عندما تخرج النساء عن صمتهن في لبنان

نشر
4 دقائق قراءة
Credit: RAMZI HAIDAR/AFP/Getty Images

بقلم مايا منّاع

محتوى إعلاني

بيروت، لبنان (CNN) -- عانت ربى الأمرين مع زوجها، كان يعذبها ويعنّفها جسدياً ويوجّه لها الاهانات بهدف تشويهها وإذلالها. لم تعد تحتمل الوضع، انتفضت على واقعها المرير، تجرأت ولجأت الى القانون، وأخذت حقها بالحماية بعد معاناة طويلة مع العذاب.

مهى، حالة أخرى. زوجها يحبها ويغار عليها حتى من خياله. لكن بالنسبة إليه، معنى الحب "ضرب الحبيب زبيب". أي حب هذا الممزوج بالتملك والغيرة والشك؟ في كل مرة كان يضربها ثم يواسيها لتعود الأمور الى مجراها، حتى حلت الفاجعة.

فمن كثرة العنف والضرب اللذين تعرّضت لهما مهى، دخلت المستشفى بسبب إصابة جسدها بالكسور وتشويهه نتيجة الحروق والكدمات التي تعرضت لها. وأراد زوجها وضع مادة السبيرتو على جسدها لحرقها وهي على قيد الحياة، وتفقير عينيها وتشويه وجهها.

وما زالت آثار العنف بادية على جسدها المنهك نتيجة الاغتصاب والضرب. فطلب أهلها المساعدة من إحدى الجمعيات النسوية لحمايتها، حتى لا يعيد زوجها الكرة، وقررت هي أن تضع حداً لهذا الوضع، فتقدمت بشكوى ضده، وأعطتها المحكمة حقها بالحماية في فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأسبوع. سجن زوجها فابتعد شبح العنف عنها، ولكي تتخلص كلياً من الاذلال طلبت الطلاق، ولم تسقط حقها إلا بعد ان حصولها على الطلاق، فتحررت من جلادها. 

أما سامية فاختبرت مرارة الحياة على يد زوجها، تهكم وضرب وإذلال أمام أعين اولادها. طلقته لكنها لم تسلم من العنف، سافر الزوج، فمشى الولد على خطى والده الذي كان يعنفه أيضاً، رأى طرق التعذيب واختبرها ثم طبّقها على والدته. لم تقوَ الام على اللجوء إلى القضاء لمحاسبة فلذة كبدها، فطلبت منه الاستعانة بمساعد اجتماعي، حضر بعض الجلسات، ثم اعتكف وبقي الوضع على حاله.

وطلقت راغدة زوجها بعد معاناة مع العنف، فرحل الزوج وبقيت هي في المنزل، فسكن معها ابنها وزوجته. ابنها أيضاً قلّد والده في الضرب والعنف، وتبعته زوجته، فاضطرت الوالدة إلى التبليغ عنهما وطردهما من المنزل، لتعيش بأمان من دون الخضوع لأي سلطة ذكورية.

حالات كثيرة تعيشها سيدات وأمّهات مع العنف والعذاب، أكثرها يبقى غير معلن. لكن ثمة نساء تمرّدن على الواقع وحصلن على حقوقهن. وعلى الرغم من المناداة بالحرية والديمقراطية والمطالبة بإعطاء المرأة حقوقها الانسانية، وعدم التمييز بينها وبين الرجل وحمايتها من العنف بكل أنواعه، فإن وضع المرأة في لبنان ليس أفضل من وضع النساء في باقي الدول العربية، بسبب الترتيبات الدونية والوضع الطائفي التمييزي.

ويمكن القول إن وضع المرأة يتغير في لبنان، بفضل خروج بعض النساء وخصوصاً الضحايا عن صمتهن وايصال معاناتهن، وتحرك بعض الجمعيات والمؤسسات الاعلامية لمساندتهن، وبفضل بدء تطبيق قرار الحماية الذي استفادت منه المرأة بموجب القانون رقم 293، بعدما قيدها المجتمع الذكوري ضمن تقاليد وعادات اجتماعية غير متساوية ومجحفة بحقها.

وما زالت المرأة في بداية المشوار للمطالبة بحقوقها والمساواة، بهدف نفض النظرة الدونية عنها وحماية نفسها من كل أنواع التمييز والعنف، وبانتظار إصدار قانون الأحوال الشخصية. 

نشر
محتوى إعلاني