سلمان الأنصاري يكتب لـCNN .. "المهدي المنتظر" ينتظر دوره الإستخباراتي

نشر
4 دقائق قراءة
تقرير سلمان الأنصاري
رجل يمشي داخل الجامع الكبير في باريس، فرنساCredit: Dan Kitwood/Getty Images

هذا المقال بقلم سلمان الأنصاري، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

محتوى إعلاني

معروف لدى العالم الإسلامي بشقيه السني والشيعي أن هنالك أموراً غيبية في وقت حدوثها لكنها حتمية ويقينية لدى الكثيرين وهي تندرج تحت مفهوم أشراط الساعة. أحد هذه الأمور المتفق عليها لدى معظم المسلمين هو خروج المهدي المنتظر. فالسنة والشيعة يتفقون على أنهم يرونه مخلصاً وحاكماً عادلاً من السلالة الهاشمية وممهداً لخروج المسيح عيسى ابن مريم. الإختلاف الجوهري بين السنة والشيعة في هذا الشأن هو أن الشيعة يؤمنون بحياة ووجود هذا المهدي في سرداب معين وسيخرج حينما يحين وقت خروجه. بينما يرى السنة بأنه شخص عادي وبأنه شخصيا لا يعلم بأنه هو المهدي حتى يبايعه الناس على ذلك.

محتوى إعلاني

بحكم اهتمامي واطلاعي على شؤون الشرق الأوسط وبالأخص فيما يتعلق باستخدام وسائل الإعلام في الصراعات المذهبية. إني شخصياً أجد أن هذا المهدي المنتظر "القادم" لن يكون شيعيا أو سنيا بل سيكون هوليوديا.

أنا لست مع أو ضد فكرة خروج المهدي، وتأصيلها كفكرة ليس أصلا من اختصاصي فهذه مسألة دينية لها مختصيها وعلمائها. بل أنا مهتم في دراسة وتحليل استخدام الإعلام بكافة أطيافه لتحويل الإرث الديني والثقافي إلى واقع ملموس. فكما هو معروف بأن الجماعات التكفيرية والإرهابية كداعش وغيرها، استمدت قوتها من خلال وضع مثال حي لكلام كان مكتوبا قبل عدة قرون. الدموية والحرق والسبي والفتك والتنكيل بالخصوم وتكفير جميع البشر كان جزءاً لا يتجزأ من ارث مدون ومكتوب وعلى علاته. فالسيناريو والحوار كانا موجودين، وداعش عمل فقط على جانب الإخراج والتمثيل بالطرق الهوليودية. مازلت غير متأكد بخصوص طبيعة الدعم الإستخباراتي لهذه الجماعة، ولا أعتقد بأنه سيتم كشف هذا الموضوع خلال العشرين سنة القادمة. ومع أني لست ممن يسلم التسليم الكلي لنظرية المؤامرة، لكن هذا لا يمنعني من الاعتقاد بوجود تآمر جزئي وليس بالضرورة كلي في عالم  السياسة بشكل عام.

وبطبيعة الحال، كنت أتأمل حال الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كما لو لم أكن منتميا له، فوجدت بأنه ليس هنالك أسهل من قلب جميع موازين القوى ومن تحريك الشعوب باستخدام الإعلام الموجه وبالأًخص "البروباغاندا." فأنا لا أستبعد أبداً أن يتم توظيف الإيمان المطلق بالتراث الإسلامي من خلال حبك قصص إعلامية تتحدث عن خروج المهدي، ليتم من خلال ذلك زعزعة استقرار أي نسيج مجتمعي لدى أي دولة إسلامية.

تخيلوا لو قامت جماعة محترفة باختلاق قصة وهمية تدل على خروج المهدي وأن يتم تصويره وخلق زخم إعلامي مهيب لوجوده وبتحالف بعض المشاهير من "دعاة الفتنة" من خلال بيعتهم لهذا المهدي الوهمي، حتى وان علموا بأنه وهمي مادام يؤدي غرضاً في أنفسهم وهو بث الزعزعة والفوضى لدى الدول المستقرة كي يبدأوا باستثمار مكاسبهم السياسية. الأمر مفزع ومزعزع حينما يكون العمل الإعلامي ذا تأثير راديكالي على إستقرار الشعوب. المشكلة الأساسية لا تكمن في من يعمل على هذه الخطط الإعلامية التدميرية بل تكمن في المجتمعات غير الموفقه في مناعتها الثقافية. سيناريو وحوار الإرث الثقافي جاهز للإخراج والتمثيل، ولكن هل المجتمعات المستهدفة جاهزة لإستقبال هذة الأخبار؟ وبأية وسيلة ستستقبلها ؟هل بالسخرية أو بالفزع المؤدي للقلاقل والتفكك؟

نشر
محتوى إعلاني