائيليين قد يرفع من شعبيتها، لكن الفلسطينيين ينظرون بتكتيكات حماس واستراتيجيتهم التي نجم عنها الكثير من الموت والدمار، رغم أنهم سيلقون باللوم على إسرائيل، في المقام الأول.

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، كان أول من أشار لذلك علانية، عندما حذرت إسرائيل حماس من مغبة إطلاق الصواريخ التي دفعت بها لشن الهجوم البري، قال مخاطبا حماس بغضب: ماذا نحاول تحقيقه بإطلاق صواريخ؟" وأضاف "نفضل القتال بحكمة."

إختباء مقاتلي حماس داخل الأنفاق ما يدفع بالنيران الإسرائيلية نحو المناطق المدنية، تكتيك لا يستوجب المراجعة فحسب بل إدانة صريحة, ففي تحول صارخ عن مواجهات سابقة، تعرضت وسائل الإعلام العربية بانتقادات شديدة لحماس، على وجه الخصوص من الإعلاميين المصريين.

أوروبا

معاناة سكان غزة أبرزت الجانب المفجع في الصراع، دفعت لخروج احتجاجات لا سيما في مدن بها جاليات مسلمة كبيرة، لكن ما شهده عدد من المدن الأوروبية في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا ومناطق أخرى، تجاوز منطلق التعاطف مع ضحايا الحرب أو إدانة للتكتيك الإسرائيلي.

شهدت أوروبا واحدة من أبشع الانتفاضات الصارخة ضد السامية منذ حقبة أربعينيات القرن الماضي، منتقدو إسرائيل يزعمون تواري الدولة العبرية من الانتقادات بحجج معاداة السامية، ازاحت النقاب عن دعوات "الموت لليهود" و"قطع أعناق اليهود" أو "إرسال اليهود إلى غرف الغاز"، بجانب تدمير وإحراق المحال المملوكة ليهود ومهاجمة المعابد، لتكشف عن مشاعر معادية لليهود متجذرة،  غالبا لا يجري الحديث عنها في الأوساط المهذبة، سوف نكتشف مدى جدية معالجة القادة الأوروبيين للمسألة الآن، كما سنكتشف ما سيظل  خافيا وراء ستار الخطاب المدني.

الشرق الأوسط

أبرزت حرب إسرائيل-حماس الايدولوجيات الناشئة والتحالفات السياسية في الشرق الأوسط الجديد، برزت تركيا وقطر كمدافعين عن حماس،  دعمهما العلني  للإخوان المسلمين خلال الربيع العربي،  الدولتان تحولتا إلى مدافعتين عن الجماعات الإسلامية في المنطقة، ما أثار حفيظة الحكومات العربية الأخرى.

الدفاع عن الإسلاميين في غزة هدفه تحقيق مآرب سياسية نظرا لما تتمتع به القضية من دعم شعبي. مصر وفي ظل الحكومة الجديدة اتخذت موقفا حازما ضد حماس، واتخذت مواقفا ضد مؤيديها، لا سيما تركيا.. هذه التحالفات السياسية تعقد الأمور بالنسبة لواشنطن.

الولايات المتحدة

القتال في غزة والصورة الدراماتيكية للقتلى المدنيين الفلسطينيين وآلاف الصواريخ التي أطلقتها "حماس" ضد المدنيين الإسرائيليين خلقت معضلة دبلوماسية لواشنطن، فإسرائيل هي الحليف الراسخ في المنطقة، لكن للرئيس باراك أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، اختلافات. وعوضا عن اتخاذ موقف حازم إلى جانب  إسرائيل، انشغلت أمريكا بجهود دبلوماسية مع قطر، التي تدعم ألد أعداء إسرائيل، وتركيا التي انتقد قادتها إسرائيل قوة.

تفاصيل العملية الدبلوماسية،  التي استبعدت بشكل مثير للدهشة المعتدلين الفلسطينيين، أصابت إسرائيل بالذعر، والغضب في الأوساط الفلسطينية وازدراء الجانب المصري.. عندما يتحقق وقف إطلاق النار على الولايات المتحدة إعادة النظر في كيفية الموازنة بين الحلفاء والخصوم في أوقات الأزمات، حتى بعد وقف إطلاق النار، فأن هذا الصراع أبعد ما يكون في حكم المنتهي.

نشر
محتوى إعلاني