سوريا.. أجواء أعياد الميلاد بين أنقاض حمص وجوقة الفرح في كنائس دمشق
أجواء الميلاد تعود إلى حمص.. ودمشق تحتفل بميلاد رسول السلام
دمشق، سوريا (CNN)-- تبدو زينات عيد الميلاد في دمشق، خجولةً هذا العام، مقارنةً بما كانت تشهده الأحياء المسيحية بالعاصمة السورية كـ "القصّاع، وباب توما" وغيرها، قبل سنوات الحرب.
إلا أن الاحتفالات بعيد ميلاد "يسوع المخلّص"، لم تغب كلياً عن الشام، التي تشهد أوضاعاً أمنيةً مستقرة نوعاً ما، قياساً بالعامين الماضيين، بينما تتوجه الأنظار إلى أحياء حمص القديمة "الحميدية، وبستان الديوان"، حيث تعود إليها الأجواء الميلادية، بعد أن غابت عنها ثلاث سنوات، تحصنّت خلالها فيها المعارضة المسلّحة، وسط حصارٍ الجيش السوري، لكن الوضع تغيّر مع استعادة السيطرة للجيش على تلك الأحياء وانسحاب المسلحين منها، مطلع شهر مايو/ أيار الفائت.
عشيّة التحضيرات لإقامة صلوات الميلاد، في كنائس العاصمة، شهدت كنيسة "سيدة دمشق"، والتي لا تبعد كثيراً عن أحد أكثر خطوط القتال سخونة، بـ"جوبر"؛ إقامة "ريستال" بعنوان "وبيرجع الفرح"، أحيته جوقة "الفرح الدمشقية" على مدى ليلتين متتاليتن الإثنين، والثلاثاء، بعد عامين على غياب احتفالات مماثلة، فقدت خلالها الجوقة أربعةً من أبنائها، ذهبوا ضحية تفجيرات، وقذائف الهاون التي أمطرت بها فصائل المعارضة المسلحّة أحياء دمشق.
الأب الياس زحلاوي، مؤسس جوقة الفرح سنة 1977، قال لـ CNN بالعربية إن "الأزمة لها قرابة الأربع سنوات، أثقلت على الناس، أرهقتهم، وتسببت لدى الكثيرين منهم، بشئٍ من اليأس، أسمع هذا في لقاءاتي بهم، وأقرأ، وأكتشف أن قسماً كبيراً منهم، بات يعيش فقط ليعيش، وقد سكنهم الإحباط."
وأضاف الأب زحلاوي: "خلال العامين الماضيين، لم نقم أي ريستال، لأننا عانينا كثيراً، فأطفالٌ وشبّانٌ وشابّات كثر، لم يعودوا يأتون إلى الكنيسة للتدريب، وفقدنا عدداً من أبناء جوقتنا، فكيف لنا ضمن هذه الأجواء أن نقيم احتفالاً كالذي أقمناه اليوم، لكننا بتنا ننعم في دمشق بهدوء نسبي، لذلك وأمام ما أشعر بإحباط الناس، قلت لعناصر الجوقة امضوا بهذا الاحتفال الميلادي، لنزرع قليلاً من الفرح في قلوبهم، ونقول لهم لا تخافوا نحن أحياء."
خلال "الريستال" الذي حضره موقع CNN بالعربية؛ كانت أجواء كنيسة "سيدّة دمشق" مفعمة بالرجاء والأمل، وانطلق صوت جميع الحضور، بتراتيل ميلادية، محببّة إلى قلوب الكثيرين، بعدما صدحت حناجر أطفال الجوقة، وشبابها بها لأكثر من ساعتين.
هذا في دمشق، أما بمدينة حمص، وسط سوريا، والتي كان لها نصيبٌ وافرٌ من الدمار، وويلات الحرب، على مدى أربع سنواتٍ تقريباً، تعود أجواء الميلاد إلى الأحياء المسيحية بقلب مدينة حمص القديمة، بعد غياب ثلاث سنوات، شهدت قتالاً عنيفاً، وحصاراً شديداً، بسبب تمركز مقاتلي المعارضة المسلّحة فيها، ومع انسحابهم منها، بدأت تلك المنطقة، باستعادة عافيتها تدريجياً، خلال الأشهر الماضية، فرغم أن ما يقدر بـ"70% منها مدمّر، و30% فقط من سكّانها قد عادوا"، إلّا إنّ جميعهم كما يقول ناجي درويش، مدير مؤسسة ندا للثقافة والفنون، ومقرّها حي الحميدية، لـ CNN بالعربية: "باتوا يحرصون على إقامة الصلوات بكنائسها كل أحد، تلك الكنائس التي لحقت بها أضرار كبيرة من جرّاء الحرب، وبعضها مدّمر، كما بنوا مؤخراً مغارة الميلاد، وأقاموا شجرة، وزينات العيد."
ويضيف درويش، موجهاً حديثه للسوريين: "الخسائر، خسائر الروح، فما هدم يمكن إعادة إعماره، لكن الأهم أن تصفوا نفوسنا، ونعود لمحبّة بعضنا البعض."