مساعد سابق لطوني بلير: لا تهدروا الوقت... اعثروا على وسيط وتفاوضوا مع داعش
بقلم جوناثان باول
ملاحظة المحرر: جوناثان باول هو كبير موظفي مكتب طوني بلير عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء البريطاني. وهو يرأس الآن جمعية "إنتر ميدييت" وهو مؤلف كتاب "التحدث إلى إرهابيين: كيف يمكن إنهاء النزاعات المسلحة." وما ورد في مقالته يعبر حصرا عن رأيه ولا يعكس وجهة نظر CNN
عندما يشاهد الناس عملية قطع رأس صحفي غربي بدم بارد على شاشة التلفزيون فإنهم يتفاعلون مع ذلك بعواطف جياشة. فهم يريدون الانتقام وأنا أيضا مثلهم. ولكنني فهمت أنّ ذلك لن يكون الأسلوب الأمثل لاحتواء الجماعات الإرهابية. فالتاريخ يتضمن أمثلة ويقترح علينا أن نفكّر بهدوء بشأن استراتيجية مناسبة إذا رغبنا في "تحجيم وبالتالي تدمير" تنظيم داعش مثل الخطة التي وضعها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وليس بردود انفعالية.
وأتذكر هنا قصة كولن باري الذي لفظ ابنه ذو الـ12 عاما أنفاسه وهو بين ذراعيه بعد أن أصابته واحد من قنابل الجيش الجمهوري الأيرلندي في مدينة وارينغتون عام 1993. والأسبوع الماضي وخلال مهرجان شلتنهام الأدبي، قال باري إنه لو كان يعلم أنّ رئيس الوزراء(الأسبق) جون ميجر كان يتراسل مع الجيش الجمهوري الأيرلندي، عندما انفجرت القنبلة فإنه كان سيصاب بالرعب، ولكن لو طرحت عليه نفس السؤال إثر ذلك بستة شهور فإنه كان سيرحب بقرار ميجر سعيه لإنهاء النزاع عبر التحدث والنقاش.
فإذا كان الضحايا أنفسهم يرون حكمة في التحدث إلى الإرهابيين فما الذي يمنع رجال السياسة من ذلك؟
لقد وجهت لي تهم بالحمق لأنني فكرة مثل هذه خطرت ببالي. ولكنها لم تكن مجرد فكرة استنبطتها من الهواء ولكنها انبت على دراسة ثلاثين عاما من النزاعات خلصت إلى أنّ الحكومات، عندما تواجه أي مجموعة إرهابية ناشئة، فإنها تقول أولا إنها لن تتفاوض ثم ينتهي بها الأمر إلى ذلك لاحقا مثلما كان الأمر في جنوب إفريقيا وإندونيسيا والسلفادور. وما أريد شرحه هنا هو أنني لا أعني أن التفاوض سيكون بديلا للقتال. لا ما أعنيه، هو أن يستمر القتال وفي نفس الوقت تكون هناك مفاوضات عبير وسيط.
فلطالما استنفدت مثل هذه الجماعات وقتا طويلا قبل أن تقتنع بأنه لا يمكنها حسم معركتها عسكريا أو أمنيا. ولا أعتقد أنّ هناك من سيوافق على دولة خلافة كونية. ودعوني أذكركم بأنّ الحكومة البريطانية فتحت قناة للحديث مع الجيش الجمهوري منذ 1972 ولكن ميجر بدأ التراسل معهم رسميا إثر ذلك بنحو 20 سنة.
ويمكن في رأيي أن يكون للبعثيين وضباط الجيش العراقي السابقين دور يمكنهم لعبه في التوسط مع ضمانات أخرى بأنه سيكون للسنّة صوت مسموع في عراق غالبيته شيعية.
لقد اقترحت عام 2008 عندما غادرت الحكومة، بناء على تجربتي السابقة بشأن الملف الأيرلندي، أن يتم الحديث مع حماس وطالبان والقاعدة. لكن المتحدث باسم الحكومة قلل من شأن ذلك قائلا إنّه في الوقت الذي لا ترى فيه الحكومة مانعا من التفاوض مع الجيش الجمهوري ومنظمة التحرير الفلسطينية، فإنها ترفض ذلك بالمرة عندما يتعلق الأمر بهذه الجماعات.
وفي غضون ست سنوات، رأينا كيف أنّ الحكومات ومن ضمنها الحكومة الأمريكية تفاوضت مع طالبان بشأن الجندي بيرغدال وتفاوضت الحكومة الأمريكية والإسرائيلية مع حماس وقال مسؤول في الاستخبارات البريطانية إنه ينبغي أن نتحدث إلى القاعدة.
والتفاوض مع الإرهابيين لن يثمر سريعا بل يستغرق زمنا قبل أن نرى نتائجه. لكن لجميع النزاعات حلولا وما نحتاجه هو زعماء مستعدون للمغامرة وتغيير الأفق والمقاربة والاستفادة من أخطاء الماضي بدلا من إعادة طاحونة الشيء المعتاد كلما اكتشفنا أنفسنا أمام مجموعة مسلحة جديدة--جوناثان باول-مساعد سابق لطوني بلير .