رأي.. هناك مشكلة بين المسلمين أنفسهم

نشر
4 دقائق قراءة
Credit: isis

بقلم فريد زكريا

محتوى إعلاني

(ما يرد في المقال يعبّر عن وجهة نظر ولا يعكس وجهة نظر CNN)

محتوى إعلاني

لندن، بريطانيا (CNN) -- عندما انتشرت الأخبار الأسبوع المنصرم بأن مسلحا قتل جنديا كنديا عند النصب الوطني لضحايا الحرب، كان السؤال المطروح لدى الكثيرين – وإن بصوت منخفض – يدور حول إمكانية أن تكون البلاد على وشك مواجهة موجة جديدة من التطرف الإسلامي.

وبالفعل، فقد صدقت تلك التوقعات، إذ تبع ذلك قيام مارت كوتور بدهس جنديين من الجيش الكندي، في حين قام زيل طومسون بمهاجمة أربعة من رجال الشرطة في نيويورك. ولذلك كررت ما قلته في السابق من أننا – وبكل صراحة – نواجه مشكلة في العالم الإسلامي اليوم.

لقد فسر البعض الأحداث على أنها رد عنيف وأيديولوجي على العالم الغربي، معتبرين أن الجهاديين الثلاثة الذين شاركوا في الهجمات السابقة الذكر هم مجرد ظاهرة تؤكد هذا الأمر، ولكن التحليل العميق لشخصيات المتورطين يكشف ضعف هذا التحليل للأحداث.

فجميعهم من معتنقي الإسلام، أي أنهم ولدوا وتربوا في عائلات غير مسلمة، بل إن أحدهم، وهو مايكل زيهاف بيبو، تحول من حياة السهر والليل إلى في سنوات المراهقة إلى مدمن مخدرات وسارق اعتاد دخول السجون قبل أن يعتنق الإسلام لاحقا ويحاول السفر إلى سوريا من أجل "الجهاد"، لينتقل بعدها إلى محاولة شن حربه الجهادية الخاصة في كندا.

أما الشرطة الأمريكية، فقد أكدت من جهتها أن المتورط في مهاجمة عناصرها بنيويورك مضطرب نفسيا، وقد اعتنق الإسلام قبل ذلك بعامين، ما يعني أن المهاجمين ليسوا من بين الذين تربوا على الإسلام وفي أوساط مسلمة ساهمت بصقل نظرتهم إلى الحياة على مدى عقود من الزمن، بل على العكس تماما، هم من الشبان المضطربين الذين انزلقوا مباشرة إلى العنف والتطرف.

المتورطون في الهجمات هم من نوع الأشخاص الذين كانوا يبحثون عن أيديولوجيا يمكن لها أن تنسجم مع نظرتهم المضطربة للعالم، وقد وجدوا في الأفكار الإسلامية المتشددة ضالتهم.

من المفيد التذكير بأن هؤلاء لا يمثلون سوى أقلية صغيرة ومحدودة، وما يدل على ذلك هو أن عدد المسلمين حول العالم 1.6 مليار شخص، في حين أن الذين استجابوا لدعوات داعش والقاعدة المستمرة منذ سنوات لممارسة العنف قليل جدا جدا، ولو أن جميع المسلمين كانوا متشددين لكان لدينا أمور كثيرة لنقلق منها تتجاوز بالتأكيد تلك الهجمات المحدودة لثلاثة متطرفين.

ولكن هذا الأمر لا يجب أن يبعد أنظارنا عن واقع أن هناك مشكلة لدى المسلمين. لا يكفي أن يخرج المسلمون ليقولوا بأن المتشددين لا يمثلونهم، بل يجب يجب عليهم القيام بالمزيد من الخطوات من أجل الاعتراض على هذه الممارسات الوحشية، كما عليهم أن يتأكدوا بأن دولهم ومجتمعاتهم تتقبل المعتقدات الأخرى وترفض أي شكل من أشكال التطرف أو معاداة قيم الحداثة.

لدى المسلمين كل الحق بالقول إنهم عرضة لشعور من التمييز المناهض لهم، ولكن حجتهم ستكون أقوى لو أنهم ساعدوا على محاربة كل أشكال التمييز داخل العالم الإسلامي أيضا.

نشر
محتوى إعلاني